ترقية تصنيف اليونان إلى «الدرجة الاستثمارية».. قصة طفل اليورو المشاغب
تحتفي اليونان التي وصفت يوما ما بأنها "الطفل المشاغب بمنطقة اليورو" نتيجة ديونها الهائلة، بترقية تصنيفها الائتماني حاليا إلى الدرجة الاستثمارية لتصبح بمصاف الدول الآمنة التي يُنصح بإقراضها.
وقال رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس إن بلاده، التي كانت يوما ما الطفل المشاغب بمنطقة اليورو، سوف تبقي على إصلاحاتها الاقتصادية الهيكلية بعدما رفعت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفها الائتماني إلى الدرجة الاستثمارية.
- أرقام مرعبة.. أول تقييم بيئي لحرائق اليونان
- اليونان تمنح زوارها الفارين من حرائق الغابات عطلات سياحة مجانية
إنجاز وفخر
وغرد ميتسوتاكيس عبر منصة إكس (تويتر سابقا)، في وقت متأخر أمس الجمعة: "إنها خطوة تاريخية مهمة، حيث رفعت ستاندرد آند بورز تصنيف اليونان إلى الدرجة الاستثمارية. أنا فخور بالاعتراف بما حققته البلاد".
وأضاف: "عقدنا العزم على استمرار أجندتنا الإصلاحية، وهو مسار يجذب الاستثمار ويخلق الوظائف ويحقق النمو الشامل".
تاريخ من التحديات
تاريخيًا، عانت اليونان من مشاكل متعلقة بالتصنيف الائتماني والديون منذ العقود الأخيرة. ففي العام 2010، وبسبب الأزمة المالية العالمية والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي كانت تواجهها اليونان، أصبحت البلاد غير قادرة على سداد ديونها بمفردها.
في ذلك الوقت، تدخلت المؤسسات المالية الدولية والبنك المركزي الأوروبي لمنح اليونان حزمة إنقاذ مالية بقيمة مليارات اليوروهات بهدف تجنب تعثرها على سداد الديون وحدوث أزمة مالية أعمق في منطقة اليورو.
وفي مقابل ذلك، فرضت تلك المؤسسات شروطًا صارمة على اليونان، بما في ذلك تقليص الإنفاق العام وتنفيذ إصلاحات هيكلية في الاقتصاد.
تأثرت سمعة اليونان المالية سلبًا خلال تلك الفترة، وتم تخفيض تصنيفها الائتماني إلى مستوى "الخردة" من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية.
تأثير ذلك جعل من الصعب على اليونان الحصول على تمويل من الأسواق المالية الدولية وزادت تكاليف الاقتراض.
على مر السنوات، عملت اليونان على تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتقشف مالي لتحسين وضعها المالي واستعادة ثقة المستثمرين.
وفي العام 2018، تم انتهاء برنامج الإنقاذ المالي الثالث لليونان، وقد أظهرت بعض العلامات على التحسن في الوضع الاقتصادي للبلاد.
وفي العام 2021، عادت اليونان إلى الأسواق المالية العالمية واستعادت القدرة على استقراض الأموال بفضل تحسن تصنيفها الائتماني.
مع ذلك، لا يزال هناك تحديات اقتصادية تواجه اليونان، مثل البطالة العالية والدين العام الكبير. لذلك، تستمر اليونان في مواصلة تنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسات مالية مستدامة بهدف تحسين وضعها المالي وتعزيز نموها الاقتصادي.
كيف نجحت اليونان؟
أقرت اليونان بعض الإصلاحات الرئيسية، ومن بينها تقشف الميزانية حيث اضطرت إلى خفض الإنفاق العام وتقليص العجز في الميزانية. وتم تنفيذ برامج تقشف تشمل خفض الرواتب والمعاشات العامة، وإصلاح نظام التقاعد، وتقليص الوظائف الحكومية.
وعلى صعيد إصلاحات المالية العامة، تم تحسين إدارة المالية العامة وتشديد الرقابة على الإيرادات والنفقات الحكومية. وتم تعزيز الشفافية وتحسين جودة التقارير المالية وإجراءات المراقبة.
وفيما يخص إصلاحات النظام المصرفي، تم تنفيذ إصلاحات لتحسين القطاع المصرفي وزيادة شفافيته. وتقوية رقابة البنوك وتعزيز رأس المال المصرفي وتطبيق معايير أفضل لإدارة المخاطر.
وبخصوص تحسين مناخ الأعمال، تم اتخاذ إجراءات لتبسيط الإجراءات الإدارية وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتم تشجيع روح المبادرة الريادية وتعزيز القطاع الخاص.
وكذلك في إصلاحات سوق العمل، تم تنفيذ إصلاحات في قوانين العمل وسوق العمل بهدف زيادة المرونة وتحسين فرص العمل وتخفيض معدلات البطالة.
وفي خصخصة القطاع العام، تم العمل على برنامج خصخصة لبعض الشركات والممتلكات العامة بهدف زيادة الكفاءة وتحقيق عائد مالي.