سعت الدوحة جاهدة أن تبقى على مدى عقدين صندوقاً مغلقاً وديكتاتورية صامتة، تتدخل في الشؤون الداخلية لكل الدول الأخرى
أصبح للمعارضة القطرية عنوان، هذا هو الخبر الأهم في مؤتمر المعارضة القطرية الذي انعقد في العاصمة البريطانية لندن، الخميس الماضي، العنوان يعني أن يكون لها حضور واضح وصوت بارز، وأن تكون مرجعاً لكل ما يخص الشأن القطري.
كل الأمل أن يعبّر المؤتمر عن كيانٍ موحدٍ للمعارضة القطرية، وأن تنبثق منه لجان سياسية وقانونية وحقوقية وإعلامية، تكون جاهزةً على الدوام للتعامل مع أي توجهات أو سياسات قطرية تخريبية، أو إرهابيةٍ داخل وخارج قطر
بعد أكثر من عشرين عاماً على السياسات القطرية المعادية، وبعد أكثر من ثلاثة أشهرٍ من مقاطعة الدول الأربع، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر، جاءت اللحظة المناسبة لتصعيد الضغوط على الدوحة لا على المستوى الخليجي أو الإقليمي؛ بل على المستوى الدولي.
سعت الدوحة جاهدة أن تبقى على مدى عقدين صندوقاً مغلقاً وديكتاتورية صامتة، تتدخل في الشؤون الداخلية لكل الدول الأخرى بالتخريب والدمار والإرهاب، وعندما يطلب منها أشقاؤها علناً أن تكف أذاها عن دولهم وشعوبهم، تتخبط وتعتمد العناد الاستراتيجي حلاً، وتتجه لمزيد من الارتماء في أحضان إيران، العدو الإقليمي المعلن لكل دول الخليج وشعوبها، بل والدول العربية أجمع.
بعد كل الجرائم الكبرى التي ارتكبتها إيران الولي الفقيه في الدول العربية والخليجية، خرج مندوب قطر عن طوره حين قال في مقر الجامعة العربية إن إيران شريفة، وهذه جرأة في غير محلها، بل هي أقرب للصفاقة السياسية، وهذه الشرف الإيراني الممنوح من قطر ملطخ بدماء الشعوب العربية في لبنان وسوريا والعراق واليمن، كما أنه ملطخ بدماء البحرينيين والسعوديين والكويتيين، الذين لم تتوان إيران عن زرع خلايا التجسس والإرهاب فيها.
صرفت قطر مئات الملايين من الدولارات في سبيل التأثير على وسائل الإعلام الغربية في الولايات المتحدة الأميركية، وفي الدول الأوروبية بنشر كل ما يضر الدول العربية، والتغاضي عن كل ما ترتكبه القيادة القطرية بحق شعبها المظلوم، ليس على وسائل الإعلام فحسب بل على مراكز الدراسات والبحوث والتفكير والمنظمات الحقوقية وشركات العلاقات العامة، ووجود وبروز الصوت القطري المعارض قادرٌ على إفشال كل ما صرفته قطر وفضح ممارساتها ضد الشعب القطري، وفضح مؤامراتها التخريبية.
يمكن لتوحيد المعارضة القطرية الذي عبّر عنه المؤتمر أن يكون خطوةً مهمةً بالاتجاه الصحيح، وذلك بتركيز المعارضة القطرية على مخاطبة دوائر صنع القرار ومراكز التفكير، ووسائل الإعلام في الدول الغربية وتوفير منصةٍ دائمةٍ للإجابة عن تساؤلات هذه الجهات، والمبادرة بتزويدها بالمعلومات والتحليلات عن كل قرار سياسي أو اقتصادي أو عسكري تتخذه قطر ضد الدولة القطرية أو الشعب القطري.
لا شيء يضرّ بقطر أكثر من نشر المعلومات الصحيحة تجاه مؤامراتها وقراراتها الديكتاتورية في الغرب، فثمة اختلاف في الأولويات بين دولنا وشعوبنا في المنطقة وبين الإنسان الغربي، وهو ما يجب أن يكون مفهوماً لدى المعارضة القطرية، وبالتالي يتم التركيز على كل ما يهم الغربيين ويزيد من كشف قطر أمامهم.
على سبيل المثال، فإن سحب قطر لجنسية ستة آلاف عائلةٍ من آل غفران من آل مرة هي قضية إنسانية مشينة، وطردهم ومصادرة ممتلكاتهم يزيد من حجم الجريمة، هذا قبل عقدين من الزمن، وتضيف إليه اليوم سحب جنسية شيخ شمل آل مرة الشيخ طالب بن شريم، مع أكثر من خمسين فرداً من عائلته، وهذه قضية يمكن تصعيدها ضد قطر في كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية في الغرب والعالم أجمع، فهي تمنح نموذجاً لحجم استهانة صانع القرار القطري بحقوق شعبه، وتنكيله بهم لمجرد عدم مجاراته في مغامراته السياسية وحماقاته الكبرى التي يصرّ ويعاند شعبه وأشقاءه والعالم بأسره عليها.
أخيراً، كل الأمل أن يعبّر المؤتمر عن كيانٍ موحدٍ للمعارضة القطرية، وأن تنبثق منه لجان سياسية وقانونية وحقوقية وإعلامية، تكون جاهزةً على الدوام للتعامل مع أي توجهات أو سياسات قطرية تخريبية، أو إرهابيةٍ داخل وخارج قطر.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة