أعلنت رئاسة أمن الدولة في المملكة العربية السعودية عن كشف خليتين تخريبيتين في البلاد؛ إحداهما إرهابية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي
أعلنت رئاسة أمن الدولة في المملكة العربية السعودية عن كشف خليتين تخريبيتين في البلاد؛ إحداهما إرهابية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، كانت تستهدف مقرَّيْن لوزارة الدفاع السعودية، والثانية خلية تجسسية استخباراتية تعمل مع دولة خارجية معادية.
أما الأولى فهي استمرارٌ للنجاحات الأمنية السعودية في محاربة الإرهاب والقضاء عليه بعملياتٍ استباقية نوعية، وهو ما دأبت عليه قوات الأمن السعودية، ولكن الجديد اليوم هو في الخلية الثانية، وهي الخلية التي تعمل بأوامر وتوجيهات ودعمٍ مادي ومعنوي خارجي، للإضرار بالدولة السعودية والتأثير على اللحمة الداخلية وصناعة الإحباط والسخط داخل المجتمع السعودي.
العداء القطري للدولة السعودية عداءٌ معلومٌ منذ أكثر من عشرين عاماً، وقد تحدث الأمير السابق حمد بن خليفة عن ذلك في حديثه الأشهر مع معمّر القذافي، حيث قال: «المعارضة لنا علاقة معها، واحنا أكثر دولة سببت مشاكل للسعودية.. لازم نعمل للمحور هذا بتشجيع للحركات الداخلية بهدوء، ومن مصلحتنا دعم هذه الحركات بهدوء، لأن القضية قضية وقت»، والأسئلة التي ظلّت معلقة هي، من يمثل هذه المعارضة داخل السعودية؟ ومن يمثل هذه الحركات الداخلية التي يشجّعها أمير قطر السابق؟ ومن هم الأشخاص الذين يعملون مع قطر؟
بعض رموز صناعة السخط والتطرف في السعودية هربوا من البلاد ولجأوا إما لقطر أو تركيا بشكلٍ معلنٍ أو خفي، بل بعضهم صرح بحصوله على الجنسية القطرية، والدعم القطري لهؤلاء معنوياً معلنٌ ومعروفٌ، أما الدعم المادي فهو ما ستظهره التحقيقات
لسنواتٍ طوالٍ كتب الكثير من الباحثين والكتّاب مقالاتٍ وأصدروا تحذيراتٍ بخصوص العلاقة المريبة التي تربط قطر بمجموعة من رموز الإسلام السياسي، وببعض الكتاب والمثقفين والشباب في السعودية ودول الخليج، وكان من الواضح أنهم جميعاً يخدمون المشروع التخريبي القطري المتحالف مع محور إيران الطائفية ومحور جماعة الإخوان المسلمين الأصولية ضداً للسعودية ودول الخليج والدول العربية، ولكن عمل الباحثين هو جمع المعلومات المتاحة وقراءتها وتحليلها وفقاً لما هو معلنٌ ووضعها في سياقاتها الفكرية والسياسية، غير أنهم مهما اجتهدوا لا يمتلكون المعلومات الدقيقة التي تمتلكها الدول وأجهزتها المختصة.
في بيان رئاسة أمن الدولة ما يجيب عن بعضٍ من هذه الأسئلة الخطيرة المعلقة، وهي تمتلك من المعلومات الدقيقة والمتابعة المستمرة واليقظة العالية أضعاف ما يمتلكه الباحثون والكتّاب مهما تخصصوا أو بحثوا، وبالتالي فمن دون استباقٍ للتحقيقات والإجراءات العدلية المتبعة فإن الحقائق ستظهر ساطعة وسيتم كشف الكثير من المؤامرات الخفية والأدوار المشبوهة لبعض من ملأوا الدنيا صراخاً ضد السعودية، وتحديداً بعد ما كان يعرف بالربيع العربي المشؤوم.
بعض رموز صناعة السخط والتطرف في السعودية هربوا من البلاد، ولجأوا إما لقطر أو تركيا بشكلٍ معلنٍ أو خفي، بل بعضهم صرح بحصوله على الجنسية القطرية، والدعم القطري لهؤلاء معنوياً معلنٌ ومعروفٌ، أما الدعم المادي فهو ما ستظهره التحقيقات، وقطر صرفت المليارات لتخريب بعض الدول العربية مثل مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، وبالتأكيد فقد صرفت أضعاف ذلك ضد السعودية.
على طول التاريخ وعرض الجغرافيا ليس هناك أحقر ممن يعمل مع أعداء وطنه ضد وطنه واستقراره وأمنه، حتى الخصوم يعلمون مدى حقارة الذين يعملون معهم ضد أوطانهم، وقد بدأت الحقائق تجتمع وسيظهر مزيدٌ منها، ولا عذر لخائنٍ مهما تشبث بآيديولوجيا الإسلام السياسي وأنه من الدعاة، ولا مبرر لغادرٍ مهما تذرّع بقومية أو يسارية، فالخائن والغادر ليس لهما وصفٌ غير الخيانة والغدر.
عدم الفهم يؤدي بصاحبه للتهلكة، فعندما صنّفت السعودية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لم يفهم عملاء قطر والإخوان الإشارة، وتجاهلوها، وتمادوا في غواية الآيديولوجيا والمال القطري، وعندما أعلنت السعودية عن دولة الحزم والعزم، لم يفهموا ولم يتراجعوا، وعندما أعلنت السعودية عن عاصفة الحزم وضرب عملاء إيران في اليمن لم يستوعبوا الدرس، وبعد قمة الرياض وإعلان العزم الكامل على القضاء على الإرهاب والتطرف لم يفهموا الرسالة، والأنكى من هذا كله أنهم بعد مقاطعة قطر من الدول العربية الأربع وبعد كل الفضح المستمر والمكثف لأدوار قطر التخريبية ومؤامراتها التدميرية لم يقم أحدٌ منهم بإعلان توبته وتبرئه ممن يعادي وطنه.
كأي قضية أمنية فإن التحقيق في أمر هذه الخلية سيتسع ليشمل كل من له دورٌ أو مشاركة في التآمر ضد وطنه، حتى تكتمل الدائرة وتتكشف الحقائق وتتضح الأمور، وهناك تاريخٌ يجب النظر فيه وأحداثٌ ينبغي نبشها والبحث فيها، فما الأدوار التي قام بها البعض تمهيداً لما كان يعرف بالربيع العربي في تونس وليبيا ومصر على سبيل المثال؟ وما نوع الوساطات التي تدخلوا فيها لإخراج عناصر «القاعدة» والجماعة الليبية المسلحة من السجون ومن ثم تنصيبهم على رؤوس مجموعات إرهابية بعد أحداث 2011؟ وغيرها العشرات من القضايا والقصص.
مثالٌ آخر، ما قصة «أكاديمية التغيير» في قطر؟ وما أدوار بعض السعوديين فيها؟ وما قصة «ملتقى النهضة» الذي كان يجنّد الشباب السعوديين ضد وطنهم؟ وما قصة تلاميذ عزمي بشارة الذين تخطفهم من دول الابتعاث وسلّطهم ضد بلدهم ودولتهم وشعبهم؟ وما قصة دور النشر والمواقع الإلكترونية والمعرفات الوهمية في مواقع التواصل التي يديرها سعوديون بدعمٍ قطري كامل؟ هذه أسئلة مفتوحة ولكنها ستتكشف شيئاً فشيئاً في المرحلة القادمة.
ترويج فقه الثورة أو التغني بالحرية، أو لبس عباءة استقلال الرأي أو الاختباء خلف دعم ربيع الفوضى والأصولية، وأنه من باب حرية التفكير، كلها، لا تبرر لصاحبها الخيانة والغدر، ولا تعفيه من المسؤولية القانونية حين ينخرط في مشاريع الأعداء التآمرية ضد وطنه، ومثل هذه القضايا تكون في الغالب مثل كرة الثلج.
من الطبيعي أن يتمّ تحشيد كل عملاء قطر وإيران وجماعات الإسلام السياسي وكل وسائل الإعلام التابعة لهم في المنطقة وفي الغرب لمهاجمة السعودية، في محاولة للتشويش على مجرى القضية وفي سعي لإنقاذ من يمكن إنقاذه من هؤلاء المتآمرين، ولكن العاصفة حين تهبّ لا يوقفها تشويش ولا تهويش.
دعمت قطر كل جماعات الإرهاب السني والشيعي في كل دول المنطقة، ودعمت كل جماعات الإسلام السياسي من إخوان وسرورية وغيرهم، ومن أشهر تلك الدول مصر والبحرين على سبيل المثال، وعلاقة قطر بتلك الجماعات مُعلنة ومرصودة، وبالتأكيد فإنها عملت في السعودية الشيء نفسه.
أخيراً، فقصص الجواسيس والخونة تبقى مدى الدهر خزياً على صاحبها وصفحة سوداء لا تُمحى، وقد حانت لحظة الحساب.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة