الرفاهية في عصر الثورة الرابعة.. حصاد أول أيام "قمة الصناعة والتصنيع"
المشاركون أكدوا أن كورونا أبرز الدور الهام للتقنيات الرقمية وضرورة تنمية الأسواق المحلية والإقليمية والحاجة الماسة إلى سلاسل قيمة مرونة
ناقش المشاركون في جلسات اليوم الأول من المؤتمر الافتراضي للنسخة الثالثة من القمة العالمية للصناعة والتصنيع، التي تنعقد بمبادرة مشتركة بين الإمارات و"اليونيدو"، مستقبل الصناعة في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز خيارات الطاقة المتجددة، وتأثير ذلك على التنمية المستدامة وتحقيق رفاهية الشعوب.
وأكد المشاركون أن تداعيات جائحة كورونا أبرزت الدور الهام للتقنيات الرقمية، وضرورة تنمية الأسواق المحلية والإقليمية، والحاجة الماسة إلى سلاسل قيمة عالمية أكثر فعالية ومرونة في التعامل مع مختلف الظروف.
وكشفت القمة، أن المساواة بين الجنسين تدعم الاقتصاد العالمي بـ12 تريليون دولار، وأن جائحة تفشي كورونا المستجد كانت فرصة لترتيب الأولويات، كما كشفت أن السياسات التجارية الحمائية تسببت في حرمان نصف سكان الأرض من الإنترنت.
وأكد المشاركون في القمة العالمية، أن الابتكارات التقنية ركيزة أساسية للارتقاء بالأداء الصناعي وشددوا على ضرورة التزام الدول الكبرى بالاقتصاد الأخضر.
وخلال جلسات القمة، دعا أنطونيو جوتيرس الأمين العام للأمم المتحدة إلى ابتكار حلول تكنولوجية لمواجهة كورونا، كما حثت روسيا على تقليل الحواجز الجمركية، وتوقع الخبراء أن تبث القمة الروح في "خطة مارشال لأفريقيا"
وشددت الإمارات خلال جلسات المؤتمر أنها ماضية في التركيز على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتعزيز نمو الصناعات الوطنية والارتقاء بتنافسيتها وتعزيز مساهمتها في زيادة القيمة المحلية المضافة وتنويع الاقتصاد.
وانطلقت فعاليات المؤتمر الافتراضي للنسخة الثالثة من القمة العالمية للصناعة والتصنيع، ظهر اليوم الجمعة، ومن المقرر أن تشهد غدا السبت فعاليات جديدة في يومها الثاني والأخير.
وشهدت اليوم الأول مشاركة رئيسية من الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات، إلى جانب لي يونغ، مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو".
التكنولوجيا الحديثة ركيزة النمو في الإمارات
وقال الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، خلال كلمة له بالقمة، إن الإمارات ماضية من خلال رؤية القيادة الرشيدة في التركيز على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتعزيز نمو الصناعات الوطنية والارتقاء بتنافسيتها وتعزيز مساهمتها في زيادة القيمة المحلية المضافة وتنويع الاقتصاد.
وتابع: "إدراكاً لأهمية دور التكنولوجيا في تعزيز نمو قطاع الصناعة، أسست القيادة الرشيدة في دولة الإمارات وزارة للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تشمل مهامها الأساسية تنمية الصناعات الوطنية وزيادة المرونة والتنافسية وتعزيز القيمة المحلية المضافة والمساهمة في تسريع التنوع الاقتصادي".
واستطرد:" تعد ابتكارات التكنولوجيا الحديثة في صميم مهام الوزارة التي ستعمل على الاستفادة منها للارتقاء بالأداء الصناعي وتعزيز التكامل بين مختلف القطاعات بصورة أفضل".
وأضاف: "من خلال نشر وتطبيق التقنيات الحديثة، نعمل على إرساء ركائز اقتصاد قائمٍ على المعرفة، وبناء منظومة توفر وتدعم خلق وظائف مستدامة، كما نسعى إلى تحقيق قيمة أعلى من قطاعاتنا الحيوية التي نمتلك فيها مزايا تنافسية مثل الطاقة والبتروكيماويات والمعادن وسلاسل التوريد والخدمات اللوجستية".
وتابع:" نستهدف القطاعات التي تعزز الاكتفاء الذاتي مثل المياه والزراعة والغذاء. وسنعمل أيضاً على خلق القيمة من قطاعات جديدة واعدة مثل التكنولوجيا الحيوية، والصحة، والصناعات الدوائية".
وأشار إلى دور جائحة كوفيد-19 في تسريع التحول الرقمي الذي يتماشى مع المهمة الأساسية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع في الاستفادة من الإمكانيات التي يتيحها العصر الصناعي الرابع.
وتناول الجابر انعكاسات الجائحة على سلاسل التوريد العالمية، مشيراً إلى أهمية دور التقنيات المتقدمة في حماية وتعزيز سلاسل التوريد.
وأوضح أن استخدام تقنيات "الذكاء الاصطناعي" يمكن أن تسهم في إحداث نقلة نوعية كبيرة في أداء قطاعات الصناعة والتصنيع، كما يوفر توظيف "البيانات الضخمة" رؤىً دقيقة تتيح اتخاذ قرارات فورية لمعالجة الثغرات، في حين تسهم تقنية "تعلم الآلة" في تسريع نقل المعارف والخبرات الضرورية بين مختلف القطاعات.
واختتم كلمته بتوجيه دعوة مفتوحة لتعزيز التعاون سعياً لتحقيق الأهداف المرجوة، قائلاً: "تماشياً مع نهج القيادة بمد جسور التواصل والتعاون مع المجتمع الدولي، فإننا ندرك أهمية الشراكات النوعية في تحقيق أهدافنا، وفي دفع عجلة التقدم والتطور في العالم بأكمله".
وتابع:"لا يخفى على أحد أنه على امتداد تاريخ دولة الإمارات، كانت روح الشراكة طابعاً أساسياً لنهجنا في تقديم حلول إيجابية للتحديات العالمية. ونحن على استعداد دائم لبناء شراكاتٍ مثمرة مع جميع الأطراف الراغبة بالتعاون والعمل معنا".
ابتكار حلول تكنولوجية لمواجهة كورونا
من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس أهمية تعزيز توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتسريع عملية التعافي من تداعيات وباء كورونا (كوفيد-19).
وسلط الأمين العام للأمم المتحدة في الكلمة التي ألقاها خلال افتتاح الدورة الثالثة الافتراضية للقمة العالمية للصناعة التصنيع، الضوء على التحديات العديدة التي صاحبت الوباء، والدور الذي يمكن أن يلعبه التحول الرقمي والطاقة النظيفة في صياغة مستقبل جديد أكثر شمولية واستدامة وازدهارًا.
وقال: "يمكن إدراك مدى اعتماد العالم على المنتجات الصناعية من خلال الاضطراب الذي تسبب به نقص الإمدادات الحيوية وتعطل سلاسل القيمة العالمية جراء الوباء.
وأضاف: ومع ما كان للوباء من آثار سلبية عديدة، فإنه ساهم في إحداث نقلة نوعية في التحول الرقمي في قطاعات التعليم والعمل والتواصل. وبفضل التكنولوجيا تمكنا من مواصلة أعمالنا، وتحسين الكفاءة وتعزيز السلامة في القطاع الصناعي، وتمكين البنية التحتية الحيوية.
كوفيد-19 فرصة
وبدروه، دعا بدر سليم سلطان العلماء، رئيس اللجنة التنظيمية للقمة العالمية للصناعة والتصنيع، إلى ضرورة تركيز الدول على الفرص التي أتاحها الوباء لإعادة تقييم أولوياتها.
وقال خلال الكلمة التي ألقاها في افتتاح الدورة: "كانت الأزمة بمثابة تذكير ضروري بأهمية تنمية الأسواق المحلية والإقليمية، وتأكيد على الحاجة إلى سلاسل قيمة عالمية أكثر فعالية ومرونة في التعامل مع مختلف الظروف".
وأضاف: "أدت الأزمة إلى تغييرات كبيرة وتحولات جذرية في العمليات الصناعية، والتي قد تكون بداية لواقع جديد من شأنه أن يزيد من التقارب بين الأنشطة الفعلية والافتراضية".
وأوضح العلماء: "بقدر ما قد يبدو هذا الواقع الجديد صعبًا بالنسبة لمعظم الشركات الصناعية في ظل التطورات الجيوسياسية والإجراءات الحمائية، يجب علينا تحقيق التوازن بين بناء سلاسل توريد فعالة
وتنافسية وبين بناء القدرات الصناعية المحلية القوية والقادرة على التعامل مع الأزمات".
الالتزام بالاقتصاد الأخضر
وناقش وزراء الطاقة في كل من الإمارات وروسيا وإندونيسيا، والتي تعتبر من أغنى دول العالم بمصادر الوقود الأحفوري، الجهود المبذولة لتنويع اقتصاداتها والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وفي مداخلته خلال جلسة تناولت خطة "مستقبل الطاقة"، أشار سهيل محمد فرج المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية في الإمارات، إلى أن بلاده اتبعت نهجًا طويل الأمد لتخطيط مستقبل الطاقة ومعالجة التغير المناخي".
وأوضح: "من المتوقع أن توفر الإمارات نصف احتياجاتها من الطاقة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2050".
وقال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي: "قمنا في عام 2017 بدراسة خياراتنا فيما يتعلق بمصادر الطاقة وكيفية توظيفها في جعل مدننا من بين أكثر مدن العالم ملاءمة للعيش في المستقبل".
وتابع:" نسعى بحلول العام 2050 للتحول من الاعتماد الكامل على الغاز الطبيعي في توليد الطاقة إلى تغطية نصف احتياجاتنا من الطاقة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة".
وأشار إلى أن الطاقة الشمسية سيكون لها النصيب الأكبر في ناتج الطاقة الإماراتي بحصة 44% مما يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70% ويؤدي إلى توفير 190 مليار دولار بالمقارنة مع كلفة الغاز الطبيعي.
وتعتبر الإمارات أول دولة تمتلك مفاعلًا نوويًا لإنتاج الطاقة في الشرق الأوسط، مع بدء تشغيل أول مفاعل من أربعة مفاعلات في محطة براكة للطاقة النووية.
وستوفر الطاقة النووية 24% من احتياجات الطاقة في الدولة عندما يتم تشغيل جميع المفاعلات.
روسيا وخطة 2040
ومن جانبه، ركز ألكسندر نوفاك، وزير الطاقة الروسي، على الحاجة إلى تقليل الاعتماد على المصادر غير المتجددة للطاقة.
وقال: "لقد حان الوقت للتوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة مع التغير الكبير الذي تشهده أسواق الطاقة العالمية. ومع أن الوباء قد ساهم في تغيير سلوك المستهلكين بشكل سريع، إلا أن هذا التغير بدأ بالفعل قبل ظهور الوباء".
وأضاف "ينخفض الطلب على النفط في الوقت الحالي، كما يدخل جزء أكبر من المصادر المتجددة للطاقة في سوق الطاقة العالمي. وتبلغ حصة النفط والغاز 85% من سوق الطاقة العالمي".
وقال نوفاك إن روسيا تحرز تقدمًا ثابتًا نحو تطوير الطاقة المتجددة، حيث أطلقت برنامجًا في العام 2014 بهدف إنتاج 6000 ميجاوات إضافية سنويًا من الطاقة الكهربائية المولدة بالطاقة المتجددة على مدى 10 سنوات وصولًا إلى العام 2024 من خلال الدعم الحكومي.
وتابع: يوفر الغاز الطبيعي حاليًا ما يقل قليلاً عن نصف إنتاج الطاقة في روسيا، حيث توفر الطاقة النووية والكهربائية ما يقرب من الخمس لكل منهما.
وقال: "في عام 2014، كان أقل من 1٪ من مزيج الطاقة لدينا من مصادر الطاقة المتجددة، وفي الوقت الحالي تبلغ النسبة نحو 2% ولكن يجب أن تصل إلى 4 أو 5%".
وتابع:" لقد التزمنا بمواصلة هذا البرنامج لمدة 10 سنوات أخرى حتى عام 2034 لإضافة 10000 ميجاوات أخرى إلى إنتاجنا، ومن المفترض أن تنخفض التكلفة بشكل كافٍ في ذلك الوقت بحيث تكون الطاقة المتجددة قادرة على المنافسة دون الحاجة إلى الدعم الحكومي".
المساواة تدعم الاقتصاد بـ12 تريليون دولار
وقالت الدكتورة ألينا سورجنر، الأستاذ المساعد في تحليل البيانات التطبيقية في جامعة جون كابوت: "ساهم التوجه نحو توظيف التقنيات الرقمية في بعض الصناعات بالتأثير سلبًا على مشاركة المرأة، خاصة وأن الغالبية العظمى من النساء في هذه القطاعات يتعرضن لخطر فقدان وظائفهم نتيجة لعمليات الأنظمة.
وأضافت "نلاحظ أن الكثير من المصانع لا توفر فرصًا مناسبة لتدريب النساء على المهارات الرقمية. ولذلك فمن الضروري دعم المبادرات التي تهدف إلى تدريب النساء على المهارات اللازمة لتمكين المرأة في المستقبل، حيث إن تعزيز المساواة بين الجنسين قد يعود على الاقتصاد العالمي بفوائد مادية تصل إلى 12 تريليون دولار بحلول العام 2025".
وتركزت النقاشات الأولية حول التحديات والفرص الحالية في ضوء الثورة الصناعية الرابعة على تعزيز مشاركة المرأة في القطاع الصناعي.
إندونيسيا في مهمة لتنويع الاقتصاد
وأشار الجنرال لوهوت بنسار باندجيتان، الوزير المنسق للشؤون البحرية والاستثمار في إندونيسيا، في كلمته التي ألقاها نيابة عن جوكو ويدودو، رئيس جمهورية إندونيسيا، إلى أن الانخفاض في أسعار الموارد الطبيعية أثناء الوباء أبرز أن اعتماد إندونيسيا على صادرات النفط والغاز غير مستدام.
وأشار إلى أن إندونيسيا ملتزمة بتنويع اقتصادها والقيمة المضافة لمنتجاتها.
وقال: "نسعى جاهدين لتحسين رأس مالنا البشري، ودعوة المستثمرين للتعاون مع وزارة الصناعة لدينا لإنشاء مدارس التكنولوجيا المهنية واستخدام قوة عاملة محلية أكثر قدرة على المنافسة. وأدعو الشركاء للاستثمار في إندونيسيا لتطوير صناعاتنا المعدنية ومشاريع الطاقة المتجددة والتي تتمتع دولتنا بإمكانيات واعدة في إنتاجها".
نصف سكان الأرض محرومين من الإنترنت
بدوره، كشف لي يونغ، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية " اليونيدو"، أن "الحمائية" تهدد وصول الإنترنت إلى نصف سكان العالم.
وأوضح أن تراجع الاستثمار وتنامي السياسات الحمائية يهددان قدرة العالم على نشر الاتصال بالإنترنت للسكان الذين لا يمتلكون تلك التقنية.
وأضاف خلال المشاركة مع هو لين تشاو، الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، في الجلسة التي عقدت تحت عنوان "نهضة القطاع الصناعي"، أن توفير الإنترنت لنصف سكان العالم المقدر عددهم بنحو 3.8 مليار نسمة، يبدو أمرًا بالغ الصعوبة وقد يستغرق الكثير من السنوات.
وأوضح أن غالبية هؤلاء "يعيشون في الدول النامية أو الأقل نمواً، وتتدني نسب الوصول إلى شبكة الإنترنت إلى أقل من 20% من السكان في بعض هذه الدول".
روسيا تدعو لتقليل الحواجز الجمركية
ومن جانبه، دعا دينيس مانتوروف، وزير الصناعة والتجارة الروسي، إلى مراجعة أنظمة التجارة العالمية، وإعادة النظر بشكل كامل في التوجهات التي تحدد العلاقات الصناعية والتجارية.
وأضاف مانتوروف أنه ينبغي إطلاق مبادرات طويلة الأجل للتقليل من الأثر السلبي للوباء والعودة إلى مسار التنمية المستدامة.
وتابع: " يجب علينا تعزيز شفافية أنظمة التجارة وتقليل الحواجز الجمركية وغير الجمركية".
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuMTkzIA== جزيرة ام اند امز