تقرير استخباراتي يربط بين "كارثة" بيروت وشحنات أمونيوم إيرانية
حزب الله تلقى من إيران كميات كبيرة من نترات الأمونيوم التي ترتبط بالمواد التي انفجرت في بيروت وأدى اشتعالها إلى انفجار هائل
كشفت تقارير استخباراتية غربية أن تنظيم "حزب الله" الإرهابي تسلم من إيران شحنات كبيرة من نترات الأمونيوم، ربما ترتبط بمخزون المادة المتفجرة في ميناء بيروت، التي أدى اشتعالها إلى انفجار هائل أودى بحياة العشرات وأصاب الآلاف.
وقالت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، في تقرير لها، إن "لديها معلومات حصرية من أجهزة استخبارات غربية (لم تسمها)، تفيد بأن مليشيا (حزب الله) اشترت كميات كبيرة من المادة الخطرة"، لافتة إلى أنه "بعد كارثة مرفأ بيروت، كان يشتبه في أن حزب الله تورط في تخزين مادة نترات الأمونيوم المتفجرة".
وأضافت: "وفقًا للمعلومات الواردة من أجهزة الاستخبارات الغربية، تلقى حزب الله في لبنان شحنات كبيرة من نترات الأمونيوم، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمواد التي تم تفجيرها في بيروت".
وليس من المؤكد ما إذا كانت نترات الأمونيوم في الميناء هي نفس نترات الأمونيوم التي تم شحنها في نفس الوقت تقريبًا إلى حزب الله بين عامي 2013 و2014، وفقًا للصحيفة التي أشارت إلى أن مشتريات "حزب الله" من نترات الأمونيوم تم شحنها عبر الميناء، وكميات أخرى عبر المطار أو براً عبر سوريا.
وفي 4 أغسطس/ آب الجاري، أسفر انفجار شحنة نترات أمونيوم، يُعتقد أنها كانت مخزنة في الميناء منذ عام 2014، عن مقتل 180 شخصًا على الأقل، وإصابة 6 آلاف آخرين.
عمليات تسليم تحت مرأى سليماني
وكتبت "دي فيلت" أن حزب الله "كانت لديه كميات كبيرة من نترات الأمونيوم تم تسليمها إلى لبنان في ذلك الوقت بالتحديد (أواخر 2013 أو أوائل 2014). وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والمسؤول عن العمليات الخارجية، كان مسؤولا عن عملية النقل".
ورجحت الصحيفة أن عملية نقل شحنات نترات الأمونيوم إلى حزب الله في عام 2013، تمت على مرأى من قائد فيلق القدس الراحل، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة طائرة بدون طيار أمريكية في يناير/كانون الثاني الماضي.
وأوضحت أن الشحنة الأولى تمت في 16 يوليو/تموز 2013، وشملت 270 طناً من نترات الأمونيوم أرسلت من إيران إلى لبنان بقيمة 179.4 ألف يورو، وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 2013، تم تسليم شحنة ثانية قدرها 270 طنًا بتكلفة 140.7 ألف يورو، ولا يمكن تحديد كمية الشحنة الثالثة.
وبلغت تكلفة الشحنة الرابعة في 4 أبريل/نيسان 2014 61.24 ألف يورو، وقدرت الصحيفة أن الحمولة تراوحت بين 90 إلى 130 طنًا من نترات الأمونيوم، وتراوحت إجمالي 3 شحنات من نترات الأمونيوم إلى حزب الله بين 630 و670 طناً.
شركات طيران إيرانية تنقل الأمونيوم
وأضاف الصحيفة: "شحنة أكتوبر/تشرين الأول 2013 نقلت في حاويات سوائب مرنة (أكياس كبيرة) بالطائرة، ويفترض أن هذا جرى بمساعدة إحدى شركات الطيران الإيرانية الخاصة، التي تعتبر إحدى شركات الواجهة للحرس الثوري".
ولفتت الصحيفة إلى أن شركة الطيران الإيرانية، ماهان إير "حُرمت من حق الإقلاع والهبوط في ألمانيا العام الماضي، مع إشارة صريحة إلى أنشطة الحرس الثوري"، الذي صنفته الحكومة الأمريكية منظمة إرهابية أجنبية.
عناصر شاركت في عمليات التسليم
وكشفت الصحيفة عن عدد من عناصر "حزب الله" والنظام الإيراني المتورطين في شحن نترات الأمونيوم إلى الميناء، وقالت إن محمد قُصير، الذي أدرجته واشنطن على لائحة العقوبات لتمويله حزب الله، هو مرسل المواد المتفجرة.
من جانبه، قال ماثيو ليفيت، مدير برنامج راينهارد لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن، للصحيفة إن "قصير يرأس وحدة حزب الله اللبنانية 108، المسؤولة عن تسهيل نقل الأسلحة والتكنولوجيا من إيران إلى لبنان عبر سوريا".
وأضاف: "يعمل قصير الذي يقيم في دمشق، ومسؤولون كبار آخرون في حزب الله عن كثب مع ضباط من الوحدة 190 بفيلق القدس، المتخصصة في تهريب الأسلحة إلى سوريا ولبنان واليمن وغزة تحت إشراف الراحل قاسم سليماني".
وتابع: "قصير، الملقب بالحاج فادي، مؤهل بشكل فريد لرئاسة وحدة حساسة ومهمة مثل الوحدة 108. ويقال إن أحد أشقاء قصير، حسن، هو صهر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وشقيقه الآخر، أحمد قصير، هو الانتحاري الذي نفذ هجوم نوفمبر/تشرين الثاني 1992 على مقر للجيش الإسرائيلي".
ووثقت "دي فيلت" عناصر إضافية شاركت في عمليات التسليم، ومنهم عضو "فيلق القدس" الإيراني، سيد مجتبى موسوي طبر، الذي نسق نقل نترات الأمونيوم من إيران إلى حزب الله، كما شارك نائبه طبر بهنام شهرياري، الذي فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضده عام 2011، في عملية التسليم.
تاريخ أسود مع المادة المتفجرة
في مايو/أيار الماضي، زودت الاستخبارات الإسرائيلية السلطات الألمانية بمعلومات تفيد باحتفاظ عناصر مرتبطة مع "حزب الله" بمئات الكيلوجرامات من نترات الأمونيوم في مخزن جنوبي ألمانيا، ما أدى لمداهمة قوات الأمن للمخزن وضبط المحتويات والعناصر.
وفي بريطانيا داهمت قوات الأمن 4 مواقع مرتبطة بحزب الله، واعتقلت شخصا، بعد الكشف عن تخزين أطنان من الأمونيوم في مصنع سري للقنابل في ضواحي العاصمة لندن، حسبما نقلت "تلجراف" في يونيو/حزيران 2019.
وفي الكويت، ضبطت السلطات في أغسطس/آب 2015، ثلاثة أشخاص على ارتباط بحزب الله، خزنوا 42 ألف رطل من نترات الأمونيوم، وأكثر من 300 رطل من المتفجرات، و68 قطعة سلاح، و204 قنابل.
وفي قبرص، ضبطت الأجهزة الأمنية، في مايو/أيار 2015، شحنة تعود لعناصر من حزب الله، تضم 420 صندوقا من نترات الأمونيوم وقامت بتفكيك البنية التحتية للهجوم المحتمل آنذاك.
وفي تايلاند، ضبطت السلطات في يناير/كانون الثاني 2012، شحنة 290 لترا من نترات الأمونيوم وأوقفت أشخاصا متورطين بالأمر على ارتباط بحزب الله.
و"حزب الله" تنظيم مصنف ككيان إرهابي في الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وبريطانيا وجامعة الدول العربية وليتوانيا وعدد من دول أمريكا اللاتينية وإسرائيل.
وبررت الحكومة الألمانية حظرها جميع أنشطة حزب الله في أبريل/نيسان، لأنه تبين أن التنظيم قام بتخزين نترات الأمونيوم في ولاية بافاريا، وضبط أعضاء شبكة التنظيم في قبرص وفرنسا والمملكة المتحدة.
وانفجار "الثلاثاء الأسود" أطلق عليه "هيروشيما بيروت"، نظرا لفداحته وشكل سحابة الفطر التي خلفها والدمار الذي لحق به، ما شبهه كثيرون بأنه يضاهي تفجير قنبلة نووية، ما دفع دول العالم إلى الإسراع في تقديم يد العون والمساعدة للبنان والإعراب عن تضامنها معه في هذه الفاجعة التي هزت أرجاء العاصمة.
ورغم فرضية أن الانفجار كان "عرضيا" فإن ذلك لم يبرئ حزب الله اللبناني أو يخلِ مسؤوليته عن الحادث، في ظل الحديث عن أنشطته المشبوهة في مرفأ بيروت وحوادثه السابقة المرتبطة بنفس المادة المتسببة في الفاجعة، وكذلك لغز عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه الكمية الهائلة من نترات الأمونيوم الموجودة منذ 2013 رغم مطالبات عدة بإعادة تصديرها والتخلص منها.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg
جزيرة ام اند امز