"رايتس ووتش" تدين جريمة سحب قطر جنسية مواطنيها وتعتبرها "عقابا جماعيا"
المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان تتهم سلطات الدوحة بالتعسف ضد مواطنيها وحرمان بعضهم من حقوقهم المشروعة وتركهم يتعرضون لظروف قاسية.
أدانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قرار قطر سحب الجنسية تعسفا من مواطنيها، وعدته عقابا جماعيا ترك بعض أفراد عشيرة الغفران من دون جنسية طوال 20 سنة، وحرمهم من حقوق أساسية.
وذكرت المنظمة الدولية المعنية بمراقبة حقوق الإنسان، في بيان الأحد، أن أفراد عشيرة الغفران عديمي الجنسية محرومون من حقوقهم في العمل اللائق، والحصول على الرعاية الصحية، والتعليم، والزواج وتكوين أسرة، والتملك، وحرية التنقل، وتركتهم قطر بدون وثائق هوية سارية، يواجهون قيودا على فتح الحسابات المصرفية والحصول على رخص القيادة ويتعرضون للاعتقال التعسفي.
وأوضحت أن المقيمين منهم في قطر محرومون أيضا من مجموعة من المزايا الحكومية المتاحة للمواطنين القطريين، كالوظائف الحكومية، ودعم الغذاء والطاقة، والرعاية الصحية المجانية.
وحذرت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، نظام الحمدين في الدوحة من الاستمرار في حرمان العديد من أفراد عشيرة الغفران من الجنسية، مطالبة الحكومة القطرية بإنهاء معاناة أولئك الذين بلا جنسية فورا، وأن تمنحهم هم ومن حصلوا منذ ذلك الحين على جنسيات أخرى، مسارا واضحا نحو استعادة جنسيتهم القطرية.
وقابلت هيومن رايتس ووتش 9 أفراد من 3 عائلات بلا جنسية من عشيرة الغفران يعيشون في قطر، وشخصا آخر من عائلة رابعة يعيش في السعودية.
ووصف رجل (56 عاما)، سُحبت جنسيته هو وأطفاله الخمسة في 2004، إثر ذلك قائلا: "ليست لدي أي ممتلكات باسمي، لا بيت، لا دخل، لا بطاقة صحية، ولا يمكنني حتى فتح حساب مصرفي، كما لو أنه لا وجود لي.. عندما أمرض، "بدلا من الذهاب إلى الطبيب أو المستشفى" أتناول الـ"بنادول" وأتمنى التحسن".
عشيرة الغفران (أو فخيذة الغفران بحسب التسمية المحلية) هي فرع من قبيلة آل مُرَّة، المنتشرة في منطقة الخليج وتُعتبر من أكبر القبائل في قطر.
وأشار بيان المنظمة إلى أن "هيومن رايتس ووتش" راسلت وزارة الداخلية القطرية في 29 أبريل/نيسان 2019 للإعراب عن قلقها بشأن وضع عشيرة الغفران.. ولم تتم الإجابة عن الرسالة حتى وقت إعداد هذا التقرير.
وأضافت المنظمة أن العديد من ممثلي عشيرة الغفران أخبروا "هيومن رايتس ووتش" بأنهم يعتقدون أن هذا الإجراء كان بمثابة عقاب جماعي بسبب مشاركة بعض أفراد العشيرة في انقلاب 1996 الفاشل ضد الأمير آنذاك حمد آل ثاني، الذي أطاح بوالده، خليفة آل ثاني، قبلها بعام.
وردت المنظمة على مزاعم الحكومة القطرية بأن أولئك الذين سُحبت جنسيتهم يحملون جنسية ثانية، ويحظر قانون الجنسية القطري ازدواج الجنسية، موضحة أن تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية في 2006، "أشار دبلوماسيون إلى أن العديد من مزدوجي الجنسية الآخرين في قطر لم يتأثروا".
وقالت المنظمة: "نفى كل من قابلناهم امتلاكهم جنسية ثانية عندما سُحبت جنسيتهم القطرية.. وأكد البعض أنهم لم يتمكنوا لاحقا من الحصول على جنسية ثانية.. وأشار آخرون إلى أنهم تمكنوا من الحصول على جنسية ثانية، لكن أصولهم قطرية".
ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى أن أيا من الذين سحبت قطر جنسيتهم تعسفيا، لم يتلقَّ أي اتصال رسمي أو مكتوب يوضح سبب سحب جنسيتهم أو يمنحهم فرصة للطعن، وأنهم جميعا، بما في ذلك أولئك الذين عادوا إلى قطر بعد مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب في يونيو/حزيران 2017، قالوا إنهم إما هربوا، أو رُحلوا، أو مُنعوا من العودة إلى قطر بعد سحب جنسيتهم.
وفيما تؤكد الحكومة القطرية أن من لم تُعَد إليهم الجنسية هم مواطنون سعوديون، قالت العائلات الثلاث التي تمت مقابلتها في قطر من عديمي الجنسية إن الحكومة لم تسمح لها بالطعن في ذلك، بينما أكدت العائلات أنها تواصلت مع وزارة الداخلية ولجنة حقوق الإنسان والديوان الأميري عدة مرات في محاولة لاستعادة الجنسية لكن دون جدوى.
وأضاف التقرير أن "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يجري استعراضه الثالث لسجل قطر الحقوقي في إطار الاستعراض الدوري الشامل في 15 مايو/أيار في جنيف، وأنه خلال العامين الماضيين، ناشد نشطاء من الغفران مجلس حقوق الإنسان مساعدتهم في استعادة الحقوق المفقودة لعشيرتهم"، مشيرا إلى أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2018، طُرحت القضية في ورقة مشتركة مقدَّمة إلى الاستعراض من "الحملة العالمية من أجل حقوق المساواة في الجنسية" و"معهد عديمي الجنسية والإدماج" و"مركز تفعيل الحقوق".
وقالت فقيه: "ينبغي للحكومة القطرية إنشاء نظام يتسم بالشفافية وفي حينه لمراجعة مطالبات أفراد عشيرة الغفران بالجنسية.. على قطر متابعة الخطوات الإيجابية التي اتخذتها مؤخرا في المصادقة على معاهدات حقوق الإنسان الأساسية والتأكد من احترام الحقوق المنصوص عليها فيها".
وجاء في تقرير المنظمة الدولية أن جميع من قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" قالوا إنهم اعتمدوا على مساعدات أشخاص متعاطفين مع وضعهم لتغطية احتياجاتهم الأساسية، نظرا لافتقارهم لوثائق هوية سارية واضطرارهم للإقامة في دول خليجية أخرى، لم يتمكنوا من الحفاظ على دخل ثابت وكافحوا ليعيشوا حياة كريمة.
وأضاف أن 3 أسر عديمة الجنسية أكدت أن كل المنازل التي سكنوها منذ سحب الجنسية تبرعت لهم بها جمعيات خيرية أو أقاربهم، ولم يتمكن أي من الأطفال الذين سُحبت جنسيتهم قبل سن 18 عاما من مواصلة التعليم العالي، أو الحصول على عمل مُجد، أو الزواج وتأسيس أسرة.
وقالت المنظمة إن الوثيقة التعريفية الوحيدة لدى العديد من الذين قابلتهم كانت جوازات السفر وبطاقات هوية وبطاقات صحية قطرية منتهية الصلاحية؛ وفي بعض الحالات، مجرد نسخ عنها، بالنسبة للجيل الأصغر، حتى هذه الوثائق نادرا ما تُفيدهم لأن صورهم عليها التُقطت عندما كانوا أطفالا صغارا أو مراهقين.
وأضافت أن الذين وُلدوا بعد سحب جنسية أسرهم لا يمتلكون إلا شهادات ميلاد من دول خليجية مختلفة، الكثير منها تُبيّن جنسيات الوالدين كقطريين، وتُشير شهادة الميلاد القطرية لطفلة إلى أن والديها "ليسا قطريين"، وبلا جنسية أخرى، فيما يحمل العديد من عديمي الجنسية المقيمين في قطر وثائق متنوعة أصدرتها الحكومة مؤخرا والتي تشير إلى جنسيتهم كقطريين؛ ما يدل على التباس وضعهم القانوني حتى داخل الدوائر الحكومية.
aXA6IDE4LjIyNS4yNTQuODEg جزيرة ام اند امز