إخوان مصر و"كتائب الشتائم".. عودة الغمري تسقط الأقنعة
"السباب حيلة العاجز"، هكذا تبدو الآلة الإعلامية للإخوان، مع كل منعطف يفشل فيه التنظيم الإرهابي في تحقيق مآربه، وينكشف فيه زيف دعواته.
فالتنظيم الذي أسس بنيانه على دغدغة العواطف والمشاعر الدينية، "أفسد أتباعه ومؤيديه، بإقناعهم أن الدعوة إلى الله تبدأ بالسباب في سبيل الله، وتنتهي بنشر الشائعات مرورًا بالشماتة، ضد معارضيهم".
صورة ارتكزت عليها الآلة الإعلامية التي لا تمل من إطلاق ماكينة الشائعات على البلد الذي لفظ ومواطنوه الإخوان، إلا أنها ولت وجهها مؤخرا شطر المنشقين عن التنظيم المصنف إرهابيًا في مصر، وأولئك الذين راجعوا أفكارهم، من واقع تجارب حية عاشوها، أثبتت لهم كم الزيف والخداع الذي تعرضوا له.
آخر هؤلاء الذي ضربته ماكينة الشائعات، كان الإعلامي المقرب من تنظيم الإخوان حسام الغمري، والذي دأب منذ أشهر، على نشر حلقات مصورة عبر قناته بموقع يوتيوب، تتناول كواليس مهمة حول الإخوان وملفاتهم.
والغمري كان متحالفا مع الإخوان في إطار عضويته باتحاد القوى الوطنية (شكّله معارضون مصريون بالخارج عام 2021) الذي كانت الجماعة تشكل أغلبيته.
ورغم مغادرته تركيا قبل أسابيع إلى وجهة غير معروفة، لم يكف الغمري عن "فضح" تنظيم الإخوان في حلقاته، من واقع تجربته في تركيا، والتي عايش فيها كواليس "مهمة" حول الإخوان وملفاتهم؛ أبرزها حلقة تحدث فيها عن تخابر قيادات إخوانية مع أجهزة مخابرات غربية.
إلا أنه وفي خطوة مفاجئة، أعلن الغمري، في تغريدة عبر حسابه عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) عودته إلى العاصمة المصرية، القاهرة، ساردًا أسبابًا دفعته إلى اتخاذ ذلك القرار.
وقال الغمري: "عدت إلى مصر، والسعادة تغمرني"، مشيرًا إلى أن "الأسباب الحقيقية لعودتي بعيدا هي: جملتان سمعتهما من الرئيس السيسي في كلمته بمناسبة ذكرى 23 يوليو/تموز الماضي قال في أولاهما: الدولة تسعى إلى توحيد وتقوية الجبهة الداخلية".
"أعود إلى وطني وقد تعلمت الكثير والكثير، وسأعلمه لأبنائي وأحفادي وكل المخلصين لهذا الوطن (..) حقاً تغمرني السعادة الجمة ولن يتوقف لساني عن شكر كل من ساهم في ذلك"، يقول الغمري الذي اختتم تغريدته بقوله: "عمار يا مصر".
ماكينة الشتائم
تغريدة الغمري، التي أشاد فيها بالسلطات المصرية، وبالرئيس عبدالفتاح السيسي الذي فتح الباب له وللطيور المهاجرة بالعودة إلى البلاد، أطلقت ماكينة الشتائم لدى "الإخوان" وآلتهم الإعلامية، مما كشف عن زيف الادعاءات التي على بنيانها أسس التنظيم الإرهابي أركانه.
وأثارت عودة الغمري حقد الإخوان على الجبهات كافة، فرغم هجومهم عليه طيلة الأشهر الماضية، لكشفه كواليس "مهمة" من داخل أروقة التنظيم الإرهابي، إلا أنه كان يختبئ خلف الآلة الإلكترونية، التي يحرك خيوطها من خلف الستار، تنظيم الإخوان.
إلا أنه في تطور للأمر، تحول الإخوان إلى الهجوم العلني؛ فانبرى قادة التنظيم في الهجوم على الغمري، الذي اعتبروه يحاول ارتداء "ثوب المروءة"، بحسب تعبير القيادي الإخواني عباس قباري.
فهل أطاحت عودة الغمري بـ"مظلومية الإخوان"؟
يقول الباحث في حركات الإسلام السياسي عمرو عبد المنعم، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن انتقال الهجوم الإخواني من لجان الذباب الإلكتروني إلى شخصيات قيادية يدل على أن ثمة مخاوف لدى التنظيم الإرهابي، من تكرار مثل هذه الاتفاقات الفردية وعودة المنشقين إلى مصر.
وأوضح عبدالمنعم، أن تنظيم الإخوان في الخارج يرتكز على أمرين؛ الأول: المظلومية، والثاني: التنظيم والأفراد، مشيرًا إلى أنهم يتاجرون بالمظلومية ويزعمون أنهم مطاردون مظلومون ليتكسبوا من وراءها".
وأشار إلى أنه "في بداية أزمة الإخوان مع الدولة المصرية طرح وسطاء دوليون حلولا لإنهاء الأزمة، منها المصالحة والتي رفضتها الدولة المصرية، والمراجعة الفكرية للجماعة أو المفاهمات الجماعية أو الفردية، وهو ما رفضته الجماعة".
وبحسب الباحث في حركات الإسلام السياسي، فإن تنظيم الإخوان لم يكتف بالرفض، بل وضع خطة لحماية التنظيم من أية مفاهمات فردية، فقدم مرتبات مغرية للقيادات، ونشر الخف بين صغار الإخوان من العودة، بزعم أن الدولة المصرية تنتظرهم بأحكام قضاء قاسية، لضمان بقاء أتباعهم داخل الحظيرة الإخوانية".
وأشار إلى أن سياسة الدولة المصرية، في احتواء من يلفظ الجماعة فكرًا وتنظيمًا، شجعت العديد في الفترة الأخيرة على عقد تفاهمات فردية جديدة، ما أثار المخاوف لدى تنظيم الإخوان من اتساع "قاعدة العائدين، مما يفقدهم قوتهم ومشروعية بقائهم في الخارج كتنظيم".
دور يكشف عن "دوافع الجماعة من تكثيف هجومهم على الغمري، حتى لا يفكر أي من شباب الإخوان أو المتعاطفين معهم في التفاهم مع الدولة المصرية"، بحسب الباحث في حركات الإسلام السياسي.
أقنعة الإخوان
في السياق نفسه، يقول الكاتب والباحث في الإسلام السياسي هشام النجار، إن السباب وسوء الخلق سمة مميزة لإعلام الإخوان الرسمي وغير الرسمي، مشيرًا إلى أن تربية الإخوان تنظيمية بحتة، فهم لا ينحازون إلى قيمة بذاتها.
وأوضح الباحث في الإسلام الساسي في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه إذا طلب من عناصر التنظيم، أن يظهروا حسن الخلق والأدب والهدوء فعلوا ذلك سمعا وطاعة، أما إذا طلب منهم قادتهم فتح باب السباب، هبوا على صعيد واحد يصرخون في وجه ضحيتهم بأشد أنواع السباب قسوة.
واكد أن ثالوث الشتائم، والشماتة، والكذب، دليل ضعف ومظهر للهزيمة، مشيرًا إلى أن تنظيم الإخوان "أفسد أتباعه ومؤيديه، بإقناعهم أن الدعوة إلى الله تبدأ بالسباب في سبيل الله، وتنتهي بنشر الشائعات مرورًا بالشماتة، في كل من ليس منهم".