من بين فوائد ما كان يعرف بالـ"الربيع العربي" هو أنه كشف للناس في العالم العربي حقائق مذهلة عن جماعة الإخوان الإرهابية
من بين فوائد ما كان يعرف بالـ"الربيع العربي"، بل قد يكون الأهم، هو أنه كشف للناس في العالم العربي حقائق مذهلة عن جماعة الإخوان الإرهابية؛ حيث لم يكن من الممكن كشفها وفضح مؤامراتها وإقناع الرأي العام العربي بخطورة هذا التنظيم على المجتمع والوطن بهذه السهولة، لما نسجه من شبكة وخيوط حول أهدافهم غير المعلنة للعامة، والتي ألبسها ثوب الإنسانية والدين الإسلامي.
فأحداث هذا "الربيع" -الذي ضرب العالم العربي منذ عام 2011، والذي لا تزال المنطقة تعاني من آثاره- كشف "عورات" تنظيمات ودول وأشخاص تغلغلوا في مجتمعاتنا لعقود، أظهروا لنا سلوكيات وأحاديث ونوايا "مغلفة" تصورهم كأناس مسالمين وطيبين، مستغلين العاطفة الدينية وحاجة الناس المادية في بعض المجتمعات بأنهم خيرون، ومن ثم فقد تمثلت الصعوبة بالنسبة للجهات الحكومية في إقناع الناس أن هؤلاء ليسوا كما يبدون في الظاهر.
وانطلاقاً من ذلك، فمن الطبيعي أن يحظى الحوار الخاص للقيادي الإخواني الإماراتي السابق عبدالرحمن بن صبيح السويدي يوم الجمعة الماضية بالاهتمام الكبير، حيث كشف العديد من المعلومات والحقائق وطرق تجنيد الشباب واستغلال طموحاتهم لخدمة أهداف التنظيم "المبطنة"، ومن ثم فإن أفضل وصف للحوار والكتاب المنشور له هو أنه شهادة تاريخية من أحد من غرروا بهم للأجيال القادمة، ولمن يكابرون -حاليا- على تصنفيهم بأنهم أخطر تنظيم سياسي، وشهادة على صحة القرارات التي اتخذتها الحكومة الإماراتية ضدهم، لحماية الوطن وحماية مواطني الدولة ممن خدعوا وتورطوا معهم.
الكتاب والحوار ليسا المنشور الأول حول فضائح "الإخوان" ومؤامراتهم في أسرار تجنيد الشباب الإماراتي وممارسة الخديعة عليهم، وبالتأكيد لن تكون الشهادة الأخيرة في هذا الموضوع؛ لأن الانشقاقات بين أعضائه كنتيجة للحملات الإعلامية والأمنية ضدهم باتت كثيرة، ومن ثم فإن فضائحهم لن تنتهي
وهما نصيحة كذلك للشباب وأولياء الأمور، من أجل أخذ الحذر من الانسياق وراء تيارات غير واضحة الأهداف، وتعمل في سرية تتربص للشباب لتوظيفهم ضد مجتمعاتهم وأوطانهم لخدمة لنواياهم الحقيقية المتمثلة في الوصول إلى السلطة، على اعتبار أن استراتيجيتهم الحقيقية تقوم على إظهار ما يبطنون به، كما أن استراتيجيتهم تقوم على الولاء للحزب أو الجماعة وليس الوطن؛ لأنهم لا يعترفون بالحدود الجغرافية ولا الحاكم الشرعي للدولة، فولاؤهم فقط لـ"مرشد"، ودولتهم هي دولة الخلافة الإسلامية التي ينادي بها النظام التركي الحالي بين الحين والآخر، ويدعمه في ذلك نظام الحمدين في قطر.
إن النقطة الفارقة في تاريخ الإخوان كانت في الفوضى الأمنية التي سميت "الربيع العربي"؛ حيث تم الكشف عن أجنداتهم السياسية وارتباطهم بالخارج على حساب أوطانهم، لهذا لا ينبغي علينا إغفال مثل هذه الفضائح، كونها إيجابية ومساهمة بشكل كبير في توعية الناس بخطورة هذه الجماعة، وتصويب أفكار بعضهم، ومنهم صاحب كتاب: كبنجارا، التي تعني حسب ما ذكر مؤلفه بالملاوية: السجن؛ حيث سجن في ماليزيا (دار الأمان) الذي سجن فيه بتهمة تزوير وثائق سفر بمساعدة من تنظيم الحمدين في قطر، وهي نقطة أخرى ينبغي لصناع القرار في العالم أن يدركوها، بأن خطورة هذا النظام من خلال مساعدة الهاربين من العدالة لا يقل خطورة من التنظيم في تهديد استقرار العالم.
بكل صدق أصبحت الشعوب العربية، وكذلك الدول الأخرى التي كانت ملجأ لهم مثل ماليزيا والتي كانت تمثل لهم الوطن البديل، أكثر وعياً بحيل "الإخوان" وألاعيبهم، بل إنها بقدر ما أنها باتت مستفزة بمجرد تطرق الحديث إليهم فإن ذكرهم تحول إلى مجال للسخرية والتهكم في المجتمع، حتى صار الإخوان وكل من يتعاطف معهم يتهربون من مواجهة الواقع وتحقيرهم؛ لأنهم ليسوا إلا مخربين وخونة، ومن ثم لا يستاهلون التعاطف معهم.
الرائع في قضية الإخوان أن ثقة الناس فيهم أصبحت معدومة، لكن هذا لا يمنع من الاهتمام بكلام عبدالرحمن السويدي الذي لم يكن منظراً عن سلوكيات "الإخوان" أو يصور ما ينسجونه من خيوط وأفكار لاصطياد الشباب حتى نختلف أو نتشكك مما صرح به، فهو تدرج في هذا التنظيم من الصغر حتى أصبح أحد القيادات فيه، وهذا الأمر ليس بتلك السهولة لدى الإخوان، كما أنه لم يكن عضواً عادياً في هذا "التنظيم الشيطاني"، لذا فإن الطبعة الأولى من الكتاب 20 ألف نسخة نفدت بمجرد نزولها في معرض الشارقة في نوفمبر الماضي، لأننا يسعدنا في فهم "فقه التلون" الذي يتبناه هؤلاء بيننا، وسمعت كلاماً من إبراهيم غرايبة أحد قيادات الإخوان الأردنيين السابقين أن خطورتهم تكمن في قدرتهم على التراجع أثناء الشعور بالخطر، بل التشكل السياسي حسب ما يطرح، ولكنهم سريعاً ما يعودون إلى فكرهم بمجرد حصول فرصة.
الكتاب والحوار ليسا المنشور الأول حول فضائح "الإخوان" ومؤامراتهم في أسرار تجنيد الشباب الإماراتي وممارسة الخديعة عليهم، وبالتأكيد لن تكون الشهادة الأخيرة في هذا الموضوع؛ لأن الانشقاقات بين أعضائه كنتيجة للحملات الإعلامية والأمنية ضدهم باتت كثيرة، ومن ثم فإن فضائحهم لن تنتهي، وكلها تصب في صالح القرارات التي اتخذت ضدهم بأنهم خانوا الوطن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة