"العين الإخبارية" تخترق عالم تطبيقات "الدردشة المزيفة".. كيف نتجنب الخطر؟
باتت ظاهرة الابتزاز الإلكتروني عبر الإنترنت من أكثر الجرائم انتشاراً في مصر والعالم أجمع، بالتوازي مع تصاعد استخدام مواقع التواصل.
ويستخدم الجناة عدة برامج وتطبيقات بعضها مجانية ومتاحة عبر الإنترنت تساعدهم في تحقيق مبتغاهم، عبر إنشاء دردشة مزيفة تبدو كمحادثة حقيقية، ثم التقاط لقطة للشاشة وإرسالها إلى الضحايا.
وتعد ظاهرة الابتزاز الإلكتروني إحدى الوسائل الإجرامية المنتشرة خلال العقد الأخير في ظل تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا بشكل رهيب، فيما تسابق الدول الزمن لملاحقة الجناة تقنياً من جهة وتثقيف المواطنين من جهة أخرى.
ويحذر خبراء تكنولوجيا المعلومات من انتشار برامج وتطبيقات تنقل صورة طبق الأصل لمحادثات لم يجرها صاحبها بطرق سهلة وبسيطة، وتجعل أصحاب النشاط الإجرامي لديهم سهولة كبيرة، في ابتزاز ضحاياهم من خلال المحادثات أو الرسائل المفبركة بهدف الحصول على مكاسب مادية أو معلومات من الأشخاص بالإكراه عن طريق التهديد وصنع الصور والمشاهد المفبركة واستغلالهم بها عن طريق بعض التطبيقات ومواقع وصفحات الويب.
وحذر محمد الحارثي استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، من حالات التزييف والفبركات المصورة التي تحدث بالآلاف بشكل يومي، من خلال التطبيقات التي تُشكل ضررا على فئات كبيرة من المجتمع وتعرضهم للابتزاز، وبعض تلك التطبيقات تؤدي الغرض كاملاً رغم أنها مجانية ومتاحة واستخدامها ميسر وبسيط.
وحذر "الحارثي" من التطبيقات والمواقع الإلكترونية التي تستخدم في كتابة رسائل نصية، سواء على تطبيقات "الواتساب أو الماسنجر" أو رسالة sms وهمية ومزيفة بطريقة احترافية وكأنها حقيقية، ويستخدمها المبتز للإيقاع بضحيته.
وتكمن المشكلة في أن هذه التطبيقات تتيح فرصة التزييف والمحاكاة والتعديل، عن طريق اختيار اسم الراسل والمرسل إليه، وضبط الوقت والتاريخ الذي يريده أن يظهر في الرسالة المزيفة، واسم شبكة المحمول المستخدمة، ودرجة شحن بطارية الموبايل.
وأجرت "العين الإخبارية" تجربة حقيقية عن طريق أحد المواقع التي يتم الوصول إليها من خلال صفحات الويب، ولكنها تحتفظ بعدم نشر الصورة منعا للترويج للفكرة.
ويشير "الحارثي" إلى أن السبب في ذلك هو تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي وصلت إلى مستويات لم تكن متوقعة في الماضي القريب.
ويحاول "الحارثي" من خلال حديثه لـ "العين الإخبارية" توعية المواطنين وتحذيرهم من الوقوع في فخ هذه التطبيقات التي يتم استغلالها في أغراض غير أخلاقية، قد تفضي إلى تشويه سمعة الأشخاص وابتزازهم.
تقنيا يصعب بشكل كبير على أي دولة مهما بلغ تقدمها أن تحقق منعا كاملا لتلك البرامج، حسب ما يؤكد الحارثي، وذلك لأن هذه البرامج باتت بالآلاف ومنتشرة كالنار في الهشيم في سماء الإنترنت، فضلاً أن القائمين عليها محترفون، ولذلك فإن توعية المواطنين أقوى سلاح لمجابهة هذا الإجرام بالشكل الأمثل.
ويأمل استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي أن تقوم الدول بعمل حملات التوعية من عمليات الابتزاز والاستغلال التي يلجأ إليها البعض بغرض تحقيق مكاسب مادية ومعنوية، والتحذير منها وعدم تصديقها.
من جانيه، حذر الدكتور سمير عبدالفتاح، أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة عين شمس المصرية، من تنامي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني لدى المواطنين بهدف تحقيق ربح سريع، أو الوصول إلى مآرب أخرى كالزواج أو المواعدة، سيما وأن الشخص المبتز بوجه عام يميل إلى تحقيق رغباته بأي وسيلة ممكنة.
ويعتقد عبدالفتاح، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن وسائل التواصل الاجتماعي فتحت شهية أصحاب السلوك المنحرف إلى اللجوء إليه من وراء الشاشات لتحقيق منافعهم وبطريقة متزايدة لأنهم في أغلب الظن يتوقعون أنهم في مأمن كامل من العقاب والملاحقة، فضلاً أن الشخص المبتز نفسه قد لا يكون على دراية بهوية من يبتزه، ما يزيد من القلاقل داخل المجتمع ويؤدي إلى انتشار الجريمة.
ويواصل عبدالفتاح مؤكداً أن نسبة غير قليلة من المبتزين قد ينجحون في تحقيق أهدافهم لأنهم يختارون ضحاياهم بعناية، في الوقت الذي يخشى فيه الضحية افتضاح أمر سري خاص به، ولهذا فإن تشديد عقوبات الابتزاز الإلكتروني والابتزاز بوجه عام أحد أهم الأسلحة التي تقدمها الدولة لمواجهة شبح الابتزاز خلف الشاشات المستترة.
فيما نصح المستشار أحمد عبدالرحمن الصادق، رئيس محكمة القاهرة الجديدة الأسبق، الأشخاص الذين يقعون ضحية "الابتزاز الإلكتروني" بسرعة التوجه إلى الجهات المعنية بالأمر، والمتمثلة في إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات، باعتبارها الجهة الأقدر والأسرع في التعامل مع مثل هذه الجرائم.
وتتلقى إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في مصر شكاوى بالمئات من مثل تلك الجرائم، حسب ما يقول "الصادق"، ونجحت بالفعل في التصدي ومجابهة أية انتهاكات لحرمة الحياة الخاصة أو اعتداء غير مشروع على المحتوى المعلوماتي للأشخاص.
ولفت إلى أن وزارة الداخلية المصرية قامت بالربط بين إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات وبين شركات المحمول المستخدمة في مصر، حتى يسهل ضبط المتهم بتتبع "IP" الشخص المرسل.
وأكد رئيس محكمة القاهرة الجديدة الأسبق في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 5 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال ثبوت تهمة "الابتزاز الإلكتروني" على المبتز سواء كان ابتزازه ماديا أم معنويا.
وكشف "الصادق" أن في حالات الابتزاز يتم الاستناد إلى قانون العقوبات أيضاً، والذي ينص على معاقبة من يهدد شخص بجريمة ضد النفس بالحبس مدة لا تتجاوز 3 سنوات، وذلك في حال أن التهديد غير مصحوب بطلب أموال، أما إذا كان مصحوباً بطلب مال فقد تصل العقوبة للسجن 7 سنوات.