هدفان أحدهما خفي.. الدنمارك تعزز دفاعاتها في غرينلاند

في الفترة الأخيرة، تحولت غرينلاند إلى بقعة ساخنة على رقعة التنافس الجيوسياسي العالمي، خاصة في ظل الأهمية الكبيرة لمنطقة القطب الشمالي.
ومنذ أكثر من 3 قرون أصبحت السيادة في غرينلاند للدنمارك التي تسعى حاليا إلى تعزيز دفاعاتها العسكرية وسط منافسة دولية متزايدة.
وعلى الرغم من أن المخاوف المعلنة تركز على روسيا والصين، إلا أن بعض التحليلات ترى أن التحركات العسكرية والسياسية الدنماركية مرتبطة بالولايات المتحدة، وخاصة في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول رغبته في السيطرة على الجزيرة، وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
ويبلغ عدد سكان غرينلاند نحو 57 ألف نسمة وتمتلك مساحات شاسعة من التضاريس الوعرة والغنية بالموارد كما أنها وتتمتع بموقع استراتيجي حيوي ضمن ما يُعرف بـ"فجوة جيوك" التي تضم غرينلاند وآيسلندا والمملكة المتحدة، وتشكل بوابة رئيسية للملاحة البحرية عبر شمال الأطلسي.
هذا الموقع الفريد يجعل لغرينلاند أهمية بالغة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ولمراقبة التحركات الروسية في المنطقة.
وعلى الرغم من انشغال موسكو بحرب أوكرانيا، يتوقع مسؤولون عسكريون دنماركيون أن تعود روسيا لتعزيز قدراتها في القطب الشمالي بمجرد انتهاء الصراع، مستفيدة من خبراتها القتالية.
بدورها، لا تخفي الصين أطماعها في المنطقة، إذ أعلنت نفسها "دولة قريبة من القطب الشمالي"، ومولت مشاريع بنية تحتية، وطرحت مبادرة "طريق الحرير القطبي"، كما شاركت في تدريبات بحرية مع روسيا.
ومع ذلك، يؤكد كبار القادة العسكريين الدنماركيين، أن روسيا والصين لا يمثلان تهديدًا مباشراً لغرينلاند حاليًا، خاصة وأن الطبيعة القاسية للجزيرة، من جبال شاهقة وسواحل وعرة ومناخ قارس، تجعل من الصعب السيطرة عليها عسكريًا، خصوصًا في سواحلها الشرقية شبه المهجورة.
لكن الدنمارك أطلقت في يونيو/حزيران الماضي أكبر تدريبات عسكرية في تاريخها تحت اسم "الضوء القطبي"، شملت تدريبات برية وبحرية وجوية، بمشاركة فرقاطات وطائرات مقاتلة ووحدات خاصة.
ومن على متن الفرقاطة "نيلس يول" المشاركة في تدريبات "الضوء القطبي"، أشارت "سي إن إن" إلى تردد دوي المدافع البحرية وسط الجبال السوداء، مع تحليق المقاتلات فوق الأجواء القطبية في مشهد يعكس بوضوح سعي كوبنهاغن إلى طمأنة حلفائها وإرسال رسالة للجميع، مفادها أن "الدنمارك قادرة على حماية نفسها".
وفي الوقت نفسه، قالت الشبكة الأمريكية، إن الدنمارك رفعت إنفاقها الدفاعي في غرينلاند بأكثر من ملياري دولار، وأعلنت تأسيس قوة خاصة للقطب الشمالي، إضافة إلى شراء سفن بحرية جديدة وطائرات مسيرة بعيدة المدى.
ويشير المحللون إلى أن هذه الخطوات ليست موجهة فقط لموسكو أو بكين، بل تأتي في سياق الرد على الموقف الأمريكي، خاصة بعد الصدمة التي أثارها ترامب بتصريحه حول "ضرورة امتلاك الولايات المتحدة لغرينلاند" دون أن يستبعد إمكانية الاستيلاء عليها بالقوة.
هذه التصريحات أثارت قلقًا واسعًا في الدنمارك التي اعتبرت أن التهديد الأمريكي المحتمل لا يقل خطورة عن التحديات الروسية أو الصينية.
وانعكست هذه الأزمة الدبلوماسية على صفقات السلاح، حيث وقعت الدنمارك في خطوة لافتة أكبر عقد تسليحي في تاريخها بقيمة تفوق 9 مليارات دولار لشراء أنظمة دفاع جوي من شركات أوروبية، متجاهلة عرضًا أمريكيًا لشراء بطاريات "باتريوت".
ومع ذلك، تواصل الدنمارك الاعتماد جزئيًا على الأسلحة الأمريكية، خاصة مقاتلات "إف-35" لكنها أرادت من خلال صفقة أنظمة الدفاع الجوي مع أوروبا إرسال رسالة سياسية بأن السيادة الدنماركية على غرينلاند غير قابلة للمساومة، وأن كوبنهاغن مستعدة لاتخاذ خيارات دفاعية بديلة إذا شعرت بأن واشنطن لا تحترم مكانتها كشريك متكافئ، وفق "سي إن إن".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAg جزيرة ام اند امز