تأجيج الثأر.. حرب حوثية "سوداء" تفتك بقبائل اليمن
أشعل الحوثيون موجة جديدة من صراع الثأر بين القبائل اليمنية، وذلك في أحدث حرب سوداء للانقلابيين لتمزيق النسيج القبلي.
وعمدت مليشيا الحوثي إلى إثارة الثارات القديمة في مستوى نواة تكوين القبيلة الواحدة وليس صراعات القبائل فيما بينها وحسب، وذلك في أعمق حرب لتفتيت ما تبقى من ملامح في نسيج المجتمع شمالا ولاستثمار مخزونه البشري الهائل في محارق الموت.
وأضرم الانقلابيون نار حقدهم الطائفية مؤخرا بين قبائل محافظة الجوف شرقا ووسط أكبر قبائل محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) في صراع أججته المليشيات خلال اليومين الماضيين لإذكاء الثأر القبلي في أحدث صوره الدموية وعلى أوسع دائرة قبلية.
وقالت مصادر قبلية لـ"العين الإخبارية"، إن الحوثيين أشعلوا مواجهات ضارية بين قبيلتي "الحرف" وهي إحدى قبائل "حرف سفيان"، الواقعة شمال محافظة عمران، وقبيلة بني نوف وهي إحدى أهم قبائل "دهم" التابعة لمحافظة الجوف موطن أقدم الممالك في شبة الجزيرة العربية في القرن 3-30 قبل الميلاد، وفقا لخبراء الآثار.
وطبقا للمصادر فإن المواجهات بدأت عقب خلاف أشعله الحوثيون بين مسلحين اثنين منخرطين ضمن صفوفهم وينتمي أحدهم لقبيلة "الحرف" والآخر لقبيلة "بني نوف" وأدت لمقتل أحدهم وذلك، الخميس الماضي، في المركز الإداري لبلدة حرف سفيان، قبل أن تستنفر القبيلتان في صدام مباشر وتتبادل الكمائن المسلحة.
وأسفرت المواجهات عن عشرات القتلى والجرحى من القبيلتين أسعفوا لأحد المستشفيات في مدينة الحزم بالجوف ولا يزال التوتر مستمرا.
ورغم أن المواجهات اتسعت بين مسلحي القبيلتين إلى جبهات مليشيا الحوثي في حزم الجوف فإن قيادات الانقلاب لم تتدخل في احتواء الصراع، في موقف يكشف مخاوف المليشيا من أي ترتيبات قبلية جديدة مع الشرعية في المحافظة سيما المناطق التي سيطرت عليها مؤخرا بتواطؤ مع قيادات إخوانية، وفقا للمصادر.
وتزامنا مع ذلك، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين قبيلتي "آل الشغدري" و"بيت المصري" أكبر قبائل عنس اليمنية الشهيرة والتي تقيم غرب وشرق مدينة ذمار جنوب صنعاء، وذلك إثر تصفية مليشيا الحوثي لنجل أحد الزعماء القبليين كان يتولى إخماد خلافات ثأرية قديمة بين الطرفين.
وفجرت مليشيات الحوثي مواجهات شرسة بين القبيلتين عقب اغتيال صفوان الشغدري، نجل الزعيم القبلي البارز، عبداللطيف الشغدري، شيخ مشايخ قبائل "عنس" في مسعى لضرب أي وساطات قبلية خارجة عن توجيهاتها وإحباط أي تحركات قبلية لوأد صراع الثأر والنعرات الدموية التي تطارد زعماء القبائل.
ودائما ما يدفع زعيم المليشيات، بالقياديين النافذين رئيس ما يسمى المخابرات العسكرية، أبوعلي الحاكم ورئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا، محمد علي الحوثي في مهمة إدارة وتغذية مثل هذه الصراعات والتي تنتهي بنفوذ حوثي يخنق أنفاس القبائل ويحصر إدارتها الداخلية على زعماء يكونوا تحت رهن إشارتهم.
تطهير عرقي
وحذرت الحكومة اليمنية من مخططات مليشيات الحوثي لضرب النسيج الاجتماعي أوساط القبائل في مناطق سيطرتها، مشيرة في بيان إلى أنه يهدف إلى إدخال القبائل في معترك دموي كارثي والتسبب في مزيد من نزف دماء اليمنيين.
ونقلت وكالة سبأ الرسمية عن محافظ الجوف، أمين العكيمي قوله إن "إثارة النعرات والثأر والخلافات بين القبائل اليمنية مخطط لمليشيا الحوثي يستهدف خلخلة النسيج الاجتماعي والقبلي".
وعزا المسؤول اليمني ذلك، إلى عداء وحقد طائفي ممنهج للمليشيات الحوثي المدعومة من إيران على اليمن أرضا وإنسانا، والتي لا ترى في أبناء القبائل إلا وقودا لحربها وتزج بهم في معارك مع أهلهم وأقاربهم ومناطقهم.
وأضاف: "مليشيا الحوثي تمثل العدو الأول والتاريخي للمجتمع اليمني والقبيلة اليمنية التي كانت أحد أركان النظام الجمهوري بفعل تضحيات رجالها وأبنائها في مواجهة المد الإيراني".
ووصف نهج مليشيا الحوثي في إدارة الصراعات القبلية بـ"الخطط الشيطانية" لخلخلة وحدة المجتمع اليمني ولتدمير القبيلة اليمنية والحط من شأنها لصالح فكرها الطائفي والسلالي ومشروعها الإرهابي.
ودعا محافظ الجوف زعماء وأبناء القبائل في كل المحافظات اليمنية للالتحام في صف واحد لمواجهة مشاريع المليشيا الخبيثة والتي سوف تلقي بتأثيراتها وتهدد مستقبل الأجيال، محذرا من "الانجرار وراء الأهداف الإرهابية الحوثية التي تسعى لإيقاظ الفتنة وصراعات الثارات القديمة بين القبائل المختلفة فيما بينها".
ويرى مراقبون أن إثارة النعرات القبلية تعد السياسة الحوثية الأكثر خبثا لضرب القبائل بعضها البعض ولتفتيت وتفكيك هذا النسيج لمصلحة تمدد المليشيا في أوساط القبائل المتماسكة وإخضاعها.
وتعد أحقاد تطهير عرقية للانتقام من القبائل اليمنية على إثر تراجع موجة التحشيد لجبهات المليشيا سيما الواقعة في محافظة ذمار باعتبارها أكبر مخزون بشري تعرض لعملية استنزاف حوثية منذ الانقلاب آواخر 2014 وتصاعد شرارة رفض القبائل للزج في أبنائهم إلى محارق جماعية لخدمة مصالح طهران.