السندات الخضراء سلاح مصر لتنويع إصدارات الدين
الحكومة انتهت من تجهيز البنية التشريعية المناسبة لإصدار السندات الخضراء لجذب مستثمرين أجانب جدد.
تتبنى الحكومة المصرية توجهاً نحو تنويع أدوات الدين من أجل تأمين إقبال قوي على السندات المطروحة في الأسواق الدولية، وتأتي السندات الخضراء على رأس الأدوات المالية الجديدة التي تصبو مصر للاعتماد عليها لجذب مستثمرين دوليين جدد.
وبحسب ما نقلته نشرة "إنتربرايز" الإلكترونية، الأربعاء، عن مسؤول حكومي رفيع المستوي -لم تذكره هويته- أن الحكومة المصرية تدرس إمكانية المضي قدماً في طرح سندات خضراء في السوق المحلية، في إطار استراتيجية خفض الدين العام الجديدة التي تهدف إلى تنويع مصادر التمويل.
ويتوافق ذلك مع إعلان وزير المالية الدكتور محمد معيط في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 أن هناك توجهاً لإصدار سندات خضراء لتمويل المشروعات التي تراعي المتطلبات البيئية في 10 مدن جديدة جارٍ بناؤها في مصر مثل العاصمة الإدارية، فضلاً عن اشتراط حصول أي جهة على شهادة خضراء "جرين بونص" الخاصة بالحفاظ على البيئة، كشرط للحصول على طلب تمويل من ميزانية الدولة.
والسندات الخضراء هي واحدة من أدوات الدين مثل السندات التقليدية ولكن تخصص أموالها للاستثمار في مشروعات صديقة للبيئة مثل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والأعمال الزراعية والمنشآت الخضراء ومشاريع كفاءة استخدام الطاقة والإدارة المستدامة للنفايات، والاستخدام المستدام للأراضي، والنقل النظيف، والإدارة المستدامة للمياه، والتكيف مع تغير المناخ، والمدن الجديدة.
وبدأت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية مشاورات عام 2018 مع مؤسسة التمويل الدولية لإعداد الإطار العام لدليل السندات الخضراء الذي يهدف إلى إنشاء سوق السندات الخضراء في مصر والمساعدة في التصدي للتغير المناخي.
وقال الدكتور محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن البنية التشريعية لمصر مؤهلة لاستقبال السندات الخضراء، حيث استحدثت تعديلات اللائحة التنفيذية التي أقرها مجلس الوزراء في الأشهر الأخيرة من عام 2018 مادة جديدة لتنظيم قواعد وضوابط إصدار السندات الخضراء للمساهمة في إتاحة أدوات مالية لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة.
وأوضح عمران أن السندات الخضراء تتيح لمصر جذب استثمارات أجنبية جديدة متخصصة في المشروعات الخضراء، وهو ما يتوافق مع توجه الدولة نحو التوسع في الطاقة الجديدة وإنشاء مدن وفقا لأحدث المعايير مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك تمويل مشروعات متوافقة مع المتطلبات والشروط البيئية.
وبحسب بيانات "مبادرة سندات المناخ" التي يقع مقرها في لندن، يقدر إجمالي حجم إصدارات السندات الخضراء بنهاية عام 2018 بنحو 521 مليار دولار منها 167.3 مليار دولار تم إصدارها العام الماضي بزيادة سنوية قدرها 3%.
وأشار رئيس الرقابة المالية إلى أن التوجه العالمي الآن يمضي قدماً نحو التوسع في السندات الخضراء لمقاومة التغير المناخي، وهناك مؤسسات استثمارية تخصص صناديق استثمارية للمشاركة في أدوات التمويل الخضراء.
وتعد الجمعية الوطنية للرهن العقاري الأمريكية "فاني ماي" أكبر مصدر للسندات الخضراء في العالم بقيمة 37.7 مليار دولار، يليها بنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 26 مليار دولار، ثم الحكومة الفرنسية بقيمة 12.2 مليار دولار وهي تعد أكبر كيان حكومي عالمي مُصدر للسندات الخضراء.
ويدعم البنك الدولي توجه الحكومات نحو المشروعات الخضراء من خلال إصدار سندات معيارية بمليارات الدولارات يتم بيعها للبنوك المركزية ولمؤسسات استثمارية كبرى أخرى للمساعدة على تمويل عملها الإنمائي مع تقديم عائد ثابت للمستثمرين.
وأوضح العضو المنتدب لإدارة الأصول بشركة أسطول القابضة للاستثمارات المالية محمد قطب، لـ"العين الإخبارية"، أن عائدات السندات الخضراء تكون قريبة من عائد نظيرتها التقليدية وتتحدد بناءً على التصنيف الائتماني للسندات وهامش التسعير دوليا.
ولكنه أشار إلى أن السندات الخضراء تتميز بالتمتع بإعفاء ضريبي في الأسواق العالمية كحافز للمستثمرين للإقبال عليها، فضلاً عن تقديم جهة إصدار هذه السندات أصل معين كضمانة للإصدار، وهو ما يحد من المخاطر مقارنة بالسندات التقليدية.
ورأى العضو المنتدب لإدارة الأصول بشركة أسطول أن توجه مصر نحو سوق السندات الدولية يعد خطوة جيدة للغاية في هذا التوقيت من أجل استقطاب شريحة جديدة من المستثمرين الأجانب لأدوات الدين المحلية بسعر فائدة مناسب.
ووفقاً للمعهد الاقتصادي في مدينة سانت جالن السويسرية فإن السندات الخضراء تصنف ضمن السندات الأكثر أماناً عالمياً، بفضل ارتفاع التصنيف الائتماني للشركات المُصدرة لها عن السندات التقليدية، حيث إن 38% من الشركات المصدرة للسندات الخضراء تتمتع بدرجة تصنيف ائتماني ممتازة "AAA" في حين تتمتع 17% بدرجة تصنيف ائتماني "AA".
وتتسم السندات الخضراء بكونها تصدر من أجل تمويل مشروعات معينة ويتم تقييمها بناءً على أهدافها البيئية، وتقدر "مبادرة سندات المناخ" حجم السندات الخضراء التي يحتاجها العالم لمواجهة التغير المناخي بنحو تريليون دولار بحلول عام 2020.