القاعدة والحوثي باليمن.. علاقة إرهاب عابرة للحدود
عثر تنظيم القاعدة الإرهابي مؤخرا على ملاذ آمن في مناطق سيطرة الحوثيين وسط اليمن، فيما يبدو تعاون وعلاقة بين التنظيمين عابرة للحدود.
واستنسخت مليشيا الحوثي الانقلابية تكتيكات إيران في استخدام تنظيم "القاعدة" ورقة ضد الخصوم، ليصل الأمر إلى إنقاذ التنظيم من سقوط وشيك، ومده بالدعم لتعزيز بنيته في معقله الجديد بالمناطق المهجورة في محافظة البيضاء المعروفة بـ"قلب اليمن".
وعلمت "العين الإخبارية" من مصادر أمنية وقبلية متطابقة أن مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا فتحت للتنظيم الإرهابي مؤخرا مركزا عملياتيا في المناطق التي تخضع لسيطرتها في "البيضاء".
وأكدت المصادر أن المليشيات الإرهابية قدمت دعما غير محدود لتنظيم القاعدة منذ الانقلاب في 21 سبتمبر/أيلول 2014، عبر إطلاق سراح قيادات وعناصر التنظيم الأم في صفقات وهمية ودعم حربه ضد داعش، وعدم خوض أي معركة مباشرة في معقله بالبيضاء.
ويأتي الدعم الحوثي لتنظيم القاعدة الإرهابي في جزيرة العرب في ضوء واقع صعب يعيشه هذا التنظيم إثر ضربات أمريكية وغارات التحالف العربي بقيادة السعودية القاصمة لطرده من جنوب اليمن.
ويعود أول تعاون مباشر بين فرع القاعدة في اليمن المعروف بـ"التنظيم الأم في جزيرة العرب" ومليشيات الحوثي إلى عام 2015، عقب العمل كأدوات لتنفيذ صفقة تبادل بين نظام طهران والتنظيم الإرهابي للإفراج عن دبلوماسي إيراني كان مختطفا لدى تنظيم القاعدة فرع اليمن مقابل إطلاق إيران 5 من كبار قادة القاعدة من السجون الإيرانية.
وتمت الصفقة حينها من خلال تمثيل مليشيا الحوثي لطهران والقاعدة في اليمن كممثل للتنظيم الدولي للقاعدة لتعقب ذلك محطات كثيرة من التعاون محليا بين المتمردين الإرهابيين والتنظيم الجهادي في جزيرة العرب.
فيما تمتد علاقة إيران وتنظيم القاعدة باليمن إلى أكثر من عقدين، عقب إفراج طهران عن عدد من قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي الذين فروا من أفغانستان وكان بينهم قيادات يمنية والتي أسست بعد ذلك فرع التنظيم باليمن عقب "الفرار الكبير" من سجن المخابرات بصنعاء 2006.
ورقة حوثية
وكشف مسؤول أمني يمني لـ"العين الإخبارية"، أن مليشيات الحوثي أفرجت عن أكثر من 400 عنصر وقيادي من تنظيم القاعدة منذ انقلابها أواخر 2014.
وقال المسؤول الأمني، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن مليشيا الحوثي عملت فور سيطرتها على جهازي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) في صنعاء على إطلاق سراح عدد من أبرز عناصر وقيادات التنظيم الإرهابي عبر عمليات تبادل وهمية أو مسرحيات فرار مدبرة.
واستشهد المسؤول اليمني بما حصل في مدينة البيضاء عام 2017 عندما سمحت مليشيات الحوثي لأكثر من 18 إرهابيا من أخطر عناصر القاعدة بالفرار لتمنح التنظيم الإرهابي دعما كبيراً لإعادة ترتيب أوراقه عقب العمليات العسكرية الكبيرة التي شنها التحالف العربي على خلايا ومعاقل القاعدة وداعش.
وأضاف أن المليشيات الحوثية بعد هزيمتها في عدن ومدن جنوب اليمن أفرجت عن مجاميع ليست قليلة من عناصر القاعدة أو مشتبه بانتمائهم للتنظيم كانوا في سجون الأمن السياسي والأمن القومي.
وقال المسؤول الأمني إن مليشيا الحوثي استخدمت تنظيم القاعدة كورقة لإيجاد مبرر لاجتياحها عددا من المدن اليمنية خصوصا جنوبا، فيما اكتشف فيما بعد أن هذه العمليات كانت تتم بتنسيق بين الحوثيين وقيادات إرهابية تنتمي للقاعدة كانت تتواجد في سجون المخابرات.
وأشار إلى أن إحدى هذه العمليات تمثلت في الهجوم الإرهابي على المقرات الأمنية في مدينة لحج الجنوبية 2015، وسيطرة التنظيم على إدارة أمن المحافظة وقتله عددا من أفراد الأمن، حيث جرى بعد ذلك إطلاق الانقلابيين أكثر من 35 مسلحا من عناصر القاعدة بصنعاء تنفيذا لاتفاق القاعدة والحوثيين.
الملاذ الأخير
وتراجعت عناصر تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين إلى آخر معاقلهم في "البيضاء" عقب حرب متواصلة يشنها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية لتطهير وتأمين جنوب اليمن منذ 2016.
وعمل التنظيمين الإرهابيين على تشييد معاقل محصنة في "البيضاء" كمحافظة منسية، مستغلين ظروف الحرب والدعم الذي تلقته من مليشيا الحوثي بإطلاق سراح العشرات من عناصر التنظيم من السجون.
وترتبط "البيضاء" بحدود جغرافية مع 8 محافظات يمنية، بينها 5 محررة (لحج وأبين والضالع وشبوة ومأرب) و3 غير محررة (صنعاء، ذمار، وإب) مما جعلها معقلا مثاليا لتحرك عناصر تنظيم القاعدة تحديدا والذي يسعى للاستفادة من التسهيلات الحوثية لتحويل المحافظة منصة ومركزا لإدارة عملياته الإرهابية داخليا وخارجيا.
وساندت مليشيات الحوثي تنظيم القاعدة في المواجهة الدامية مؤخرا مع تنظيم داعش الإرهابي، إذ يسعى الانقلابيين المدعومين إيرانيا ابقاء "البيضاء" ملاذا أخيرا لهم لإعادة تشيد تنظيمهم المنهار.
وتحدث مسؤول محلي في البيضاء لـ"العين الإخبارية" عن أن تنظيم داعش الإرهابي شن حربا شرسة لطرد تنظيم القاعدة الإرهابي في مديرية "ولد ربيع" في البيضاء وهي معقل التنظيمين الأبرز في المحافظة وأدت الاشتباكات أدت لمصرع أمير "داعش" المدعو " أبو البراء العدني".
ولفت المسؤول إلى أن مليشيا الحوثي حين أدركت أن هجمات داعش سوف تضعف تنظيم "القاعدة" قررت التخلص من "داعش" عبر إسناد مباشر للقاعدة في عملية عسكرية كبيرة نفذتها المليشيات الانقلابية في أغسطس/ آب الماضي.
وكشف المسؤول اليمني عن أن المليشيات الحوثية جندت أكثر من 200 من أبناء قبيلة "آل ريام" للدفاع عن تنظيم القاعدة أمام هجمات "داعش" قبيل أن تتدخل في عملية عسكرية أنتهت بتفكيك فرع داعش باليمن.
وأشار إلى أن مليشيا الحوثي لم تقترب من معقل تنظيم القاعدة الإرهابي حتى اليوم في السلاسل الجبلية على الحدود مع المناطق المحررة خصوصا محافظتي شبوة وأبين.
وتحذر تقارير يمنية من استغلال تنظيم القاعدة غياب قوات النخبة الشبوانية التي كانت تؤمن مساحات كبيرة تربط بين 4 محافظات محررة وذلك لإعادة انتشار وتموضع الخلايا الإرهابية سيما في مناطق شبوة وأبين وذلك بتسهيلات من الحوثيين في البيضاء والإخوان في محافظة شبوة.