متلازمة الحشيش الخفية.. قيء لا يتوقف وهاجس الاستحمام الساخن
كشفت دراسة أمريكية أن متلازمة فرط القيء المرتبطة بتعاطي الحشيش تشهد ارتفاعا حادا، بعدما أصبحت سببًا متكررًا لزيارات أقسام الطوارئ.
وتأتي هذه النتائج في وقت يعيش فيه نحو نصف الأميركيين في ولايات تبيح الاستخدام الترفيهي للحشيش، بينما تتوسع برامج الاستخدام الطبي وتتراجع العقوبات القانونية، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في التعرض طويل الأمد لهذه المادة.

وتُعدّ المتلازمة، التي اكتُشفت لأول مرة عام 2004 في أستراليا، واحدة من الاضطرابات التي ظلت لسنوات تُحير الأطباء بسبب غياب تفسير واضح لآلياتها البيولوجية، إذ تشير النظريات المطروحة إلى اضطراب في مستقبلات الحشيش داخل الجهاز العصبي وتغيرات في تنظيم حرارة الجسم.
ويعاني المصابون من ثلاث مراحل متعاقبة تبدأ بغثيان وألم في البطن يستمران لفترات طويلة قد تمتد لسنوات، قبل الدخول في مرحلة حادة من القيء المتكرر الذي قد يصل إلى حد الصراخ من شدة الألم.
وخلال هذه المرحلة تتجلى واحدة من أغرب العلامات السلوكية للمرض، حيث يقضي المرضى ساعات طويلة في الاستحمام بالماء الساخن بحثا عن أي قدر من الراحة، ولا يبدأ التحسن إلا عند الامتناع عن الحشيش، وهو ما يؤدي تدريجيا إلى اختفاء الأعراض.
ولسنوات طويلة، كان غياب التشخيص الدقيق سببا في خضوع المرضى لاختبارات طبية طويلة ومكلفة، واختلاط حالتهم مع اضطرابات أخرى مثل متلازمة القيء الدوري. لكن إدراج رمز تشخيص خاص بدءا من عام 2025، فتح الباب أمام تحسين دقة الرصد وفصل الحالات الحقيقية عن حالات سوء التشخيص.
واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات وطنية ضخمة من عينة زيارات الطوارئ في الولايات المتحدة، والتي تسمح برصد الاتجاهات بدقة عالية. وأظهرت التحليلات أن المصابين بالمتلازمة كانوا أصغر سنًا مقارنة بجميع المجموعات الأخرى، إذ بلغ متوسط أعمارهم نحو 30 عاما، بينما تركزت غالبية الحالات بين فئتي 18 إلى 25 عامًا و26 إلى 35 عامًا.
وعلى عكس اضطرابات أخرى ذات صلة، لم تُظهر المتلازمة تفوقا واضحا لجنس على آخر، حيث تقاسم الرجال والنساء النسب بشكل شبه متساوٍ. كما تبين أن الحالات أكثر انتشارا في مناطق الغرب والشمال الشرقي مقارنة بالجنوب.

وشهدت المتلازمة قفزة كبيرة خلال فترة الدراسة، إذ ارتفعت زيارات الطوارئ المرتبطة بها من أربع زيارات لكل 100 ألف زيارة طوارئ عام 2016 إلى أكثر من 22 زيارة عام 2022، بينما بلغت ذروتها في الربع الثاني من عام 2020.
وفي الوقت نفسه، تناقصت تشخيصات متلازمة القيء الدوري بشكل ملحوظ، مما يشير إلى تنامي الوعي بوجود متلازمة فرط القيء المرتبطة بتعاطي الحشيش، وقدرة الأطباء على تمييزها.
وترى الدراسة أن الشباب يمثلون الفئة الأكثر عرضة للإصابة، حيث كان احتمال التشخيص بين من تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا أعلى بثلاث مرات مقارنة بمن هم في منتصف العمر. كما لاحظ الباحثون أن ارتفاع تركيز منتجات الحشيش الحديثة وانتشارها قد يكونان عاملين رئيسيين في الزيادة المرصودة، إلى جانب تحسن قدرة الأطباء على التعرف على المرض، خصوصًا خلال فترة الجائحة وما بعدها.

ويحذر معدّو الدراسة من أن استمرار توسع تشريعات الحشيش يفرض تحديات جديدة على أقسام الطوارئ، إذ يجب على الأطباء توخي الدقة في تقييم المرضى الذين يعانون من نوبات متكررة من الغثيان والقيء مصحوبة بسجل طويل من التعاطي. كما يدعون إلى تطوير أدوات مساعدة في اتخاذ القرار السريري وإدراج فحص موجه للأشخاص صغار السن الذين يصلون إلى الطوارئ بأعراض متكررة.
ويختتم الباحثون بضرورة عدم الاعتماد فقط على الرمز التشخيصي الجديد، فنجاح جهود المتابعة يعتمد بالدرجة الأولى على وعي الأطباء وعلى إجراء دراسات تحقق تساعد على التفريق بين الزيادة الفعلية في عدد الحالات وبين الارتفاع الناتج عن تحسن الترميز أو تصحيح التشخيص.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg
جزيرة ام اند امز