لم تكن حقيقة إرهاب الحوثيين مسألة حديثة بالنسبة لرجالات الإدارة الأمريكية فقد جرى التفكير فيها منذ العام 2016
هل يقترب النزاع في اليمن من نهايته سيما بعد تضييق العقوبات الأمريكية على إيران، والتفكير الجدي من قبل إدارة الرئيس ترامب لاعتبار جماعة الحوثي جماعة إرهابية؟
المتابع لسير العمليات العسكرية على الأرض يرصد تطورات سريعة تغير من طبيعة المعركة، سيما بعدما باغتت قوات الشرعية الدولية جماعات الحوثي وحققت تقدما على مسار الحديدة، على ساحل البحر الأحمر لتطهير المدينة من المتمردين الحوثيين .
ليس سرا القول إن هناك معسكرات تدريب على الأراضي اللبنانية والسورية لعناصر من الحوثيين ترقبا للمواجهة الإيرانية الكاملة والشاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية حال "القارعة"
من جانب آخر يبدو الجيش اليمني مقداما إلى أبعد حد ومد عندما وسّع من عملياته العسكرية في محافظة صعدة، معقل زعيم الحوثيين، حيث تدور معارك طاحنة هناك وإحكم الحصار على منطقة مران التي يتخذ منها الحوثيون طرقا رئيسة مهمة لتعزيز عناصرهم في الجبهة.
هل هي بداية النهاية للحوثيين في اليمن؟
يمكن أن يكون ذلك كذلك بالفعل، لاسيما أن تلك الجماعة التي باتت مرتبطة بأدوار إرهابية في اليمن تعارض أي تحركات أممية عبر إبداء التعنت ورفض تقديم أي تنازلات عن سيطرتهم التي فرضت بالقوة العسكرية على البلاد .
على أن التفكير الأمريكي الجديد الذي أشارت إليه صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية بشأن اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية يمكن أن يسبب شللا واسع النطاق لحضور تلك الميليشيات في الداخل اليمني، وحال إضافة هذا البعد السياسي إلى الهزائم العسكرية التي لحقت بفلول إيران في اليمن يضحى من الطبيعي القول إن النهاية قريبة .
لم تكن حقيقة إرهاب الحوثيين مسألة حديثة بالنسبة لرجالات الإدارة الأمريكية؛ فقد جرى التفكير فيها منذ العام 2016، غير أن البعض هناك فضل، وكما يقال، ترك الباب مواربا بهدف إفساح المجال لآليات التفاوض السياسي لكي تأتي أوكلها، لكن الغطرسة الإيرانية القائمة وراء الحوثيين ومحاولة استخدام تلك الميليشيا كبيدق من بيادق الحرس الثوري على خارطة الخليج العربي حالت دون أن تستجيب قيادة الحوثيين للوسائط الأممية أو الالتزام بالمقررات التي تم الاتفاق عليها خليجيا من قبل .
ماذا يعني وصف واشنطن لجماعة ما بأنها إرهابية؟
باختصار غير مخل يفيد بأن التعامل معها من قبل الشركات أو الإدارات الحكومية أمر ممنوع، ومن يخالفه يعرّض نفسه لعقوبات قاسية تصل إلى حد المحاكمة في الداخل الأمريكي، ويعني أيضا حرمان الحوثيين من استخدام الشبكة المالية الدولية، ومنعهم من السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
والشاهد أن جماعة الحوثي من حيث المعنى والمبنى باتت حقا جماعة إرهابية تتوافر فيها شروط مؤكدة تدفع في هذا الاتجاه، وفي المقدمة منها التعاطي مع وتشجيع جماعات إرهابية ملطخة أياديها بالدماء مثل تنظيم القاعدة.
خذ إليك في هذا الإطار ما قاله السفير الأمريكي لدى اليمن "ماثيو تولر" الذي اعتبر أن أفعال الحوثيين عندما اتوا إلى صنعاء "منحت حرية كبيرة جدا لعناصر القاعدة والمجموعات المتطرفة أن يتحركوا داخل البلاد بحرية لم يحصلوا عليها" أي المجموعات الإرهابية من قبل.
إرهاب ميليشيا الحوثي واضح على معالم وملامح وجودها في الداخل اليمني، حيث تمارس القتل والخطف، وترويع الآمنين، وتعطيل المساعدات الغذائية للداخل ومحاولة السيطرة على كافة أشكال الدعم الإنساني ومصادرتها لحسابها، وليهلك بقية الشعب اليمني هلاكا مبينا .
إرهاب الحوثيين هو في واقع الأمر نسخة من إرهاب إيران ، وهي أحد الأطراف التي تقتدي بالأطر الأيديولوجية المغشوشة للسياسات الإيرانية، وفي مقدمتها المعتقد اليقيني المطلق بأنها صاحبة رسالة فوق الإنسانية وإن شئت التحري والدقة ستجدها صاحبة دعوة إرهابية .
إرهاب الحوثيين رصده القاصي والداني من خلال تحولهم لمصدر تهديد للأمن القومي الإقليمي على أكثر من جانب، فهي تهدد حركة الملاحة الإقليمية في البحر الأحمر عبر عمليات القرصنة والغارات المسلحة، وكذا إرهاب السفن التجارية، وقصف بعض قطع البحرية التابعة لدول مختلفة بأسلحة لا تتواجد إلا في أيدي القوات المسلحة الإيرانية.
وعلى جانب آخر باتت الصواريخ طويلة المدى مهددا لدول الجوار، سواء تمثلت في المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة، وما أطلق حتى الساعة على مدن مختلفة داخل المملكة خير دليل على إرهاب الحوثي في الحال والاستقبال .
على أن البعض يحاجج بأن أي تسميات تطلقها الخارجية الأمريكية على الحوثيين لن يكون لها فائدة تذكر انطلاقا من أنها جماعة محلية لا تستخدم طرق التعاطي الدولي في تحويل الأموال أو السعي للسفر إلى خارج البلاد ، وعليه فإنها لن تقيم وزنا لاعتبارها جماعة إرهابية أم لا .
على أن هذا القول مردود عليه من جهتين:
أولا : وضع الحوثي سوف يزداد تأزما وضيقا ماليا في الأشهر القليلة القادمة، ذلك أن الدعم الذي كانت إيران تقدمه للخارج لن يبقى على نفس الدرجوة بل سيصل إلى حد التلاشي خلال ستة أشهر على الأقل، والسبب هو أن العقوبات الأمريكية تسعى لأن تجعل صادرات إيران من النفط صفرية ، واستحقاقات هذه الأولية هي قطع أيادي وكلائها في الخارج، وهو ما يقر به وزير العمل الإيراني "محمد شريعتمداري"، الذي أكد منذ أيام على أن بلاده كانت وقبل الجولة الثانية من العقوبات الأمريكية قد وصلت إلى حافة الانهيار المالي، وعليه يمكن للقارئ أن يتساءل : إلى أي مدى سيكون الحال عما قليل، وبخاصة في ظل شارع إيراني خرج منددا بكافة الشعارات التي تخدم الخارج على حساب الداخل ، بل نادى بالموت لفلسطين على أهمية القضية مقارنة بإشكالية الحوثي .
ثانيا : وفي إطار المواجهة الأمريكية المستمرة مع إيران هناك سيناريوهات للتعامل مع الحوثيين عبر القوة المسلحة، إذا لزم الأمر ، والتجربة التاريخية تبين أنه في أكتوبر تشرين أول 2016 أطلق الجيش الأمريكي صواريخ توما هوك على مواقع الرادار الساحلية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن بعد هجمات صاروخية على سفن البحرية الأمريكية في المنطقة .
إرهاب الحوثي، وهو ما تدركه أجهزة الاستخبارات الأمريكية بصورة شديدة الوضوح، لا يتوقف فقط عند التعاطي مع إيران ماليا أو لوجستيا، بل يتجاوزها إلى ذراع آخر من أذرع الإرهاب الإيرانية متمثل في حزب الله اللبناني، وليس سرا القول إن هناك معسكرات تدريب على الأراضي اللبنانية والسورية لعناصر من الحوثيين ترقبا للمواجهة الإيرانية الكاملة والشاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية حال "القارعة".
الخلاصة ...لعب الحوثي دور الباغي والمقولة التاريخية صادقة وأمينة ... "على الباغي تدور الدوائر ".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة