كورونا في غزة.. المعاناة بين حصارين: الاحتلال والفيروس
العاملون في المجال الطبي بقطاع غزة وجدوا أنفسهم بين حصارين؛ حصار الاحتلال وحصار فيروس كورونا.
لم تعد أيامهم كما كانت من قبل ظهور فيروس كورونا في العالم؛ فتهافتهم على الحالات المصابة أثناء الحروب، والحوادث تراجع ببطانة الحذر وتوخي الحيطة؛ فالأمر مختلف الآن، فالإصابات العادية مهما كانت خطرة إلا أنها غير معدية، لكن فيروس كورونا يلزمهم باتباع إجراءات السلامة الشخصية، والوقاية الذاتية، قبل التعاطي مع أي حالة مرضية.
وفي غزة وفي ظل ظروف عصيبة أصلا، يتفاقم الوضع ليضاف إلى الهموم هم حماية العاملين في ميادين الطب والإغاثة الصحية، بعيدا عن عدوى الفيروس، ليجدوا أنفسهم بين حصارين؛ حصار الاحتلال الإسرائيلي وحصار فيروس كورونا.
الحذر وقاية والتوعية بداية
تقول الدكتورة وسام عبدالحميد، مديرة مركز التحاليل الطبية في الهلال الأحمر الفلسطيني بمحافظة خانيونس، جنوب قطاع غزة لـ"العين الإخبارية": "كل شيء تغير في حياتي، فظاهرة الوباء المستحدث كورونا أصاب العالم بشكل مفاجئ، خاصة أن قطاع غزة المحاصر منذ 14 سنة، والمرافق الطبية من مستشفيات ومراكز وعيادات تعاني من نقص حاد على مستويات عدة، أهمها الأجهزة الطبية والتأهيل العلمي للطواقم الطبية، وتراجع حاد في المستشفيات من حيث الأسرة، والإمكانيات، ومن جديد طرأت حاجة ماسة للدم خاصة لمرضى التلاسيميا".
وتدعو عبدالحميد الفلسطينيين إلى التبرع بالدم في المراكز المخصصة، لافتة إلى حالة الذعر الصادر عن فيروس كورونا.
وتضيف: "اتخذت جملة من الإجراءات الاحترازية وطبقتها على أفراد عائلتي، فأنا لا أدخل منزلي بعد يوم العمل بشكل مباشر، بل أنتظر خلف الباب قليلا ليدخل الأولاد إلى غرفهم، وأخلع حذائي وأضعه في كيس وأتركه خارج البيت، ومن ثم أدخل الحمام مباشرة وأستبدل ملابس العمل كلها، وأضعها في كيس خاص، ومن ثم أستحم وأعقم نفسي جيدا، وإذا انتهيت أخرج بهدوء وأتعامل بحذر شديد مع أولادي، خاصة الأطفال دون العاشرة، فلا عناق ولا قبلات ولا حتى سلام باليد، ولا لمس، وأجلس بعيدا عنهم مسافة مترين على أقل تقدير".
أما شقيقها أنيس عبدالحميد (42 عاما)، مدير قسم الإسعاف بمستشفى ناصر بمحافظة خانيونس، فتعذر التواصل معه لأن حياته اختصرت في عمله وبضعة ساعات يحضر فيها ليلا إلى البيت وأولاده نيام.
يقول ابنه محمد (17 سنة) لـ"العين الإخبارية": "منذ دخول كورونا واتخاذ تدابير الوقاية المشددة، لم نلتقِ والدي ولا والدتي التي تعمل أيضا في الميدان الطبي إلا نادراً ربما في أيام الجمعة نراهما ساعتين، وتصرفاتهما اختلفت كثيرا، فهما يصعدان الى الطابق الثاني في البيت وهو غير مسكون، ويجريان عملية تطهير من الملابس، ويتعقمان جيدا، ثم يتناولان الطعام كل على حدةِ، ووالدتي قبل أن تنام تحضر لنا طعام اليوم التالي، وتكتب لنا جملة من الإرشادات والتعليمات وتتركها في مكان ما نعرفه، وإذا رأيناهما يتعاملان معنا بكل حذر".
الدكتور الصيدلي عدنان العقاد يكشف لـ"العين الإخبارية" عن الطارئ في عمله فيقول: "منذ بداية انتشار فيروس كورونا بدأ الطلب على المعقمات والمطهرات يتزايد، ورتفعت أسعارها، بالإضافة إلى الأدوية المقاومة لنزلات البرد والإنفلونزا ومخفضات الحرارة".
ويقول بسام مسلم (54 سنة)، مسؤول قسم التمريض في مستشفى ناصر بمحافظة خانيونس لـ"العين الإخبارية"، إنه فضلا عن إجراءات التعقيم في كل أرجاء المستشفى، تم توحيد بوابات الدخول إلى المستشفى، وتحديد فترة زمنية لزيارة المرضى مع اختصارها إلى دقائق فقط، وزيادة استخدام المنظفات والمعقمات في الممرات والغرف، وتغيير شراشف الأسرة.