الحوثي تراجع عن عناده المعهود، ومماطلات مؤتمر الكويت مشهورة معلومة، تحت وطأة السلاح، سلاح الشرعية والتحالف العربي الإسلامي.
الحديدة، المدينة بمرافئها البحرية الثلاثة؛ الصليف ورأس عيسى والحديدة نفسها، تحررت من سطوة الحوثي.
هذه خلاصة اتفاق السويد، الذي أعلن عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، أمس (الخميس)، وعلق بالقول: "الاتفاق بشأن الحديدة كان واحداً من أصعب الأمور التي واجهتنا"، مضيفاً: "إننا نشهد بداية النهاية لأزمة اليمن".
ربما كان رجل الدبلوماسية الأول في العالم، البرتغالي جوتيريس، مبالغاً في التفاؤل، لكن لا ريب أن ما جرى من تفاهم في مفاوضات السويد يحسب للمبعوث الدولي البريطاني مارتن جريفيث، ولأعضاء وفد الشرعية اليمنية، وإن شئت فقل للجانب الحوثي!
فرضت الحالة الأمنية والضغط العسكري أنفسهما على طاولة المفاوضات، وهذا بالضبط هو جوهر المقاربة اليمنية الشرعية، ومعها التحالف؛ فالحوثي لن يخضع إلا بالقوة العسكرية، من هنا فإن اتفاق الحديدة أثبت صحة هذه المقاربة، وبقيت في حرب اليمن قصص أخرى ومناورات ومفاوضات وكرّ وفرّ
لكن، مهلاً، هل كان ليتم تحرير ميناء الحديدة الرئيسي، وأخويه الصليف ورأس عيسى، ثم المدينة نفسها، هكذا في لحظة "عقلانية وطنية حوثية مفاجئة"؟
لقد تراجع الحوثي عن عناده المعهود، ومماطلات مؤتمر الكويت مشهورة معلومة، تحت وطأة السلاح، سلاح الشرعية والتحالف العربي الإسلامي، الذين كانوا على مرمى حجر من الميناء. يعني، لولا سرعة جريفيث والأمم المتحدة، ومن خلفهما الغرب، لفتح حوار السويد، لكنا ربما نحكي الآن عن تحرير عسكري كامل للحديدة. صحيح أن التكلفة الإنسانية والمادية ستكون عظيمة، لكن هذه هي الحروب في نهاية المطاف، خاصة الحروب مع جماعات عدمية مثل الحوثية.
الأمين العام للمنظمة الدولية جوتيريس، قال للصحفيين، وهو جذل بتوقيع الاتفاق بين الطرفين، والتقاط الصور والمصافحات بين الحوثي محمد عبدالسلام فليتة، والشرعية ممثلة بوزير الخارجية خالد اليماني، قال إن منظمته ستتولى "دور مراقب رئيسي".
هناك مهلة وقتية مسقوفة بمواعيد محدودة للانسحاب، ومراقبة يقظة للتنفيذ، بما في ذلك عدم وجود "مشرفين ثوريين" أي حوثيين، داخل الإدارات الحكومية في الحديدة، والوزير اليماني قال صراحة إنه لن يشرع بمفاوضات أخرى حتى ينجز اتفاق الحديدة. بالنسبة إلى معسكر التحالف من أجل الشرعية، الصورة واضحة، فـ"ما كانت هذه الموافقة لتتم اليوم لولا استمرار الضغط العسكري"، كما قال الأمير خالد بن سلمان سفير السعودية في واشنطن على "تويتر"، وكذا وزير الدولة الإماراتي الدكتور أنور قرقاش.
السؤال هل يعني هذا نهاية الحرب في اليمن؟
أظن ذلك مبالغة، فلا نغفل أن الاتفاق على استخدام مطار صنعاء أخفق في مفاوضات السويد، وكذا الملفات الاقتصادية الأخرى.
لذلك فرضت الحالة الأمنية والضغط العسكري أنفسهما على طاولة المفاوضات، وهذا بالضبط هو جوهر المقاربة اليمنية الشرعية، ومعها التحالف؛ فالحوثي لن يخضع إلا بالقوة العسكرية، من هنا فإن اتفاق الحديدة أثبت صحة هذه المقاربة، وبقيت في حرب اليمن قصص أخرى ومناورات ومفاوضات وكرّ وفرّ، عسكري وسياسي وإعلامي.
لكن من غير شك، اشتعلت شمعة أمس (الخميس) في ظلام اليمن.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة