مسجد "حسان".. شاهد على تاريخ العمارة الإسلامية في المغرب
مسجد حسان يتمتع بأهمية خاصة لدى أهل المغرب سواء من الناحية التاريخية أو الدينية أو السياحية؛ حيث يعد معلما تاريخيا ومعماريا فريدا.
شهدت ساحة مسجد "حسان" التاريخي في العاصمة المغربية الرباط، توجيه البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في مستهل زيارته للمغرب، السبت، خطاباً إلى العالم، دعا خلاله لمجابهة "التعصب والأصولية"، لتضاف الزيارة والخطاب، بما تحملانه من مبادئ الخير والسلام والتسامح والأخوة الإنسانية كقيم مشتركة بين الأديان، إلى سجل الأحداث التاريخية التي أضحى المسجد شاهداً عليها.
ولمسجد حسان أهمية خاصة لدى أهل المغرب سواء من الناحية التاريخية أو الدينية أو السياحية، فهو معلم تاريخي ومعماري فريد يجذب المصلين والسياح غير المسلمين، لزيارته والاستمتاع بما يزخر به.
تاريخ البناء
وتاريخياً، أصدر مؤسس مدينة الرباط الخليفة الموحدي يعقوب المنصور، الذي وصف عهده بـ"الذهبي"، نظراً لإنجازاته العظيمة في الدولة، أصدر أمراً بتشييد "جامع حسان" في عام 593هـ/1196م على مرتفع مقابل لمدينة سلا مطل على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق، وعلى مقربة من مصبه بالمحيط الأطلسي.
وأسهم هذا الموقع المتميز في إضفاء صفة خاصة على مسجد حسان، لأن تشييده على هذا الارتفاع سمح برؤيته من مواقع مختلفة من المدينتين.
وعام 1197، انطلقت أشغال بناء المسجد ولم يكتمل بناؤه حيث توقفت بعد وفاة يعقوب المنصور عام 1199.
وبقي المسجد دون أن يكتمل إنجازه إلى أن تم بناء قاعات الصلاة وضريح للعائلة المالكة بجوار المبنى الأثري للمسجد في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، واليوم يبدو مسجد حسان مقسماً إلى جزأين، الجزء الأول هو أطلال المسجد وأنقاض البناية الضخمة الأصلية التي أراد لها المغاربة أن تبقى كما هي شاهدة على ازدهار تلك الحقبة من تاريخ المغرب، والجزء الثاني هي قاعات الصلاة الفخمة التي تنطق بعبق تاريخ الموحدين وبخليط وخلاصة الفن المعماري المغربي.
وتبلغ مساحة المسجد 25 ألفاً و551 متراً مربعاً تقريباً، وجاءت على شكل مضلع رباعي طوله 185 متراً وعرضه 140 متراً، الأمر الذي يجعله أحد أكبر المساجد في المغرب والعالم الإسلامي، ويحيط بالمسجد سور من تراب مدكوك "أقيمت عليه أبراج ذات مظهر عسكري".
وتوجد في الجهة الجنوبية الغربية من هذا السور 6 أبواب، بينما تنفتح في الجهتين الشمالية الشرقية والشمالية الغربية 4 فتحات، وتؤدي الأبواب الـ14 التي تعلوها أفاريز بارزة إلى قاعة فسيحة للصلاة على شكل مربع تقريباً، تنقسم إلى فضاءين كبيرين متباينين.
ويحتوي مسجد حسان على صحن كبير قرب المنار وصحنين جانبيين ولضمان متانة السقوف اختيرت الأعمدة من الحجر والرخام، ويتفاوت علو الأعمدة المستديرة الشكل من 3.25 متر إلى 6.5 متر.
صومعة المسجد
ويتميز المسجد على وجه خاص بصومعته التي تعد شاهداً على تاريخ المملكة، وعلى العمارة الإسلامية التي بصمت حقباً مهمة للحضارات المتعاقبة على البلاد.
ويبلغ ارتفاع الصومعة حوالي 44 متراً، ومساحة كل ركن من أركانها المربعة 16 متراً و20 سنتيمتراً، أما سمك جدرانها فيبلغ عرضه مترين ونصف، ولها مطلع داخلي ملتو يؤدي إلى أعلى الصومعة ويمر على 6 غرف تشكل طبقات، وزينت واجهاتها الـ4 بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر، وذلك على النمط الأندلسي المغربي من القرن الـ12.
وبمرور الزمن، أصبحت الصومعة من أكثر الأماكن في المغرب جذباً للسياح، لروعتها وخصوصيتها التاريخية والحضارية المهمة، كما صار المسجد في السنوات الأخيرة نقطة تحول في جدول أعراس أهل مدينتي الرباط وسلا إذ يقصده العرسان لأخذ صور تذكارية لهم ولذويهم.
وبمحاذاة المسجد، يوجد ضريح الملكين الراحلين محمد الخامس (1909- 1961)، والحسن الثاني (1929- 1999) والد العاهل المغربي محمد السادس.
الاحتفالات الدينية
ورغم أن هذا المسجد لم يكتمل بناؤه منذ 8 قرون فإنه يعتبر المسجد الرسمي الذي تقام به الاحتفالات الدينية الرسمية؛ حيث إن العرف السائد في البلاد يقضي بأن ملك المغرب يؤدي صلاة العيدين ويحضر الحفل الديني الذي يقام بمناسبة ليلة القدر والمولد النبوي في مسجد حسان.