عميد معهد القلب السابق في مصر يكشف أسرارا عن "القاتل الأول" (حوار)
لا يمر يوم حتى نسمع عن سقوط شاب في مقتبل العمر ضحية نوبة قلبية قاتلة أصابته دون مقدمات، حتى بات الأمر ظاهرة مرعبة، فهل يجب أن نقلق؟
الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق في مصر، تحدث لـ"العين الإخبارية" عن أسباب إصابة عدد كبير من الشباب بنوبات قلبية مفاجئة، ومدى خطورة الأمر، موضحا بعض العلامات التحذيرية التي يجب أن ينتبه لها الجميع تجنبا للإصابة بأمراض القلب.
وفي الحوار الخاص، قدم استشاري أمراض القلب المخضرم نصائح ذهبية للوقاية من أمراض القلب، مع توضيح طرق الإصابة بأبرز أمراض القلب وكيفية تجنبها.
- أمراض القلب مصطلح يضم تحت مظلته عدة أمراض.. ما أبرزها؟
الناس تعتقد أن أمراض القلب هي مرض واحد: الأزمة القلبية (الذبحة الصدرية)، ورغم أنه الأخطر والأشهر حاليا لأنه يحدث بكثرة وبشكل مفاجئ ويؤدي إلى السكتة القلبية، فإن هناك عدة أنواع أخرى لأمراض القلب مثل: اختلال كهربائية القلب، أمراض القلب الخلقية، أمراض القلب الروماتزمية، أمراض صمامات القلب، أمراض عضلة القلب، وأخيرا أمراض الشرايين التاجية.
- ما أخطر أنواع أمراض القلب؟ ولماذا؟
الشريان التاجي، الذي نطلق عليه "مرض العصر"، هو أكثر أمراض القلب انتشارا وأخطرها حاليا، نتيجة زيادة عوامل الخطورة التي تؤدي إلى الإصابة بتصلب الشرايين والذبحة الصدرية (الأزمات القلبية)، وبالمناسبة مصر تشهد زيادة في أعداد المصابين بهذا المرض.
- إذن ما هي أمراض القلب الأخرى البارزة؟
هناك العديد منها وتختلف فيما بينها في الأعراض وطرق العلاج وخطوات الوقاية، مثل:
1- أمراض عضلة القلب
من الحالات الخطيرة والمنتشرة بكثرة وأحيانا تحدث دون سبب نتيجة تمدد في عضلة البطين الأيسر أو أحيانا نتيجة التهاب فيروسي والمثال الأشهر فيروس كورونا الذي فعل الكثير بعضلة القلب وأدى إلى تمددها.
وتنتهي أمراض عضلة القلب بهبوط أو فشل في العضلة، ومن أبرز أعراض المرض الهبوط والنهجان وتورم الجسد بأكمله.
2- أمراض القلب الخلقية
تحدث نتيجة زواج الأقارب أو تعرض الأم لإجراء أشعة أثناء الحمل أو إصابتها ببعض الفيروسات مثل الحصبة الألمانية أو أخذ أدوية معينة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، أو التدخين سواء هي أو الأب.
كلها أسباب لحدوث أمراض القلب الخلقية، فيصاب الطفل بثقب الأذنين أو البطنين أو أمراض مركبة مثل انعكاس الشرايين وغيرها، وبعض الحالات تعالج بالقسطرة والأخرى تحتاج لعملية قلب مفتوح.
للوقاية منها يجب تقليل زواج الأقارب، وإذا كان ولا بد فيجب إجراء اختبار وراثي للزوجين، فضلا عن تجنب التدخين الإيجابي والسلبي للحامل، وعدم التعرض للأشعة أو تناول أدوية دون إشراف طبي في الشهور الأولى للحمل.
3- أمراض القلب الروماتزمية
أشهرها الحمى الروماتزمية وهو مرض انقرض من البلاد المتحضرة لكنه ما زال موجودا في مصر وأفريقيا وبعض دول آسيا، ويحدث نتيجة التهاب الحلق (الميكروب السبحي) التي لا تعالج بشكل صحيح، فعندما يصاب الطفل بالميكروب لا يحصل على كورس العلاج كاملا فتتكون أجساما مضادة تهاجم القلب والمفاصل.
هذا مرض سهل الوقاية منه من خلال التوعية وعرض الطفل المصاب على طبيب متخصص ثم المتابعة مع طبيب أمراض قلب، وإذا شُخص بالقلب لا بد أن يأخذ البنسلين طويل المفعول مدى الحياة.
4- أمراض صمامات القلب
أحيانا يكون سببها الحمى الروماتزمية أو أمراض مناعية، وتعالج بالبالونة وارتجاع الصمام بالجراحة وأحيانا بالقسطرة.
- تحدثت عن زيادة الأزمات القلبية في مصر مؤخرا.. ما السر؟
بسبب انتشار عوامل الخطورة بشكل كبير، وتضم:
- ارتفاع ضغط الدم
هناك 26% من المصريين لديهم ضغط دم مرتفع، ومريض الضغط غير المنضبط هو مشروع مريض قلب في المستقبل، لذا لا بد من الاكتشاف المبكر لهذا المرض، ومصر كانت سباقة بإطلاق مباردة "100 مليون صحة" لهذا السبب.
- مرض السكري
نسبة كبيرة من المصريين أصيبوا بالسكري، وهناك بعض الإحصائيات التي تكشف إصابة 12% من المصريين بالنوع الثاني من السكري الذي يؤدي إلى تصلب الشرايين وأزمات القلب
- الوزن الزائد وزيادة سمنة البطن (الكرش)
للأسف مصر من الخمس دول الأولى في العالم التي تضم نسبة كبيرة من أصحاب الوزن الزائد (السمنة)، وهي مشكلة تبدأ من الطفولة لذا يجب أن نركز على نسفها من الصغر، لأن البدانة تبدأ من الطفولة وهي وباء من أوبئة العالم الحديث ومقدمة لأمراض القلب.
- ارتفاع الكوليسترول
- ارتفاع الدهون الثلاثية
- التدخين (18-20% في مصر مدخنين)
- تناول المسكنات
- تناول المخدرات
- الاستعداد الوراثي
- التوتر والحزن والأزمات العصبية والنفسية
- فيروس كوفيد-19
- اللقاحات لكن بنسبة ضئيلة
- هل هذا سبب إصابة عدد كبير من الشباب بالنوبات القلبية والجلطات حاليا؟
نعم، لأن هناك نسبة كبيرة من الشباب تجتمع لديهم عوامل الخطورة السابق ذكرها، خاصة ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية، والأخيرة سببها الاعتماد على الوجبات السريعة وعدم الحركة وممارسة الرياضة.
إلى جانب تناول الهرمونات في الجيم والمكملات الغذائية ومشروبات الطاقة والمخدرات وكلها تسبب جلطات، فضلا عن الإصابة بفيروس كورونا.
- ما سر زيادة عدد وفيات أمراض القلب في مصر؟
أمراض القلب القاتل الأول ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع، وهذا عكس اعتقاد البعض أن السرطان هو الخطر الرئيسي، لكن الحقيقة أن القلب هو القاتل الأول قبل سرطان الثدي في النساء والسرطان عموما في الرجال.
وفي مصر، عدد ضحايا أمراض القلب أكثر من جميع الأمراض الأخرى نتيجة انتشار عوامل الخطورة التي سبق وتحدثنا عنها، وارتباط النجاة من أمراض القلب بسرعة الاستجابة وتلقي العلاج.
- لماذا ارتفعت نسبة الإصابة بأمراض القلب؟
مبدئيا، علمنا بهذه الأمراض تضاعف في العصر الحديث فأصبحنا نجري تشخيصات وإحصائيات ونعلم عدد وفيات أمراض القلب والأسباب، فاصبحنا ندرك أنها ترتفع، لكن في السابق قبل التطور العلمي كان الشخص يتوفى وسره معه لا أحد يعلم سبب وفاته الحقيقية لعدم وجود وسيلة للتشخيص.
ونسبة الإصابة بأمراض القلب زادت فعليا نتيجة إيقاع الحياة الحديثة التي جعلت حياة الكثيرين مليئة بالرتابة والخمول والحركة القليلة بسبب التطور التكنولوجي.
إلى جانب نمط الغذاء والاعتماد على الدليفري والأطعمة الدسمة سريعة التحضير، مع اتباع عادات سيئة من تدخين (سجائر وشيشة) ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية.
أضف إلى ما سبق، تضاعف طموح البشر وزيادة مساحة التوتر وتراجع العلاقات الاجتماعية في مقابل وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح كثير من الناس عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب وبالتالي الأزمات القلبية.
والنوم عامل مهم في هذه المعادلة سواء من حيث مواعيده أو جودته، إذ يجب ألا يقل عن 5 ساعات ولا يزيد عن 9 ساعات، إضافة إلى ضرورة تجنب النوم المتقطع والانتباه لانقطاع النفس أثناء النوم باعتباره مقدمة لأمراض القلب والشرايين التاجية.
- هل هناك أعراض غريبة تشير لأمراض القلب؟
الطب الحديث يقول إن أزمات القلب المفاجئة عمرها ما كانت مفاجئة، إذ تحدث إشارات غير نمطية لا يلتقطها الشخص تشير إلى ذلك، لذا يجب أن ينتبه الشخص لعدد من الأعراض التي تشير لمرض القلب مثل:
- عرق غير معتاد
- تنميل في منطقة بالجسد غير معتاد عليها
- أوجاع غير معتادة ومفاجئة في منطقة الصدر
- حموضة في البطن
- نهجان حاد
- هبوط شديد
- إرهاق غير معتاد
- هل تختلف أعراض أمراض القلب بين النساء والرجال؟
بالتأكيد، أولا الناس تعتقد أن قلب النساء أضعف من الرجال والعكس صحيح، إذ يمتلكن هبة طبيعية وهي هرمونات الأنوثة التي تحميهن من تصلب الشرايين التاجية حتى سن 45 عاما، لكن تغير نمط الحياة ومزاحمة النساء للرجال والتوتر لإثبات الذات مع تدخين النساء وتغير النمط الغذائي كلها عوامل أدت إلى جعل النساء عرضة لأمراض القلب مثل الرجال، لذا عليهن الحفاظ على نعمة هرمونات الأنوثة.
كما أن ضربات القلب لدى النساء أسرع قليلا من الرجال، وفي الحجم قلبهن أصغر.
بالنسبة لأعراض أمراض القلب لدى النساء، فإنها تكون غير نمطية أي يكون الألم لدى المرأة أقل قليلا من الرجل، أيضا الشرايين لدى النساء أرفع من الرجال لذا عند إجراء قسطرة يتضح عدم وجود جلطة رغم أنها تعاني من أعراضها على عكس الرجال، كما أنها لا تحتاج إلى دعامات.
هناك مشكلة أخرى لدى النساء رغم أن لديها قوة وحماية للقلب، فعندما تصاب بمرض الشريان التاجي وتصل لمرحلة الجراحة تصبح الأعراض والمضاعفات ومستقبل حالتها الصحية أسوأ كثيرا من الرجل
كيف يمكن الوقاية من أمراض القلب؟
لا يجب أن ينتظر الشخص حتى يشتكي من آلام الأزمة القلبية ليبدأ الاهتمام بقلبه، بل يجب أن يبحث عن عوامل الخطورة التي تسبب أمراض القلب ويتابع معدلها، ومن الضروري أن يعتاد الأشخاص منهجية الفحص والاكتشاف المبكر للحفاظ على القلب.
ومن أبرز الخطوات للوقاية من أمراض القلب:
- متابعة مستوى ضغط الدم وضبطه.
- الحفاظ على مستوى السكر في الدم عند المعدل الطبيعي.
- قياس معدل الكوليسترول ومحيط الخصر باعتبارهما مؤشر السمنة.
- الالتزام بنظام غذائي صحي وسليم والتقليل من الأطعمة سريعة التحضير.
- الاهتمام بالغذاء النباتي والخضراوات والسلطات
- الابتعاد عن التدخين: لا تدخن ولا تجالس مدخنا
- المشي يوميا 45 دقيقة على الأقل للحفاظ على حد أدنى من ممارسة الرياضة لحرق الدهون الزائدة والمساعدة في خفض ضغط الدم وانتظام إيقاع القلب وتحسن من هرمونات السعادة التي يساعد على استقرار حالة القلب.
- البعد عن التوتر والحزن، وهما من مسببات الأزمات القلبية نتيجة تقلص الشريان التاجي، وأيضا يحدثان متلازمة القلب المنكسر.
- البعد عن المسكنات والمخدرات
- لمرضى القلب.. بماذا تنصحهم لتجنب تدهور وضعهم الصحي؟
القلب مرض يمكن التعايش معه وأنا شخصيا أتابع مع حالات مصابة بالقلب منذ أكثر من 30 عاما، المهم احترام الإشارات التي يرسلها القلب واكتشاف مرضه مبكرا، ثم الالتزام بالنظام الذي يضعه الطبيب المعالج، الدوائي والغذائي والحياتي.
مثلا لا يصلح أن يركب المريض دعامة وبعد أسبوع يطلب مني أن يدخن أو يأكل براحته أو لا يريد قياس مستوى الضغط والسكر وظبطهما، ففي هذه الحالة سيصاب في ثانية.
يجب أن يفهم المريض أن الدعامة ليست نهاية المطاف، لأنك إذا خضعت لدعامة أو جراحة قلب ولم تهتم بباقي عوامل الخطورة ستصبح ضيفا دائما على عيادات القلب، لذا يجب الاهتمام بالمتابعة والالتزام بالأوامر الطبية.
aXA6IDUyLjE1LjIxNy44NiA= جزيرة ام اند امز