جباية الحوثي تحاصر أقوات الفقراء.. من ينقذ مزارعي اليمن؟
تهدد مليشيا الحوثي المزارعين الفقراء، الذين نجوا من حروبها، بالسطو وجباية 20% من حصاد زراعتهم باسم الضرائب.
وشرعت مليشيا الحوثي، فعلياً، في حصر حصاد المزارع في مناطق سيطرتها خصوصا أودية غربي اليمن، وأخذ جميع البيانات حول المساحة المحصولية وكمية وقيمة الإنتاج لكل مزرعة وشجرة مثمرة، بالإضافة إلى القيمة السوقية التقديرية لكل مزرعة.
20 % لصالح الحرب
وتمهد الخطوة الحوثية للاستيلاء على 20% من أقوات الفقراء لصالح من تسميهم المليشيا الموالية لإيران بـ"بني هاشم" عبر قانون عنصري سنته في ضوء أصبح اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
وقال مزارعون ومصادر محلية يمنية، لـ"العين الإخبارية" إن مليشيا الحوثي بدأت تنفيذ حملة جبايات واسعة لصالح خزينتها الحربية، حيث وزعت لجاناً لحصر تحصيل المانجو وكافة المزارع والمنتجات الزراعية بالأودية الجنوبية والشرقية والشمالية في محافظة الحديدة، المعروفة بـ"سلة غذاء اليمن".
وأكدوا أن اللجان التي شكلتها مليشيا الحوثي، تستهدف جمع القيمة السوقية للمزارع كأصول عقارية، كما تركز على حصر حجم محصول الفاكهة للمزارع خصوصا مزارع "المانجو" والتي تعد مصدر دخل رئيسيا لآلاف المزارعين في الحديدة.
وتنتج المحافظة الساحلية المطلة على البحر الأحمر -وفق إحصائيات رسمية- ما يقدر بـ200 ألف طن سنوياً، أي ما يقارب نصف إنتاج اليمن من فاكهة المانجو، ويتم تصدير غالبيته إلى خارج البلاد.
وحصلت "العين الإخبارية" على وثيقة صادرة عن لجنة مليشيات الحوثي الانقلابية المكلفة بحصر مزارع المواطنين في المناطق الجنوبية للحديدة تؤكد فرض الانقلابيين نحو مليون ريال يمني على كل مزرعة يملكها مواطن.
وأكملت هذه اللجان الحوثية حصر أشجار 42 من مزارع المانجو في "وادي زبيد"، إضافة إلى 29 مزرعة في مديرية باجل حتى الآن، فيما تستمر بوتيرة عالية في الأودية الشرقية والشمالية.
ورفض المواطنون الفقراء ملاك المزارع تقديم المبالغ المفروضة للمليشيات الحوثية بالإضافة إلى رفضهم قبول الاستمارات الخاصة ببيانات إنتاج ومساحة كل مزرعة والقيمة السوقية باعتبارها أصولا ثابتة.
والحديدة هي كبرى مدن تهامة المعروفة بـ"سلة غذاء اليمن"، وبيئتها الخصبة تقع عند مهبط أكبر أودية البلاد مثل "مور" و"سهام" و"سردود" و"رماع" و"وادي زبيد"، والتي تشكل قرابة ثلث الإنتاج الزراعي للبلد الغارق بالحرب الحوثية منذ 6 أعوام مضت.
وتنتج هذه الوديان الخصبة التي تتدفق من المناطق الجبلية على الساحل الغربي لليمن، أنواعًا عديدة من الخضار والفواكه والحبوب مثل الذرة الرفيعة، كما يربون الماشية على طول الأودية التي تُستخدم مياهها في الري منذ آلاف السنين.
جراد العصر
لم يكد يصدق المزارعون في تهامة نجاة حقولهم الزراعية من هجمات الجراد الشرسة التي اجتاحتها على مدار العام الماضي، ليبدأ جراد العام الجديد "الحوثيون" مهمة حصر قوت الفقراء وفرض جبايات ومبالغ طائلة لصالح الجبهات "المجهود الحربي".
وتحدث مزارعون لـ"العين الإخبارية" عن حملات الجباية والنهب التي تمارسها مليشيا الحوثي في مزارع تهامة، قائلين إنها "تذكرهم بقصص الأجداد حول معاناتهم أثناء حكم الإمامة، التي ينحدر الحوثيون من ذات سلالتهم الإرهابية".
وقال عمر علي، مالك مزرعة في أحد أودية باجل شرقي الحديدة، إنه يسترجع تفاصيل روايات جده عن نهب عسكر الإمام (العكفة) لمحاصيلهم بالقوة، وإجبارهم على دفع الإتاوات حتى في مواسم القحط والجفاف.
وأكد عمر لـ"العين الإخبارية" أن الحوثيين يمارسون سياسة الإفقار عبر فرض جبايات ضخمة في معظم الأنشطة، والفعاليات الحوثية، واختلاق أزمات الوقود لبيعه في السوق السوداء بمبالغ ضخمة.
وتابع المزارع اليمني: "فوق كل ما ينهبه الحوثيون، الآن يريدون 20%.. هذه قاصمة الظهر، لا أحد يستطيع تحمل ذلك".
جبايات على "الشمس"
وتقلصت إنتاجية مزارع سلة غذاء اليمن منذ الانقلاب الحوثي من 30 إلى 50%، وبعض المزارع بالكاد تغطي نفقاتها التشغيلية، بحسب تقديرات يمنية.
ويقدر مزارع آخر يدعى"يحيى ناصر" إنتاجية الفدان الواحد من مزارع المانجو في الحديدة بمتوسط 5 أطنان، في حين يبلغ متوسط الإنتاج العالمي للفدان 10 أطنان، مرجعاً سبب ذلك إلى سياسة التدمير الحوثية.
ويضيف "يحيى" لـ"العين الإخبارية"، أن تحكم المليشيا الحوثية بالوقود اضطرهم لشراء وقود الديزل عبر السوق السوداء بأضعاف سعره وبكميات أقل، ما تسبب في جفاف مساحات زراعية وانخفاض الفائدة.
وأشار "ناصر" إلى أن المزارعين لجأوا إلى استخدام الطاقة الشمسية رغم كلفتها الباهظة واستقطاعها أجزاء كبيرة من المساحة الزراعية، وذلك لتجنب تلف محاصيلهم.
لكن مليشيا الحوثي لم تدع الأمر يمر بسلام، وقامت -وفقاً للمزارع يحيى ناصر- بفرض جباية جديدة تلزم كل مزرعة تستخدم منظومة الطاقة الشمسية بدفع مبلغ 200 ألف ريال يمني.
وأبدى نشطاء ومراقبون يمنيون مخاوفهم البالغة من خطورة الخطوة الحوثية ضد المزارعين اليمنيين، وضررها الكبير على مصادر دخل الكثيرين، في ظل استمرار الحرب في البلاد وتوالي الأزمات والتي قد تتسبب في توقف إنتاج القطاع الزراعي الهام.
ويشير تحليل أجراه البنك الدولي إلى أن إنتاج الأراضي الزراعية انخفض بنسبة 76% منذ الانقلاب الحوثي وتعرض البنية التحتية الزراعية والمياه لتأثيرات مباشرة أعاقت زراعة المحاصيل وحصادها، وانعكس سلبًا على الأمن الغذائي العام.