كيف ننقذ ثروة أفريقيا الزراعية من مقصلة التغيرات المناخية؟
ثلاثية الجفاف وجائحة كورونا وحرب أوكرانيا فاقمت أزمة الجوع والغذاء في أفريقيا خلال السنوات الثلاث الماضية.
لكنّ هناك أملا في أن تستطيع التغلب على أزمتها؛ حيث هناك الأراضي الخصبة والمياه اللازمة التي يمكن أن تغطي حاجتها، لكن قبل ذلك لا بد من تجاوز بعض العقبات.
رغم ما تمتلكه القارة الأفريقية من موارد طبيعية ضخمة، خاصة من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، والتي تقدر بنحو 2.2 مليار فدان، فإن الجوع والغذاء يعتبران أكبر أزمة تواجه سكان القارة، حيث تبلغ الفجوة الغذائية نحو 50 مليار دولار سنويا.
- بمعدل الخُمس.. انقطاع الكهرباء يقلص اقتصاد جنوب أفريقيا
- اتفاق الحبوب.. روسيا تضع شروطًا للتمديد الإضافي وتغازل أفريقيا
وتعد الزراعة أحد المجالات التي يمكن أن تلعب دوراً هاماً للغاية في النمو الاقتصادي المتوقع في القارة، تمتلك القارة الأفريقية أكثر من 60٪ من الأراضي الزراعية الخصبة العالم "2 مليار و232 مليون فدان"، كما يأتي أكثر من 25٪ من الناتج المحلي الإجمالي في القارة من الزراعة.
وأكد خبراء أن أهم التأثيرات الرئيسية للتغيرات المناخية على قطاع الزراعة في أفريقيا يتمثل في انخفاض إنتاجية المحاصيل ونفوق العديد من الماشية نتيجة تقلص موسم الأمطار والفيضانات التي تؤثر على الزراعة والماشية، ونزوح العائلات من المناطق المتضررة.
وأشار الخبراء إلى وجود وعي كامل للمزارعين الأفارقة بمشكلة التغيرات المناخية وتأثيراتها ليس فقط على قطاع الزراعة وإنما أيضا على القطاعات المتداخلة من تربية المواشي والصيد.
ولتخفيف التأثيرات التي تواجه المزارعين في القارة الأفريقية جراء التغيرات المناخية، أكد الخبراء على ضرورة الإسراع في مجال التحول الرقمي، والتوسع في مجال البحث العلمي وتعظيم الاستفادة منه في صناعة القرار الخاص بقطاع الزراعة وتوفير التمويل اللازم لهذه الأبحاث، ورفع وعي العاملين بالزراعة، وتحسين البنية التحتية للتكيف مع التغيرات المناخية.
كما شدد الخبراء على أهمية دور استثمارات القطاع الخاص، ودور الحكومة التحفيزي لتسهيل عمل القطاع الخاص بهذه المشروعات، ووجود تشريعات تضمن حقوق المزارعين في التعاقدات.
جاء ذلك على هامش جلسة افتراضية عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية لمناقشة تأثير التغيرات المناخية على صغار المزارعين في قارة أفريقيا.
بداية أكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن القارة الإفريقية تمتلك موارد طبيعية ضخمة إذ إن لديها 930 مليون هكتار تعادل 2 مليار و232 مليون فدان، من الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة، لافتة إلى أنّ عدد سكان القارة يبلغ نحو 1.4 مليار نسمة من الشباب، نحو 60%.
وأضافت: "رغم من وجود هذه المساحة فإنه لا يستغل من هذه الأراضي الصالحة للزراعة إلا نحو نصفها فقط.. الزراعة في أفريقيا تعد من أكثر القطاعات تأثرا بالتغيرات المناخية، والتي تؤثر سلبا على الإنتاجية الزراعية سواء النباتية أو الحيوانية، كما أنها تؤثر على الممارسات الزراعية الجيدة في الزراعة".
وشددت الدكتورة عبلة عبد اللطيف على أهمية العمل على مستوى المنطقة بشكل متكامل، بما يجعل العمل أكثر فعالية وتأثيرا في مواجهة التغيرات المناخية والحد من تأثيراتها على الفئات الأضعف، مشددة على أهمية الحوكمة والاعتماد على البحث العلمي لنجاح تجارب الدول في مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية.
وتابعت أن تحقيق التنمية الزراعية المستدامة وتوفير للأمن الغذائي والقضاء على الجوع، وتخفيف الفقر في إطار أجندة التنمية الإفريقية 2063 يتطلب؛ إضافة إلى الجهود الوطنية داخل كل دولة على حدة ضرورة التعاون والتنسيق والتكافل بين الدول الإفريقية والتخصص في الإنتاج الزراعي، وفقا للمزايا النسبية والتنافسية".
• تجارب أفريقية على المسار الصحيح
وقال الدكتور برافين أجروال المدير القطري لبرنامج الغذاء العالمي مصر، إن مصر تنفذ عددا من البرامج فى محاور مختلفة، تمثلت في تطبيق نظام الإنذار المبكر على نحو 6 آلاف فدان حتى الآن، والتوسع في الاعتماد على الطاقة المستدامة خاصة الطاقة الشمسية، واستخدام الوسائل الحديثة في الزراعة والرى، والرقمنة، حيث تم استثمار نحو 40 مليون دولار على مدار السنوات الخمس الماضية بالتعاون مع الحكومة المصرية لتنفيذ هذه البرامج، وسوف يتواصل هذا الاستثمار.
وأشار إلى مشكلة النازحين بسبب التغيرات المناخية خاصة في منطقة شرق أفريقيا الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، لافتا أنه في ظل محدودية الموارد الطبيعية فهناك حاجة لتحسين وحوكمة إدارتها بشكل يضمن بقاء الأشخاص في أماكنهم وعدم النزوح بسبب التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب تطوير البنية التحتية وتحسين النظم الرقمية.
من جانبه، استعرض الدكتور فريجوس ثوتو المدير التنفيذي لشركة تنمية الطاقة النظيفة الأفريقية ( ACED)، تجربة حكومة بنين في حل مشكلة النازحين نتيجة التغيرات المناخية، من خلال تعيين مفوضية عليا للمبيدات وصناعة المبيدات محليا، حيث تم تجميع الأشخاص العاملين بهذه الصناعة في مكان واحد والذين يعتمدون عليها في معيشتهم.
وأضاف أن الحكومة تركز على جذب استثمارات كبيرة في هذه المناطق وتطوير البنية التحتية لخلق بيئة أكثر استدامة وأكثر اعتمادية على الموارد الطبيعية، كما يتم التركيز على الاستثمارات الاجتماعية وبناء القدرات للمزارعين، وتعريفهم بأحدث التقنيات الحديثة في الزراعة، بالإضافة إلى الاستثمار في مجال التضامن الاجتماعي.
واستعرض كولا ماشا العضو المنتدب لمؤسسة بابان جونا، تجربة مؤسسته المعنية بالزراعة والرى في نيجيريا، لمساعدة صغار المزارعين على مواجهة التغيرات المناخية، حيث تمكنت من توفير تمويلات بقيمة أكثر من 250 مليون دولار على قطاع الزراعة والمزارعين على مدار نحو 11 عاما هي عمر المؤسسة، وذلك بمساعدة القطاع الخاص وتطوير مهارات المزارعين ورفع قدراتهم وإدخال التكنولوجيا الحديثة، فيما يشبه نظام الفرانشايز، وهو ما أمكن من تحسين دخولهم وظروفهم المعيشية وتحول حياتهم للأفضل وقدرتهم على توفير فرص تعليم جيدة لأبنائهم.
وقال وزير الزراعة المصري الأسبق الدكتور عادل البلتاجي إن أكثر الفئات التي ستتضرر من التغيرات المناخية هم المزارعون خاصة الصغار والسيدات في هذه الأسر، حيث يعمل نحو 25 – 50% من الكثافة السكانية بالدول النامية في الزراعة، وهو ما يتطلب العمل على تقليل الأضرار على هذه الفئات، لافتا إلى أنه بحلول عام 2050 تشير التقديرات إلى أن الزراعة ستختفي في البلاد النامية، وهو ما سيؤثر على الدول المتقدمة أيضا وليس النامية فقط، مطالبا بضرورة استخدام أحدث تقنيات التكنولوجيا والتفكير بشكل جماعي لإيجاد حلول لهذه المشكلة والحد من تأثيراتها.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuMTkzIA== جزيرة ام اند امز