إنها السنة الأولى التي يحتفي فيها العالم بأسره بالأخوة الإنسانية كدستور دولي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع.
لتعلن يوم 4 فبراير "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية"، ضمن مبادرة قدمتها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين، على خلفية اللقاء الذي عُقد بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية بتاريخ 4 فبراير 2019 في أبوظبي، والذي أسفر عن التوقيع على "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك".
الوثيقة أكدت على المساهمات القيمة للشعوب من جميع الأديان والمعتقدات للإنسانية، وعلى دور التعليم في تعزيز التسامح والقضاء على التمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد، وإذ هي كذلك تتجلى في حياتنا كبشر على أرض واحدة كل أشكال الأخوة والإنسانية في تعاملاتنا وأفكارنا ومواقفنا تجاه بعضنا، بينما يحدد بوصلة هذين المصطلحين ما يقبع في النفس من "خير وشر".
ما هي الأخوة وما هي الإنسانية..؟!
يقول بشار بن برد :
أخوك الذي لا ينقض الدهر عهده * ولا عندَ صرفِ الدهرِ يزوَرُّ جانبُه
فخذ من أخيك العفو واغفر ذنوبه * ولا تك في كل الأمور تجانبه
في اللغة الأخوة هي مصدر "أَخَا"؛ وتعني صِلَة التضامُن والمَودَّة، يُقال: بينهما علاقة أُخُوَّة؛ أي رابطة بين الأخ وأخيه وهي أيضاً علاقة تضامن وصداقة مبنيَّة على المَودَّة والتَّعاون بين أعضاء جماعة.
أما الإنسانية فهي مصدر صناعي من كلمة إنسان وتُعد من المصطلحات الجامعة لكل المعاني والمشاعر والعواطف السامية والنبيلة التي تكرس الرحمة في قلوب البشر تجاه بعضهم، وتحثُّ الإنسان أيا كان لونه ودينه وجنسه على الشعور والتعاطف مع أخيه الإنسان في أي بقعة من بقاع الأرض.
أما الفلاسفة فقد خاضوا عميقا في هذا المفهوم، ليكون دائراً حول إظهار الاحترام والإحسان تجاه رفقائنا من البشر، وتقدير قيمة التعلُّم البشريّ.
ومهما تعددت المفاهيم والتفسيرات تأتي الأخوة الإنسانية بمقاصدها المتنوعة لتنتصر للبؤساء والمظلومين في كل مكان في هذا العالم.. فحينما ننادي بها فهذا يعني أن نقف متكاتفين ضد كل ما يتنافى مع الإنسانية كمبدأ ويقع تحت بند الجرائم التي لا تغتفر كالإبادات الجماعية التي شهدها التاريخ, ولا أدل من الحروب والقتل المتعمد للمدنيين والمجازر بحقهم في مختلف من دول العالم والدول العربية والإسلامية، وغيرها من تلك المدونة على صفحات التاريخ.
ويعني أيضاً أن نناهض كل ما يرتبط بالتطهير العرقي بحجة "النقاء والحفاظ على أصالة النسل" والانتماء لمنطقة جغرافية بعينها لفئة محددة فيتم إقصاء وطرد مجموعات بعينها كما حدث في فترة الحرب العالمية الثانية.
ويعني كذلك أن ننظر إلى جرائم الحرب وما تبعها من أنظمة العمل القسري كالذي حدث مع إعدام اليهود في الهولوكوست والتسخير والمجاعات التي حدثت بسبب الإنسان كمجاعة البطاطس الأيرلندية التي كانت بين عامي 1845م و1852م، وتسببت في وفاة مليون إنسان وهجرة مليون آخرين من أيرلندا، لتكون نقطة الفصل بين مأساتها وتحول أنماطها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومثلها مع تغير الأحداث والظروف والاشتراك في المأساة الإنسانية ما دار في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر.
الأخوة الإنسانية تعني أن يحترم الإنسان حق أخيه الإنسان في العيش بكرامة وحرية وأمان، بعيدا عن التطرف والإرهاب والتجويع والتشريد.. أن يحظى بمواطنة كاملة وعدالة شاملة واعتبار لا يعرف للعنصرية والتهميش معنى ومنهجاً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة