حماس وإسرائيل.. هل يحرك مانغستو مياه الأسرى؟
ما بين شاليط وشاؤول وغولدين، تجد إسرائيل نفسها اليوم أمام فيديو قد يحرك مياه صفقات تبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية.
الفيديو الذي نشرته حماس، أمس الإثنين، يُظهر على حد ما جاء فيه، الإسرائيلي الإثيوبي الأصل أفرا مانغستو، أحد الإسرائيليين الذين تحتجزهم الحركة في قطاع غزة، منذ أكثر من ثماني سنوات، دون التحقق من صحة وتاريخ الفيديو
وفي المقطع البالغة مدته 43 ثانية، شوهد رجل قيل إنه مانغستو، جالسا ، يرتدي قميصا بأزرار، يتململ ويعقد ذراعيه بينما يقرأ رسالة قصيرة بصوت منخفض.
وتساءل مانغستو "إلى متى سأظل هنا في الأسر أنا ورفاقي بعد كل هذه السنوات من المعاناة والألم؟ أين دولة وشعب إسرائيل من مصيرنا؟.
وتزامن نشر الفيديو مع انتهاء مراسم تسليم وتسلم رئاسة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بين أفيفي كوخافي وهرتسي هاليفي، مما يشكل تحديا مباشرا للأخير وحكومته الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، إذا ما تم التحقق من صحة اللقطات.
لم يكن هناك ما يشير إلى تاريخ تصوير مقطع الفيديو، لكن الجناح العسكري لحركة حماس، أرفق المقطع بشرائح نصية مكتوبة باللغتين العربية والعبرية، تحمل قائد الجيش السابق، أفيف كوخافي مسؤولية "الفشل"، داعية خلفه هاليفي لإعداد نفسه لتحمل أعباء هذه التبعات.
ومانغستو هو واحد من 4 إسرائيليين تقول إسرائيل إن حماس تحتجزهم في قطاع غزة منذ عام 2014 حينما شنت تل أبيب حربا على غزة.
ولكن إسرائيل تقول إن اثنين من الأربعة هم جنديان (أورون شاؤول وهادار غولدين) قتلا أثناء المعارك، وهو ما لم تؤكده أو تنفه حماس.
وخلال رئاسته للحكومات السابقة، أولى نتنياهو ملف تبادل الأسرى اهتماما، ولكن الحكومة الأخيرة أهملته ويبدو أن حماس تعول على إعادة اهتمام "الملك" بهذا الملف.
وبرزت دعوات في إسرائيل خلال ساعات مساء أمس، تطالب نتنياهو بتعيين مكلف بملف المواطنين والجنود المفقودين.
وعلى مدار السنوات الماضية انخرطت إسرائيل في مفاوضات غير مباشرة مع حماس، لم تثمر إطلاق أي من هؤلاء.
إسرائيل تعلق وتتحرى
ودون أن تؤكد صحة الفيديو، وصفته الحكومة الإسرائيلية في نقاط نقاش أرسلتها إلى الوزراء بأنه "حيلة إعلامية ساخرة وحقيرة تستغل الحالة الإنسانية لمواطن إسرائيلي متخلف عقليا ، مما يثبت أكثر من أي شيء أن حماس محبطة وتحت ضغط".
وقال مكتب رئيس الوزراء إن "إسرائيل تستثمر كل مواردها وجهودها لإعادة أبنائها الأسرى والمفقودين إلى وطنهم ، إلى دولة إسرائيل".
وألقى البيان باللوم على حركة حماس في غزة لتعطيل صفقة تبادل الأسرى.
ودعا مكتب رئيس الوزراء، المجتمع الدولي إلى إدانة حماس لسلوكها اللاإنساني، والضغط من أجل الإفراج الفوري عن الأسرى الذين تحتجزهم.
وتعهدت إسرائيل بأن تواصل "بذل كل الجهود" لتأمين حرية هؤلاء؟
وفي سبتمبر /أيلول 2014 ، عبر مانغستو، الذي قالت عائلته إنه يعاني من اضطراب عقلي ، إلى شمال غزة، وبعد دخوله الجيب الساحلي، اعتقلته حماس التي تسيطر على القطاع منذ انقسام 2007.
العائلة حائرة بين الملامح والوزن
وفي حديث للإذاعة الإسرائيلية، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ران كوخاف، إن الجيش يقوم بتقييم صحة اللقطات.
وأضاف "نحن نبحث في هذا الفيديو. آمل أن يكون حقيقيا وأن مانغستو في صحة كاملة. من الصعب بالنسبة لي أن أقول ما هو مستوى مصداقية الفيديو".
وهو ما عبّر عنه يالو مانغستو، شقيق الأسير، قائلا إنه غير متأكد مما إذا كان أفرا هو نفسه الذي ظهر في الفيديو.
وتحدث يالو للقناة 12 الإسرائيلية: "أنا متحمس وخائف في نفس الوقت، أشاهد الفيديو، إنه يشبه أفرا ، لكن من ناحية أخرى ، إنه ليس هو بنسبة 100٪."
وتابع "هناك تشابه ، لكن ... لا أعرف ، لا أعرف ، لا أعرف". "لا أستطيع أن أخبرك بالتأكيد أنه هو."
لكن والدتهما أغارنش مانغستو قالت إنها لن تُعقب على ذلك إلا بعد أن تتضح الأمور تماما دون أي ريب أو شك.
ولم تشاهد الأسرة أي صور أو مقاطع فيديو لأفرا منذ أن عبر الحدود إلى غزة قبل أكثر من ثماني سنوات
تكتيكات وحرب نفسية
من جانبه، قال المحلل الأمني في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل: "بذل الجيش يوم الإثنين جهودًا كبيرة لتجنب الإجابة على السؤال الرئيسي الذي نشأ عن الفيديو الذي نشرته حماس والذي يُزعم أنه يظهر الرهينة أفرا مانغستو: هل هذا بالفعل هو الرجل الذي كان محتجزًا منذ عبوره الحدود إلى غزة قبل سنوات؟".
وأضاف في مقال تابعته "العين الإخبارية": "غموض إسرائيل مقصود. حماس تسعى لإشعال النار في المفاوضات مع القليل من الحرب النفسية، لكن إسرائيل تحاول عدم اللعب بقواعد اللعبة للجماعة المسلحة. حتى أن مسؤولي الحكومة الإسرائيلية ذهبوا إلى حد مطالبة وسائل الإعلام بالتصرف بمسؤولية وعدم استغلال تكتيكات حماس".
وأشار هارئيل إلى أنه "إذا كان الفيديو الأخير حقيقيًا بالفعل، فللمرة الثانية انتهكت حماس مبدأ مكانة المنظمات التي تحتجز إسرائيليين كرهائن على مدى سنوات عديدة: لا هدايا مجانية. تطلب الجماعات المسلحة عمومًا شيئًا محددًا مقابل الحصول على دليل على أن الرهينة لا يزال على قيد الحياة. هذه هي الرسالة التي نقلتها حماس لإسرائيل في السنوات الأولى من المفاوضات التي جرت بشكل متقطع".
وتابع: "تسعى حماس إلى الاستفادة من الاهتمام العام المحيط بتغيير رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي يوم الأحد، خاصة وأن أفيف كوخافي، رئيس الأركان المنتهية ولايته، أعرب عن أسفه في مقابلات وداع لفشله في إتمام صفقة تبادل الرهائن خلال فترة ولايته".
"ومع ذلك، بخلاف الرغبة في تحريك المفاوضات، تعكس الحرب النفسية التي تشنها حماس اعتبارًا آخر: لا يوجد لدى المنظمة أي مجال للمناورة. منذ نهاية حرب غزة في مايو (أيار) 2021، كان القطاع هادئًا نسبيًا، وحماس مترددة في المخاطرة بإثارة ذلك".
من هم الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم؟
تطالب حماس بالإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية مقابل الإسرائيليين الأربعة.
ويقف على رأس القائمة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" مروان البرغوثي، وزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وقادة حماس حسن سلامة وإبراهيم حامد وعبد الله البرغوثي وعباس السيد.
وباستثناء سعدات فإن باقي الأسرى محكومون بالسجن المؤبد لعدة أو عشرات المرات.
وسبق لنتنياهو أن أبرم صفقة تبادل مع حركة حماس عام 2011 بوساطة مصرية، تم بموجبها الإفراج عن أكثر من 1000 أسير مقابل الجندي جلعاد شاليط.