ظهر "حزب الله" أخيرا على حقيقته، منذ تأسيسه عام 1982، بعيدا عن مزاعم "المقاومة"، التي أعلنها دفاعا عن لبنان.
فهذه المليشيا مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني منذ نشأتها، وفي الوقت الحالي، وبالتواطؤ مع بعض لبنانيي المهجر في أفريقيا وأمريكا، يبدو أن الحزب قد انخرط في الإرهاب وتهريب المخدرات فقط.
قبل سنوات، تشجّع بعض الصحفيين أو المدوّنين للكتابة عن هذا الموضوع، واعتباراً من عام 2008، أطلقت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية عملية "كاساندرا" ضد "حزب الله" لتورّطه في أنشطة تهريب الكوكايين، وغسْل الأموال، وتهريب الأسلحة، ما أسهم في الكشف، وبشكل أكثر شمولاً، عن النسيج الكامل لشبكات الحزب.
وتشير التقديرات إلى أن "حزب الله" الإرهابي كان يجني عائدات تصل إلى مليار دولار في السنة من وراء تجارة المخدرات.
ومع وصول "أوباما" إلى السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، توقّفت هذه العملية واضطرت إدارة مكافحة المخدرات إلى وقف تحقيقاتها، لكن أنشطة "حزب الله" في المخدرات تواصلت، وبعد تضييق الخناق على الحزب بفعل إجراءات الرقابة الدولية على تهريب المخدرات في المحيط الأطلسي، وجد "حزب الله" في سواحل غرب أفريقيا مكاناً مثالياً لإرسال الكوكايين إلى أوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم الكشف عن وجودٍ لعصابات مثل "ندرانغيتا" و"لاكامورا" في دول أفريقية للحفاظ على سلسلة التزود بالكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية.
وفي مارس/آذار الماضي، اعترضت البحرية الفرنسية سفينة محمّلة بما يصل إلى 6000 كيلوجرام من الكوكايين في عرض المحيط الأطلسي، كانت متجهة إلى دولة أفريقية، ما يمكن أن يعطينا فكرة عن كميات المخدرات، التي يتم تهريبها في هذا الاتجاه.
وخلال عام 2021، تمّت مصادرة كميات كبيرة من الكوكايين في دول غرب أفريقيا، حيث تم ضبط 18000 كيلوجرام في كل من جامبيا وكوت ديفوار وجنوب أفريقيا وبنين.
وفي السنوات الأخيرة، تم احتجاز عدد كبير من الشباب المنتمي للجالية اللبنانية في غرب أفريقيا وهم يحاولون عبور الحدود بحقائب محمّلة بملايين الدولارات، مقابل 20 ألف دولار لكل رحلة من غينيا وتوجو والكونغو وغينيا بيساو وسيراليون وكوت ديفوار، للذهاب إلى بيروت أو طهران، كما تستخدم طريقة الحوالة لتحويل هذه الأرباح، لكن هؤلاء يطلبون من "حزب الله" منحهم عمولة بنسبة 5٪ من الحمولة.
لقد وجد كل من "حزب الله" والحرس الثوري الإيراني طريقة لإيذاء دول بمنطقة الشرق الأوسط وإلحاق أقصى الضرر بهم من خلال تغذية سوق المخدرات في بلدان المنطقة.
ويجيد كل من "حزب الله" والحرس الثوري الإيراني التحرّك في عالم تجارة المخدرات، ما شجعهما، بالإضافة إلى تهريب الكوكايين، على توسيع نطاق النشاط ليشمل أنواعا أخرى من المخدرات، مثل الأمفيتامين، "الكبتاجون"، الذي يتم إنتاجه في المناطق التي يسيطر عليها "حزب الله" في لبنان، وهي مناطق يمرّ عبرها أيضاً الهيروين المتّجه إلى أوروبا.
وبعد محاولات مستمرة لإدخال مخدر "الكبتاجون" إلى السعودية انطلاقاً من لبنان، اضطرّت المملكة لحظر استيراد المنتجات اللبنانية في وقت سابق من هذا العام، ما دفع "حزب الله" إلى تحويل صادراته من هذا المخدر إلى دول غرب أفريقية.
وتشير التقديرات إلى أن ما بين 20٪ و25٪ من أرباح تجارة الكوكايين، التي تمتد من أمريكا الجنوبية إلى غرب أفريقيا، تذهب إلى "حزب الله"، ويُستخدم جزء من هذه العائدات لشراء أسلحة، بعضها يبقى في أفريقيا، بينما تنتهي كميات أخرى في أمريكا.
وتذهب بعض التقارير أيضاً إلى أن جزءًا من أرباح هذه التجارة غير المشروعة يُستخدم لدفع رواتب مقاتلي الحزب، الذي يتعاون أيضاً مع عصابات مخدرات عالمية لغسْل الأموال الآتية من أرباحها من خلال تجارة المخدرات في أفريقيا.
وبمعرفة كل هذه المعطيات، يبدو أنه من الصعب جداً الاعتقاد أن "حزب الله" يمكنه المتاجرة في مبادئ أخلاقية مزعومة كـ"المقاومة"، جنبا إلى جنب مع نشاطه الثري في تجارة المخدرات، التي تُدرّ عليه أرباحا طائلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة