إنقاذ الريال.. أولى معارك الحكومة اليمنية في مواجهة الفساد
شرعت حكومة الكفاءات اليمنية الجديدة، بتنفيذ إصلاحاتٍ واسعة في واحد من أهم الملفات الساخنة التي تنتظرها.
ولم يثنِ عزم الحكومة الجديدة عن القيام بمهامها استهدافها من قبل صواريخ مليشيا الحوثي.
وبدأت الحكومة عقب يومين فقط من الهجمات التي هزّت مطار عدن الدولي، بإجراءات لانتهاج مبدأ الحوكمة ومكافحة الفساد، وفق توجيهات رئيسها الدكتور معين عبدالملك سعيد، والذي أعلن بدء معركة حكومية ضد الفساد باعتباره في زمن الحرب "خيانة".
استعادة عافية الريال
وركزت التوجيهات حول استعادة التعافي للعملة المحلية، والتي بدأت بالتحسن فور البدء بتنفيذ اتفاق الرياض والانسحابات العسكرية المتبادلة من أبين، والإعلان عن تشكيل حكومة الكفاءات، إلا أنها سرعان ما تراجعت متأثرةً بهجمات المليشيات على المطار.
واستهل رئيس الحكومة الدكتور معين عبدالملك لقاءاته، بلقاء قيادات وكوادر البنك المركزي اليمني، ولقاء آخر بمحافظي 11 محافظات، فيما عقد وزير المالية اجتماع آخر بوكلاء ومدراء الوزارة.
وكرست اللقاءات كلها على دراسة إجراءات ضبط وتعزيز الإيرادات العامة وتقليل النفقات، بالإضافة إلى تكليف فريق تدقيق خارجي على حسابات البنك المركزي اليمني، بما يتسم مع إجراءات الشفافية والحوكمة؛ باعتبارها خطوة ضرورية لضمان تطبيق المعايير والقواعد المالية الدولية.
كما أكدت التوجهات الحكومية على جوانب التعاون بين البنك والحكومة والأولويات التي يمكن العمل عليها خلال الفترة القادمة، بما يتجاوز أية إخفاقات سادت العمل سابقاً، والحفاظ على سمعة البنك كمؤسسة سيادية.
دعم دول التحالف
ولم تغفل الحكومة الإشارة إلى الدعم المتواصل من قبل دول تحالف دعم الشرعية في اليمن، واستعدادهم باستعادة عافية الاقتصاد الوطني؛ للاستمرار في إجراءات تعزيز الثقة بالعملة الوطنية وتحسين استقرار سعر الصرف، بما ينعكس بشكل مباشر على حياة ومعيشة المواطنين اليومية.
وأكد الدكتور معين عبدالملك، حرص الحكومة على استقلالية عمل ونشاط البنك المركزي اليمني وعدم التدخل في كل الإجراءات التي يتخذها لرسم السياسة النقدية.
تفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى
ووجه عبدالملك بأهمية التكامل بين السياسة المالية والنقدية وإعادة تشكيل وتفعيل عمل "المجلس الاقتصادي الأعلى" لبدء مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار الاقتصادي وتحسين معيشة وأوضاع المواطنين.
وتأتي التوجيهات وفقا لـ "اتفاق الرياض" الموقع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، والتي نصت أهم بنوده على "محاربة الفساد الإداري والمالي وتقليص النفقات التي من شأنها أن تهدر المال العام في أمور لا تخدم المواطنين".
كما نصت بنوده إعادة تشكيل وتفعيل عمل "المجلس الاقتصادي الأعلى" المعني برسم السياسات المالية".
وقف المضاربة الحوثية
ومن جانبه نفذ البنك المركزي اليمني بعدن، هو الآخر عددًا من الإجراءات لتحسين مستوى وقيمة العملة المحلي مقارنة بالعملات الأجنبية، بالتزامن مع بدء تنفيذ اتفاق الرياض، والإعلان عن تشكيل حكومة الكفاءات.
وبحسب بيان صادر عن المركز الإعلامي للبنك، وصل "العين الإخبارية" فقد تضمنت الإجراءات البدء بتأسيس شبكة حوالات مالية جديدة، لضبط المضاربة بالعملة، وتفويت الفرصة على المليشيات الحوثية بالتدخل والتأثير على سوق الصرافة داخل المناطق المحررة.
كما شملت الخطوات المصرفية، تنظيم العمل في حركة الوديعة المالية السعودية؛ لتغطية اعتمادات السلع الأساسية، بأسعار مصرفية تفضيلية بهدف توفير المواد الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة.
وأشار بيان المركز الإعلامي للمركزي اليمني بعدن إلى بدء تنفيذ حملات ميدانية للتفتيش على قطاع الصرافة، وضبط المخالفات والتجاوزات ومنع التلاعب بسعر صرف العملة الوطنية.
بيئة بنكية نزيهة وشفافة
ووقف المجلس الانتقالي الجنوبي أهم الأطراف اليمنية الداعمة لحكومة الكفاءات،الاثنين، في اجتماع أمانته العامة في العاصمة المؤقتة عدن على التداعيات الاقتصادية بعد الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي ومشكلة التعاملات البنكية ودفع الضرائب لصالح تلك مليشيا الحوثي وحاجة الحكومة لنجاح مهمتها.
وقال الأمين العام المساعد للمجلس الانتقالي الجنوبي، فضل الجعدي، إن الحكومة تحتاج الى النأي عن ممارسات من سبقها، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد لإيجاد بيئة بنكية نزيهة وشفافة، وكذلك إسكات الأصوات التي تغرد خارج سرب التوافق وقطع أي صلة بما كان ، والانطلاق الى ما سيكون ، لصناعة التغيير والنهوض.
نقلة نوعية
ويرى اقتصاديون يمنيون في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن الظروف الراهنة مهيئة ومناسبة؛ لإحداث نقلة نوعية في عمل ونشاط البنك المركزي اليمني، خاصةً مع تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة ووصولها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ويؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، الدكتور عبدالرحمن بارحمة، إلى أن الثبات الذي ظهرت عليه الحكومة الجديدة، وتمسكها بالبقاء في عدن، رغم الهجمات الحوثية والصاروخية لحظة وصولها للمطار، رفع شعبيتها لدى المواطنين، وأعطاهم الأمل بقدرة حكومة الكفاءات بعمل شيء ملموس لإنعاش الاقتصاد الوطني.
ويعتبر الدكتور بارحمة أن الإجراءات المالية التي شرعت الحكومة الجديدة باتخاذها؛ تأتي في إطار التزام اليمن وتعهداتها أمام المانحين الدوليين، وإيجاد بيئة بنكية نزيهة وشفافة، تساعد على تلقي الدعم الخارجي لتحسين الاقتصاد.
وقال بارحمة لـ "العين الإخبارية": إن الأجواء المتفائلة التي واكبت تنفيذ اتفاق الرياض، وما رافقها من إجراءات عسكرية أدت إلى تحسنٍ ملحوظ في أسعار الريال اليمني".
وأكد أن أية إصلاحات مالية حقيقية على الأرض ستسهم في المزيد من التحسن، الذي سينعكس على حياة المواطنين اليمنيين.
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA== جزيرة ام اند امز