حصار ومطاردة.. أمن هايتي يلاحق قتلة "مويز"
روايات متعددة ومعطيات مختلفة تتقاطع عندها إحداثيات لا تزال طور البحث حول اغتيال رئيس هايتي في سيناريوهات ترفع منسوب الضبابية والغموض.
جوفينيل مويز، رئيس هايتي، الذي مزق الرصاص جسده في غرفة نومه، قبل أيام، لا يزال يستقطب الاهتمام عقب رحيله الصادم، وسط رواية جديدة تقول إن مخطط اغتياله يشمل عدة دول، وشارك فيه ضباط جيش سابقون مخضرمون، واستغرق شهورًا من التخطيط، بحسب مسؤولين محليين.
ومع ذلك، يبدو أن المشتبه بهم الرئيسيين بالقضية غير مستعدين لأن يتعرضوا لملاحقة ضارية نفذتها قوات الأمن الهايتية.
شبكة "سي إن إن" الأمريكية حصلت على معلومات بشأن مطاردة قتلة مويز، الرجل الذي كان يعمل في تصدير الموز حتى دخل عالم السياسة، وقتل بغرفة نومه بمقر إقامته الخاص في نحو الساعة الواحدة صباحًا من الأربعاء الماضي.
وعند العثور على جثمانه، كان مليئًا بالثقوب جراء وابل الطلقات النارية التي تعرض لها، بحسب مسؤولين محليين مكلفين بمهمة توثيق مسرح الأحداث، والذين قالوا أيضًا إنه كان يعاني من كسر بالساق وندوب بالغة بالوجه.
وقال مسؤولون بالحكومة لـ"سي إن إن"، إن تلك الجروح هي مؤشر على تعرضه للتعذيب.
ورغم وابل الأعيرة النارية الموثق إطلاقها داخل منزل الرئيس، لم يصب أي فرد من حراسته أو موظفي محل إقامته، بحسب السلطات.
وطبقًا لـ"سي إن إن"، يظل ما حدث بالضبط داخل منزل الرئيس ومن يقف وراء تدبير الهجوم أسئلة رئيسية بدون أجوبة في لب عدة تحقيقات تتضمن وكلاء بارزين من الولايات المتحدة وكولومبيا، إلى جانب السلطات المحلية.
وتقول الشبكة إنه يمكنها الآن تسليط الضوء على جزء صغير من اللغز: كيف تعاملت قوات الأمن أولًا مع عملية الاغتيال؟
ووصف مصدر مطلع على العملية لـ"سي إن إن" حصارًا دمويًا ومطاردة استمرت عدة أيام عبر الحي الراقي الذي كان يعيش فيه الرئيس بالعاصمة بورت أو برنس، والربع الشعبي المجاور، وواجهة محل مهجور على جانب الطريق، والسفارة التايوانية.
فخ
أظهرت لقطات مصورة من ليلة مقتل مويز رجالا مجهولين يطلقون الأعيرة النارية بالهواء، ويرددون: "عملية لإدارة مكافحة المخدرات (الأمريكية)! فليتراجع الجميع"، باللغة الإنجليزية بينما يسيرون بالشارع قرب القصر الرئاسي.
وسارعت قوات الأمن الهايتية التي علمت بالهجوم إلى المنزل بعد فترة ليست بطويلة، لكن كان قد فات الأوان.
وطبقًا لمصدر مطلع على العملية، لاحظت فرق إنفاذ القانون التي كانت تصل إلى مسرح الأحداث في ساعات الصباح الأولى قافلة مشبوهة مكونة من خمس سيارات قرب منزل الرئيس.
وخوفًا من أن مويز أو آخرين ربما لا يزالون محتجزين رهائن بالداخل، تجنبوا المواجهة وسمحوا للموكب بالمغادرة، لكن كان هناك فخ. فعلى الطريق الرئيسي المؤدي لوسط المدينة، واجهت السيارات حصارًا شرطيا، حيث احتشد المئات من عناصر الأمن في الظلام.
ونظرًا لعدم قدرتهم على العودة بسياراتهم على الطريق الضيق، هرب المهاجمون وتركوا أسلحتهم داخل السيارات. وفي محاولة يائسة للاحتماء، قفز البعض في وحل قناة صرف على جانب الطريق، بينما انتشر آخرون بالمباني المحيطة، بحسب المصدر.
حصار
قبل شروق شمس الأربعاء الماضي، علمت قوات الأمن الهايتية أن الرئيس فارق الحياة، وأن المشتبه بهم المحاصرين معهم رهينتان على الأقل من الحرس الرئاسي.
كان هناك يقين متزايد بأنهم يواجهون خصوما أجانب، وربما مرتزقة مستأجرين. وقال المصدر: "يمكننا سماعهم يتحدثون ويصيحون بالإسبانية. كانوا يتحدثون، وكانوا يعلمون بالضبط ما هم بصدد فعله."
واختارت قوات الأمن الهايتية انتظار خروج الهاربين، نظرًا لعلمهم أن الرطوبة الشديدة وحرارة الصيف القاسية وعدم وجود مياه شرب ستضعف دفاعاتهم. وقد تم العثور على زجاجات مياه في السيارات التي تركوها.
وفي الساعة السابقة تقريبًا، تلقت سيدة من ريف كولومبيا مكالمة هاتفية من شقيقها، رجل تصفه بـ"البطل".
وقالت جيني كابادور لـ"سي إن إن"، إن شقيقها دوبرني اتصل بها من هايتي، حيث كان يعمل بمنصب أمني خاص، وقالت إنه أخبرها بأن الأمور سارت بشكل سيئ، وأنه "تحت الحصار والنار والقتال".
وأضافت أن شقيقها تم استئجاره بدافع الحماية وليس القتل، وأنها لا تعتقد أنه مسؤول عن اغتيال الرئيس مويز.
ومرت الساعات وارتفعت الحرارة، لكن لم تكن هناك حركة من الجانب الآخر. وألقت القوات الهايتية ثلاث عبوات غاز مسيل للدموع على الطريق أمام المتجر، مما سمح بانتشار الغاز بالداخل. ثم بدأت المفاوضات عبر هاتف أحد الرهائن.
وقال المصدر: "في البداية، لم نعلم عدد الأشخاص هناك حتى تحرير الرهائن. الرهائن قالوا إن هناك نحو 25، وقلت: حسنا، نتعامل مع كتيبة".
وبدأت مجموعة صغيرة من القوات الهايتية الهجوم للسيطرة على المتجر المحتل. وأشار المصدر إلى أن المرتزقة المزعومين كانوا مسلحين جيدًا، حتى إنهم ألقوا قنابل يدوية على القوات، لكنها لم تنفجر.
سفارة تايوان
وفق الشبكة الأمريكية، علمت قوات الأمن بعد ذلك أن المشتبه بهم يهربون بهدوء عبر التل.
وتظل مسألة كيفية معرفة مجموعة أجانب للسفارة التايوانية ووجودها على مسافة قصيرة من مكانهم غير واضحة، لكن تسلق عدد من الهاربين التل وعبروا ممرين.
ويوم الخميس، تم العثور على 11 من المشتبه بهم، وألقي القبض عليهم بدون وقوع حوادث داخل السفارة، وتم العثور على المزيد بالمنطقة المحيطة.
لكن يظل بعض المشتبه بهم هاربين، وطلبت الشرطة الهايتية من السكان التزام اليقظة.
aXA6IDE4LjIxOC43My4yMzMg
جزيرة ام اند امز