نسك الحاج في أيام التشريق.. رمي الجمرات والمبيت بمنى
يقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه.
وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تأتي عقب يوم النحر، وهي أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وتعرف هذه الأيام الثلاثة باسم الأيام المعدودات.
سر التسمية
سُميت أيام التشريق بذلك لأن العرب كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره، وهناك قول آخر إنها سميت بذلك لأن صلاة العيد إنما تصلى بعد أن تشرق الشمس، فسميت الأيام كلها بأيام التشريق تبعاً ليوم العيد.
وهي أيام لم يرخص فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوم إلا من عجز عن هدي التمتع أو القران وذلك عملا بالحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا: (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي).
أعمال أيام التشريق
يقضي الحاج في مشعر منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر أو ليلتين لمن أراد التعجل، تحقيقًا لقوله تعالى "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" .
ويعد رمي الجمرات واجبا من واجبات الحج، والواجب على الحجاج رمي الجمرات الثلاث طوال الأيام التي يقضونها في منى؛ مبتدئين بالجمرة الصغرى فالوسطى ثم جمرة العقبة، بسبع حصيات لكل جمرة، ويكبرون الله مع كل حصاة.
ومن السنة للحاج الوقوف بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى مستقبلًا القبلة، رافعًا يديه يدعو بما شاء، ويتجنب مزاحمة ومضايقة إخوانه المسلمين، أما جمرة العقبة الكبرى فلا يقف ولا يدعو بعدها.
ويُعد الحادي عشر من ذي الحجة، اليوم الذي يلي يوم النحر، ثاني أعظم الأيام عند الله، وسُمي بـ"القَرّ" لأن الناس يقرّونَ ويستقرون في مشعر بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا.
ومن الأعمال المُستحبة فيه، "الاستغفار والدعاء"، و"التكبير المطلق والمقيِّد بأدبار الصلوات المكتوبة"، والإكثار من قول "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، وهو من أجمع الأدعية لخيري الدنيا والآخرة، وهو ما كان عليه الصلاة والسلام يكثر منه.
يوم التعجل
ومن أراد التعجل في يومين وجب عليه رمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة (ثاني أيام التشريق)، ثم يغادر منى قبل غروب الشمس، وهذا يسمى النفر الأول، فإذا غربت عليه الشمس ومازال في منى لزمه البقاء للمبيت بها ليلة الثالث عشر.
يوم النفر الثاني
وفي اليوم الثالث من أيام التشريق ويعرف أيضا بيوم النفر الثاني، يرمي الحاج كذلك الجمرات الثلاث كما فعل في اليومين السابقين، ثم يغادر منى إلى مكة ويطوف حول البيت العتيق للوداع ليكون آخر عهده بالبيت امتثالاً لأمره صلى الله عليه وسلم الذي قال (لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)، وفي ترك طواف الوداع دم لأنه واجب، ولا يعفى منه إلا الحائض والنفساء ثم الرحيل من مكة.
المبيت بمنى
والمبيت بمنى أيام التشريق واجب من واجبات الحج ومن تركه بدون عذر شرعي فعليه دم لأنه ترك نسكًا شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وبدلالة ترخيصه لبعض أهل الأعذار مثل الرعاة وأهل السقاية بعدم المبيت.
يقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، ويعد داخل حدود الحرم، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر .
وقت رمي الجمرات وشروطها
ويبدأ وقت رمي الجمرات أيام التشريق من زوال شمس يوم الحادي عشر وهو وقت دخول صلاة الظهر وينتهي بغروب الشمس لمن ليس له عذر، والأفضل فعل العبادة في أول وقتها لمن قدر على ذلك ولفعله صلى الله عليه وسلم وقوله "خذوا عني مناسككم"، ويجوز الرمي ليلاً لمن كان له عذر مثل كبار السن والضعفاء والنساء.
ويشترط في رمي الجمرات أن يكون المرمي به حصى، وأن تقع في الحوض الدائري، وترمى مفرقة، أي يرمي الحاج واحدة بعد واحدة، ولا يصح أن يرمي السبع جميعاً بكف واحد، وإذا رمى السبع بكف واحد تعتبر له رمية واحدة، أما ترتيب رمي الجمرات في أيام التشريق فيبدأ من رمي الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة ولا يصح العكس.
والجمرات الثلاث هي عبارة عن أعمدة حجرية وسط أحواض ثلاث، تشكل علامات للأماكن التي ظهر بها الشيطان، ورماه سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث تبعد المسافة بين جمرة العقبة والجمرة الوسطى نحو 247 مترا وبين الجمرة الوسطى والجمرة الصغرى نحو 200 متر.