حكومة الحريري.. بين الخضوع أو تعرية المعرقلين
منذ إعلانه عن استعداده لتولي رئاسة الحكومة، مجددا، يدرك سعد الحريري أنه "سيتجرع السمّ" في مواجهة طلبات اللبنانيين والأفرقاء السياسيين.
"هذا السمّ" يبدو واضحا في مسار تأليف الحكومة التي يطالب اللبنانيون بأن تكون من الاختصاصيين ويفترض أن جميع الأفرقاء وافقوا على ذلك.
بينما على أرض الواقع، لا تزال الخلافات على المحاصصة بين الفرقاء وبالأخص رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومن خلفه حزب الله تحول دون قدرة سعد الحريري على تشكيل الحكومة بعد حوالي شهر على تكليفه.
وبات هناك سؤال ملح حول خيارات الحريري وكيفية تعامله مع هذه الضغوط وعما إذا كان سيبقى صامدا ويواجه ويرمي الكرة في ملعب المعرقلين، أم أنه سيخضع أو يعتذر عن المهمة.
فضح المعرقلين
النائب السابق والقيادي في "تيار المستقبل"، مصطفى علوش، قال إن الحريري لن يخضع ولن يعتذر، وهو أمام خيار واحد وهو تقديم تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية، وإذا رفضت عندها يكشف عن الجهة التي تعرقل الحكومة.
علوش أكد، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن تقديم التشكيلة هو الخيار الأخير الذي لا بدّ وأن يلجأ إليه الحريري بعد وصوله إلى حائط مسدود، ولأنه يدرك جيدا أن خيارا كهذا قد يؤدي إلى مشكلة أكبر.
وشدد على ضرورة اقتناع الجميع بأهمية تشكيل حكومة لإدارة الأزمة تنفيذا للمبادرة الفرنسية، لتقوم بمهام أساسية أهمها، استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتلقي وإدارة المساعدات.
وأشار إلى أن الحريري لم ولن يقبل بأن يكرّر تجارب الحكومات السابقة حيث كان باسيل وحزب الله يتحكمان بها على غرار الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب.
الفرصة الأخيرة
من جهته، قال المحلل السياسي، محمد نمر، إن لبنان اليوم أمام الفرصة الأخيرة، مؤكدا على أن "الحريري لن يعتذر ولن يخضع وإذا كان هناك من يجب أن يعتذر مستقيلا فهو رئيس الجمهورية ميشال عون".
وأضاف نمر لـ"العين الإخبارية" أن الوضع الذي يعيشه لبنان لا يحتمل نزاعات سياسية، والبلد يحتاج إلى حكومة تتناسب مع متطلبات اللبنانيين والخارج.
وأوضح أن الحريري لا يزال مصرا على صيغة جديدة للحكومات عنوانها "اختصاصيين غير حزبيين" صغيرة غير كيدية وتمثل التنوع اللبناني وتعتمد الكفاءة في اختيار الوزراء.
قبل أن يستدرك: "لكن للأسف الفريق الآخر وتحديدا التيار الوطني الحر وحزب الله يريدان حكومة محاصصة، حكومة تواجه الإدارة الأمريكية وترد على العقوبات، أي يريدان تحويل الحكومة منصة مواجهة إيرانية للعالمين الدولي والعربي".
ولفت نمر في الوقت ذاته إلى أن "هناك امتعاضا فرنسيا وأمريكيا وعربيا من الوطني الحر وحزب الله جراء التصرفات الكيدية التي يتعاملان بها تجاه الشعب اللبناني بعدما حولا اللبنانيين إلى دروع بشرية للرد على العقوبات الأمريكية".
وقال الخبير السياسي إن حزب الله وجبران باسيل يستخدمان موقع رئاسة الجمهورية لتعطيل البلاد وتهجير أبنائه، وهذه مسؤولية يتحملها الرئيس ميشال عون الذي لا يبالي بحال لبنان واللبنانيين وهمه الوحيد التعويض عن خسائر صهره.
أمام هذا الواقع، رأى نمر أنه "أمام الحريري عدة خيارات منها الاعتذار، لكن الأكيد والثابت أن الحريري لن يتراجع عن مهمة إنقاذ البلد.
واعتبر أن ما يقوم به هو الفرصة الأخيرة لهذا فإنه "لن يتراجع ولن يعتذر"، لافتا إلى أن "أي اعتذار من الحريري سيعني تسليم البلد لإيران ولحكم التعطيل والتخريب وعهد الفشل والانهيار".
أما الخيار الثاني أمام الحريري، حسب نمر، فهو "تقديم تشكيلة حكومية لوزراء اختصاصيين غير حزبيين وفق الأطر الدستورية وقائمة على مبدأ العيش المشترك الذي أرساه اتفاق الطائف وقوامه المناصفة والكفاءة وحينها تصبح الكرة في ملعب عون".
وأضاف: "إما أن ينقلها عون إلى مجلس النواب لتنال الثقة أو يعطل مسار إنقاذ البلد ويوقع ورقة نعي لبنان الذي يعيش انهيارا غير مسبوق بالقطاعات التربوية والصحية والاقتصادية والاجتماعية".
ومنذ تكليفه قبل حوالي شهر، لم يتمكن الحريري حتى اليوم من تشكيل الحكومة نتيجة العراقيل التي تواجهه بسبب السباق على المحاصصة وآخرها رفض رئيس الجمهورية وباسيل أن يضع الحريري أسماء الوزراء المسيحيين وعلى رأسها وزير الطاقة، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف منطلقا من مبدأ اختيار وزراء غير سياسيين وغير حزبيين.