كيف سيساعد «مدرب كرة القدم» هاريس على الفوز في الانتخابات؟
لم يكن اختيار كامالا هاريس، تيم والز، نائبا، ضربة عشوائية، بل خطوة مدروسة وفق قواعد لعبة "مختبرة" لقص أجنحة دونالد ترامب الانتخابية.
وأمس الثلاثاء، قدمت نائبة الرئيس كامالا هاريس، نائبها حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، في تجمع حاشد في فيلادلفيا.
وقوبلت خطوة اختيار حاكم ولاية مينيسوتا والمعلم السابق في المدرسة الثانوية ومدرب كرة القدم، تيم والز، بالترحيب في العديد من دوائر الحزب الديمقراطي نظرا لمؤهلاته التقدمية ومظهره كنائب نموذجي، إذ يوفر التوازن الإقليمي بين الولايات المختلفة، دون تنفير أي من مجموعات المصالح الرئيسية في الحزب أو الأجنحة الأيديولوجية.
وبصفته حاكم ولاية في الغرب الأوسط لم تصوت لمرشح رئاسي جمهوري منذ أكثر من نصف قرن، قد لا يقدم والز نفس القيمة الاستراتيجية للولاية المتأرجحة مثل حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو أو السيناتور مارك كيلي، وهما شخصيتان نافستا على الترشيح.
سمة مهمة
لكن ملف والز الشخصي يتميز بسمة واحدة تم تجاهلها إلى حد كبير، ويمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني.
والز هو نتاج ما يسمى بالمقاطعات المحورية، وهي مجموعة من حوالي 200 مقاطعة في جميع أنحاء البلاد صوتت مرتين لباراك أوباما قبل أن تنقلب إلى دونالد ترامب في عام 2016.
وتتجمع أكثر من 80 من هذه الأماكن في أربع ولايات فقط: إلينوي وأيوا ومينيسوتا وويسكونسن. وتميل هذه المقاطعات إلى أن تكون أكثر بياضاً وأقل ثراءً وتعليماً وعدداً من السكان من المتوسط الأمريكي.
وتميل هذه المقاطعات إلى أن تكون ريفية أو بلدات صغيرة، وهي بالتحديد الأماكن التي كان الديمقراطيون ينزفون فيها الأصوات في العقود الأخيرة.
وتعج المنطقة الجنوبية من مجلس النواب في مينيسوتا التي مثّلها والز لستة فترات في الكونغرس بهذه المقاطعات؛ وبالتحديد ثمانية منها بما في ذلك مقاطعته الأصلية.
ومن المرجح أن تثبت المهارات السياسية والأسلوب السياسي الذي صقله والز من التعامل مع هذه المقاطعات، أنه لا يقدر بثمن بالنسبة لمساعي الديمقراطيين للبقاء في السلطة.
لماذا والز؟
لم يتعلم والز فقط كيف يفوز كديمقراطي في مناطق ذات توجه محافظ، إذ كان فوزه الأول عام 2006 أحد أكبر الانتصارات في مجلس النواب في ذلك العام، بل تعلم أيضًا كيف يدافع عن السياسات التقدمية وبيعها للناخبين من الطبقة العاملة البيضاء المتشككة.
وتمكن والز من النجاة من الهزيمة الساحقة التي حققها الجمهوريون في عام 2010 والتي طالت معظم الديمقراطيين الآخرين الذين شاركوه نفس الظروف.
كما صمد أمام التيار الذي أحدثه فوز ترامب بفارق 15 نقطة على هيلاري كلينتون في جنوب مينيسوتا في 2016.
وعندما قرر الترشح لمنصب حاكم الولاية وترك الكونغرس في عام 2018، انقلبت دائرته إلى الحزب الجمهوري فور مغادرته، مما يعكس قدرته الاستثنائية على إقناع الناخبين المحافظين.
ولكن!
بيْد أن هناك حدود، بالطبع، لما يمكن لحاكم مينيسوتا التقدمي أن يقدمه للحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي، فهو لا يستطيع خلق الطاقة والحماس اللازمين لزيادة الإقبال في المدن الكبرى أو إعادة إنتاج هوامش جو بايدن الضخمة في الضواحي، إذ سيكون ذلك منوطًا بهاريس.
وبدلاً من ذلك، ستتمثل قيمة والز في الحد من هوامش الجمهوريين في المناطق الريفية في الولايات التنافسية، وإبراز صورة تتعارض مع نظرة الكثيرين للحزب الديمقراطي ورسائله حول السياسات التقدمية.
فضلا عن أن قدرة المرشح لنائب الرئيس الأمريكي، على مخاطبة الناخبين الذين انصرفوا عن الحزب الديمقراطي، قد تجعله فعالاً بشكل خاص في الهجوم ضد دونالد ترامب.
إذا نجح والز ولو بشكل معتدل في التغلب على زخم الحزب الجمهوري في المناطق غير الحضرية، فسيقدم خدمة كبيرة لهاريس.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في مجلة بوليتيكو، فإن هذه الاستراتيجية صفحة من كتاب قواعد اللعبة التي اتبعها أوباما خلال انتخابات سابقة، لتقليل النسب المئوية في المناطق الجمهورية التي شهدت انتصارًا ساحقًا، وكانت هذه الاستراتيجية أيضا، جزءًا من النموذج الديمقراطي المنتصر في عام 2020.
ويقول بريان جاردنر، كبير استراتيجيي السياسة في واشنطن في ستيفل لموقع "يو إس نيوز" الأمريكي: "قد يساعد الاختيار هاريس على المنافسة في المناطق الريفية حيث يتمتع والز بسجل في جذب الأصوات".
ويسكونسن
وبالتحديد، يمكن أن يكون والز مفيدًا بشكل خاص في ولاية ويسكونسن المجاورة، التي تضم 23 مقاطعة محورية، وميشيغان التي تضم 12 مقاطعة محورية.
ويوجد في ولاية بنسلفانيا ثلاث مقاطعات محورية فقط، إيري ولوزرن ونورثهامبتون، لكنها ذات أهمية خاصة. فكل واحدة منها تضم أكثر من 100,000 صوت، وقد تخلت اثنتان منها عن ترامب لصالح بايدن في عام 2020.
ولا تزال قدرة هاريس على الوصول إلى هذه الأنواع من الناخبين موضع تساؤل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنها لم تضطر إلى ذلك أبدًا. إذ لا يوجد في ولايتها كاليفورنيا التي تنتمي إلى حزب واحد (الديمقراطي)، مقاطعات محورية.
وتمكن بايدن في الانتخابات الماضية من استعادة 25 مقاطعة محورية من أصل 206، سيطر عليها ترامب في عام 2020، لذا فإن هؤلاء الناخبين ليسوا بعيدين تمامًا عن متناول الديمقراطيين، ويمكن لوالز أن يكون ذو فائدة كبيرة في هذه المهمة.