تطورات مهمة تشهدها علاقات الإمارات وسوريا، وتأتي جميعها ثمرة إعادة افتتاح سفارة الإمارات في دمشق أواخر 2018.
إذ بدأت الاتصالات تتطوّر تدريجياً بين الجانبين منذ إعادة فتح السفارة، حتى وصلت إلى الاتصال الهاتفي الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس السوري بشار الأسد، بهدف التنسيق والتباحث بشأن التعاون وعودة سوريا إلى مكانتها عربيا وإقليميا، وأيضا للاستفادة من إمكانات الاستثمار الإماراتي في سوريا، خاصة أن دمشق بحاجة ماسّة إلى رأس المال والاستثمار في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.
زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، إلى دمشق، تعد أحدث خطوة فيما يتعلق بالعلاقات الإماراتيةـ السورية، فهو أول مسؤول إماراتي كبير يزور دمشق منذ نحو عقدٍ من الزمن، كما أن زيارته تأتي بعد أسابيع من إجراء الرئيس السوري مكالمةً هاتفية مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفي هذا نقلة نوعية ملفتة في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد ابتعاد سوريا لسنوات بسبب تداعيات ما يسمى "الربيع العربي".
إن تطوير التعاون الثنائي بين الإمارات وسوريا سيصب في تقوية ودعم المصالح العربية كافة، فالدولة السورية ستستفيد من الدعم الإماراتي في هذه المرحلة على المستويين السياسي والاقتصادي، ما يعزز عودة "سوريا الدولة" إلى محيطها العربي بقوة، واستعادة دمشق مقعدها في الجامعة العربية.
سوريا، التي استقبلت وزير الخارجية الإماراتي بحفاوةٍ كبيرة في مطارها الدولي، قد توسّع رقعة التعاون مع الإمارات أكثر في الفترة المقبلة، ليمتد ربما إلى إعادة الإعمار وهيكلة البنى التحتية السورية، التي دمرتها سنوات الحرب.
كان الاتصال الهاتفي، الذي جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبشار الأسد قبل أسابيع شهد الحديث عن تطورات الوضع على أرض الواقع في سوريا ومحيطها الإقليمي والملفات التي يتشارك فيها كلا الجانبين.
إن الانفتاح الإماراتي على سوريا سيكون له تداعيات إيجابية، ليس فقط على الدولتين، وإنما على نطاق المنطقة ككل، فالنتائج ستسهم في عودة دمشق إلى محيطها العربي، وقد يعني هذا تراجع دور بعض الدول الإقليمية، التي سبق أن تدخّلت في الأزمة السورية خلال العقد الأخير، الأمر الذي يصب في نطاق إعادة هيكلة العلاقات السورية مع محيطها من جديد، خاصة أنها تأثّرت بفعل الحرب والمواقف التي اتخذتها الدول مما جرى.
في كل الحالات، السياسات الخارجية الإماراتية تجاه سوريا تتطور يوماً بعد يوم وبشكلٍ تدريجي، فقد كانت البداية بإعادة افتتاح سفارة الإمارات في دمشق عام 2018، وذلك لضرورة إعادة تفعيل الحضور والدور العربيين في سوريا، ومن ثم إعلان الإمارات استعدادها لتقديم مساعدات لسوريا في مواجهة فيروس كورونا، واليوم شهدت هذه العلاقات تطوراً أكبر مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي، ولذلك سينجم عن هذه الخطوات مشاريع أكبر تصب في مصلحة كلا الدولتين، وربما يُعلن عن بعضها قريباً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة