توزيع الثروات.. إرث الماضي جرح غائر يعمق أزمة ليبيا
أزمات سياسية واقتصادية وأمنية تحديات شقت طريقها إلى ليبيا خلال أكثر من عقد من الزمان، بعضها كان يحمل بصمات إرث الماضي، فيما الآخر كان وليد الأحداث التي تعاقبت على البلد الأفريقي.
أحد أسباب تلك الأزمات ما أشار إليه القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، في كلمة، ألقاها مساء الإثنين، خلال لقائه عددًا من القيادات العسكرية والضباط بمقر القيادة العامة للجيش الليبي في منطقة الرجمة بمدينة بنغازي شرقي البلاد، والمتمثل في أزمة غياب التوزيع العادل للثروة.
المشير حفتر، طالب المسؤولين بضرورة توفير فرص العمل للشباب الذين يتطلعون للمشاركة في بناء دولتهم الحديثة، داعيًا إلى توزيع ثروة النفط بشكل عادل على أبناء الشعب الليبي.
وقال القائد العام للجيش الليبي إن "الشعب الليبي تضور جوعًا ولم يعد قادرًا على تحمل التصرفات غير المسؤولة والعبث المتعمد بثرواته ومقدراته التي يجب إعادة النظر في كيفية توزيعها بشكل عادل قبل فوات الأوان".
جرح غائر
تصريحات حفتر وضع خلالها يده على جرح غائر يؤرق الليبيين، منذ أمد ليس بالقريب، إلا أنه يتجدد كل حين، فارضًا نفسه على الساحة السياسية في البلد الأفريقي، وخاصة بعد الانقسامات التي ضربت ليبيا منذ 2014 وما تلاها، إثر تشرذم المؤسسات الاقتصادية بين شرقي وغربي البلاد.
الانقسام شمل البنك المركزي الذي تمركز برئاسة علي الحبري (أقيل قبل أشهر وعين مرعي البرعصي مكانه) في مدينة بنغازي شرقي البلاد بتبعية لمجلس النواب المنتخب، بينما الآخر ترأسه الصديق الكبير في العاصمة طرابلس تحت سلطة الأمر الواقع.
وحول أسباب تلك الأزمة، قال الخبير الاقتصادي الليبي مراد الصابري، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن أحد أهم أسباب أزمة عدم التوزيع العادل للثروة في ليبيا، التراكمات الزمنية التي تعود إلى عشرات السنين.
جذور الماضي
وأوضح الخبير الاقتصادي الليبي، أنه في عهد معمر القذافي الذي حكم ليبيا لأربعة عقود كاملة كان النظام يركز جميع المؤسسات الاقتصادية الكبرى في العاصمة طرابلس دون باقي المدن، مما جعل التنمية والإنفاق تتمركز في العاصمة، بشكل خلق لدى باقي المدن إحساسا بالتهميش وعدم العدالة.
وأضاف: "بعد الإطاحة بالقذافي استمر ذلك الوضع، وبعد أن انقسمت البلاد استفاد الطرف الموجود والمسيطر على طرابلس من ذلك الوضع المركزي وأصبح يتحكم بثروات ليبيا".
وأشار الخبير الليبي إلى أن بلاده "تعتمد على إيراد النفط بشكل أساسي في ميزانيتها العامة والمؤسسة الوطنية للنفط التي كانت تدار بشكل منفرد من قبل المقال مصطفى صنع الله، لصالح السلطة الحاكمة في الغرب، رغم أن الجيش الليبي في الشرق من يؤمن حقول وموانئ النفط، المتمركزة أغلبها هناك".
وتابع: "أموال بيع النفط تصب بشكل حصري لدى المصرف المركزي في طرابلس والذي يديره الصديق الكبير، مما تسبب في مشكلة عدم التوزيع العادل لثروات ليبيا ".
وأشار إلى أن "أزمة غياب التوزيع العادل للثروات الليبية جرح قديم، وضع قائد الجيش الليبي اليوم يده عليه وشخصه للبحث عن علاج".
وتيرة بطيئة
في السياق نفسه، قال الكاتب الليبي سراج الدين بالخير، إن هذه الأزمة يعمل المجتمع الدولي على حلها لكن بوتيرة بطيئة، مشيرًا إلى أن حديث المشير حفتر موجه للمجتمع الدولي القائم حاليا على خلق آلية لضمان التوزيع العادل للثروات الليبية.
وأشار إلى أن "تحذير قائد الجيش الليبي بشأن ضرورة وجود حل قبل فوات الأوان يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار".
وحول الجهود الدولية لحلحلة تلك الأزمة، قال الكاتب الليبي إن "مؤتمر برلين المنعقد في 19 يناير/كانون الثاني 2020 حول ليبيا لم يغفل على تلك المشكلة، حيث انبثق عن ذلك الاجتماع لجنة دولية معنية بليبيا بمشاركة كل الدول المشاركة في المؤتمر".
وأضاف: "بدورها انبثق عن تلك اللجنة عدة لجان منها اللجنة الاقتصادية التي تبحث إيجاد حل للمشكلة وهو ما ناقشته في آخر اجتماع لها في فبراير/شباط الماضي، بقيادة البعثة الأممية لدى ليبيا وحضور المبعوث الأممي الخاص عبد الله باتيلي ".
وأشار إلى أن ذلك الاجتماع ناقش "أهمية وجود مالية عامة شفافة لدولة ليبيا، يجب أن تكون خاضعة للمساءلة، إضافة إلى مراجعة التقدم في ملف إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي المنقسم شرق وغرب البلاد".
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNjEg جزيرة ام اند امز