وظائف شاغرة "تاريخية" بحاجة لمن يشغلها.. ماذا يحدث في ألمانيا؟
أعلن المعهد الألماني لأبحاث سوق العمل والتوظيف، الخميس، أن سوق العمل الألماني لديه عدد قياسي من الوظائف الشاغرة في الوقت الحالي.
يفوق ما تم تسجيله في أي وقت مضى في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية.
1.98 مليون وظيفة شاغرة
وذكر المعهد اليوم أنه كان هناك نحو 1.98 مليون وظيفة شاغرة على مستوى ألمانيا في الربع الأخير من العام الماضي، وأوضح أن هذا العدد يزيد بإجمالي 160 ألف وظيفة على ما كان عليه في الربع الثالث، أي زادت الوظائف الشاغرة بنسبة 6.6%، مضيفًا أن هذا العدد يزيد بنسبة 17.5% مقارنة بما كان عليه قبل عام، أي في الربع الأخير من عام 2021.
وقال الباحث بشؤون سوق العمل بالمعهد، ألكسندر كوبيس: "الحاجة لعمالة بألمانيا وصلت إلى مستوى غير مسبوق بنحو مليوني وظيفة شاغرة. يجب شغل أغلب هذه الوظائف الشاغرة على الفور".
تجدر الإشارة إلى أن هذا المسح الذي يتم إجراؤه لسوق العمل أربع مرات سنويًا يسجل جميع الوظائف الشاغرة، وليس فقط الوظائف التي يتم الإبلاغ عنها من قبل وكالات العمل فحسب.
وكانت الوكالة الاتحادية للتشغيل قد أعلنت في 1 مارس/آذار الجاري أن عدد العاطلين عن العمل ارتفع في فبراير/شباط الماضي بواقع نحو 4 آلاف فرد، مقارنة بيناير/كانون الثاني الماضي، وبواقع 192 ألف عاطل مقارنة بنفس الشهر العام الماضي.
وبحسب البيانات، استقر معدل البطالة عند 5.7%.
هل نقص العمالة الماهرة والمتخصصة السبب؟
وحسب وزارة الاقتصاد الألمانية في فبراير/شباط الماضي، تأثرت الكثير من الشركات بسبب النقص الحاد في اليد العاملة المتخصصة. وأوضحت الوزارة ذلك بأن "أكثر من 50% من الشركات ترى في ذلك تهديدا كبيرا لتطوير أعمالها".
ويوجد بالفعل نقص حاد في الموظفين المتخصصين بالعديد من الشركات. ومن المحتمل أن يزداد هذا الأمر سوءًا في السنوات القادمة مع تقاعد جيل كامل من الموظفين من ذوي المهارات المتخصصة. ووفقًا لمعهد سوق العمل والأبحاث المهنية، سيكون هناك نقص في اليد العاملة يبلغ سبعة ملايين بحلول عام 2035.
لكن يرى سيمون ييغر، الخبير الاقتصادي في سوق العمل ومدير معهد دراسة مستقبل العمل (IZA) في مدينة بون، أن هناك بعض الشروط الإطارية في ألمانيا تعيق الاستفادة من مخزون اليد العاملة الموجودة والتي لا تتم الاستفادة منها بالشكل الصحيح. ويسمي هذه الفئة بـ "الاحتياطي الصامت" وهم أشخاص "قد يرغبون في العمل، لكن لا يمكنهم الوصول إلى سوق العمل. أو أشخاص يعملون بدوام جزئي، لكن بإمكانهم في ظروف مختلفة العمل بدوام كامل"، كما أوردت "دويتشه فيله".
أيضا النظام الضريبي الذي يفرض اقتطاعات ضريبية كبيرة على الأزواج الذي يعملون برواتب عالية يجعل البعض يفكر في الاكتفاء براتب واحد أو العمل لوقت أقل، كما أوضح الخبير الاقتصادي ييغر.
من جهتها ترغب رئيسة الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا، أندريا ناليس توجيه الأنظار إلى الموظفين الأكبر سنًا أيضا والذين هم على وشك التقاعد. وتقول ناليس بهذا الخصوص "هناك أكثر من مليون شخص على استعداد لمواصلة العمل". قد يكون الكثيرون مهتمين بالاستمرار في متابعة العمل في مهمة ما، على سبيل المثال في العمل بدوام جزئي. لذلك فإن أرباب العمل مدعوون لإيجاد حلول إبداعية بهذا الخصوص، تضيف ناليس.
رغم ذلك فإن وزير العمل الألماني هوبرتوس هايل مقتنع بأن الإمكانات المحلية ليست كافية لتغطية الحاجة في المستقبل إلى اليد العاملة الماهرة. ويوضح بأنه "حتى لو سحبنا جميع السجلات المحلية، ما زلنا بحاجة إلى هجرة مؤهلة إضافية للحفاظ على استمرار اقتصادنا".
ويقدر خبراء العمل في ألمانيا أن البلاد محتاجة إلى 400 ألف شخص سنويًا لسد الفجوة الحاصلة في اليد العاملة المتخصصة. وحتى الآن الحد الأقصى في ألمانيا بالنسبة للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي هو حوالي 60 ألف شخص سنويًا.