تصريحات لأبو مرزوق.. هل «ندمت» حماس على هجوم 7 أكتوبر؟

في اعتراف نادر من حركة حماس التي شنت هجومًا على إسرائيل قبل قرابة عام ونصف العام، مما أشعل حربًا دامية في الشرق الأوسط، أكد مسؤول بالحركة الفلسطينية، أنه لم يكن ليؤيد الهجوم، لو كان يعلم حجم الدمار الذي سيلحق بغزة.
إلا أن ذلك الاعتراف لن يعيد عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قتلوا، ولن يداوي جراح قرابة مليوني شخص آخرين شردوا، فضلًا عن الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية في غزة، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
وقال موسى أبو مرزوق، رئيس مكتب العلاقات الخارجية في حماس، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، إنه لو كان يعلم مسبقًا بحجم الرد الإسرائيلي الكارثي، لما كان ليؤيد الهجوم.
وأوضح أبو مرزوق، أنه لم يكن على علم بالتفاصيل الدقيقة للخطة، لكنه برغم ذلك كان جزءًا من القيادة السياسية لحماس التي وافقت على المضي في استراتيجية المواجهة العسكرية مع إسرائيل، مؤكدا أن النتائج الكارثية التي شهدها القطاع جعلت من المستحيل بالنسبة له أن يدعم هذه العملية لو كان على دراية مسبقة بتبعاتها.
تعكس تصريحات أبو مرزوق وجود تباينات داخل قيادة حماس بشأن تقييم تداعيات الهجوم، فبينما يصر بعض قادة الحركة، خاصة المقربين من إيران وحزب الله، على أن ما حدث كان «انتصارًا» لحماس، يرى جناح آخر في القيادة أن «الدمار والمعاناة الإنسانية التي تلته جعلته مستحيلًا من الناحية الأخلاقية والسياسية».
هذا الخلاف الداخلي قد يكون نتيجة مباشرة للضغوط التي تمارسها الجماهير الغزية، التي عانت من نقص الغذاء والدواء والتشريد، ما زاد من حدة الغضب الشعبي تجاه قيادة الحركة.
ويشبه الموقف الذي عبّر عنه أبو مرزوق إلى حد كبير التصريحات التي أدلى بها حسن نصر الله، زعيم حزب الله، بعد الحرب بين حزبه وإسرائيل في عام 2006، عندما اعترف بأن المجموعة لم تكن لتخوض المواجهة لو علمت بحجم الرد الإسرائيلي المدمر.
اليوم التالي
ورغم ذلك، يرى أبو مرزوق أن بقاء حماس وصمودها في وجه الحرب بحد ذاته «نوع من الانتصار». وذهب إلى حد تشبيه الأمر بشخص عادي يواجه مايك تايسون، الملاكم الأسطوري، قائلًا «إن تمكن هذا الشخص من البقاء واقفًا بعد القتال، فسيُنظر إليه على أنه حقق إنجازًا، حتى وإن لم يربح المباراة».
لكنه في الوقت نفسه أقر بأن الدمار الذي لحق بغزة لا يمكن اعتباره انتصارًا بأي حال من الأحوال، في إشارة إلى الثمن الباهظ الذي دفعه المدنيون الفلسطينيون.
في سياق آخر، بدا أن أبو مرزوق أكثر انفتاحًا من غيره من قادة حماس على مناقشة مستقبل سلاح الحركة في غزة، وهو أحد أكثر الملفات الشائكة في المفاوضات الجارية.
وقال إن حماس مستعدة للحديث عن «أي قضية تُطرح على الطاولة»، في إشارة إلى أن هناك مجالًا للنقاش حول إمكانية التوصل إلى تفاهم بشأن وضع السلاح مستقبليًا.
هذا التصريح يتناقض بشكل واضح مع الموقف الصارم الذي عبّر عنه مسؤول آخر في حماس، أسامة حمدان، الذي شدد قبل أيام على أن سلاح المقاومة «ليس مطروحًا للنقاش»، مما يعكس وجود خلافات داخل قيادة الحركة حول هذه المسألة الحساسة.
مفاوضات الأسرى
وفيما يتعلق بمفاوضات تبادل الأسرى، أوضح أبو مرزوق أن حماس مستعدة لإطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين دفعة واحدة، لكن بشرط أن تقوم إسرائيل بالإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، وإنهاء الحرب، والانسحاب الكامل من غزة.
وأشار إلى أن الحركة تطالب بإطلاق سراح ما بين 500 إلى 1000 أسير فلسطيني مقابل كل رهينة إسرائيلية، وهو رقم أعلى بكثير من النسب التي وافقت عليها إسرائيل في المراحل السابقة من المفاوضات.
لكن إسرائيل، وعلى لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، أكدت أنها لن توافق على إنهاء الحرب ما لم يتم القضاء على القدرات العسكرية والإدارية لحماس، مما يجعل التوصل إلى اتفاق شامل أمرًا صعبًا في ظل المواقف المتباينة بين الطرفين.
توضح هذه التصريحات أن هناك تحولات داخل قيادة حماس في طريقة تقييم نتائج الحرب، حيث بات البعض يقر بأن تداعياتها كانت كارثية على المدنيين الفلسطينيين، بينما لا يزال آخرون مصرّين على اعتبارها انتصارًا استراتيجيًا.
كما تعكس المواقف المتباينة بشأن ملف السلاح مدى تعقيد التحديات التي تواجه الحركة في المرحلة القادمة، خاصة مع استمرار المفاوضات مع إسرائيل، التي يبدو أنها مصممة على إضعاف حماس عسكريًا كشرط أساسي لإنهاء الحرب.