صور مأساوية من فنزويلا.. الجوع يلتهم أطفال بلد النفط
فنزويلا تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم ولكن في السنوات الثلاث الأخيرة انهار اقتصادها واجتاحها الجوع الذي يحصد أرواح الأطفال
فنزويلا تملك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، ولكن في السنوات الثلاث الأخيرة انهار اقتصادها، واجتاح الجوع البلاد لسنوات، والآن يحصد أرواح الأطفال.
والحكومة الفنزويلية تعلم، ولكنها لا تريد الاعتراف بذلك.
- بالصور.. الكرتون بدلا من الحضانات لرعاية مواليد فنزويلا
- بالصور.. جسر قصير ينقذ فنزويلا من أزمة إنسانية
وعلى مدى 5 أشهر، تتبعت صحيفة "نيويورك تايمز" 21 مستشفى عاما في فنزويلا، الأطباء يشهدون أعدادا قياسية من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.. المئات لقوا مصرعهم.
كينيربر أكوينو ميرتشان كان عمره 17 شهرا عندما تضور جوعا حتى الموت.
قبيل الفجر، غادر والده لإحضار جثمانه من مشرحة المستشفى، ثم عاد إلى البيت حاملًا جثة كينيربر التي تشبه الهيكل العظمي إلى المطبخ، وسلمه إلى متعهّد دفن الموتى الذي يقوم بزيارات منزلية للأسر الفنزويلية التي لا تملك أموالا لإقامة الجنازات.
يبرز العمود الفقري والقفص الصدري لكينيربر بعد حقنه بمواد التحنيط الكيميائية.. وتهش العمات أبناء عمومته الصغار الفضوليين، حيث وصل المشيعون حاملين أزهارا برية من التلال.
يقوم الأقارب بقص زوج من الأجنحة الكرتونية من أحد صناديق الحصص الغذائية البيضاء الفارغة التي تعتمد عليها الأسر على نحو متزايد في ضوء نقص وارتفاع أسعار المواد الغذائية.. ويضعون الأجنحة الصغيرة بلطف على تابوت كينيربر لمساعدة روحه على الوصول إلى السماء، وهو تقليد متبع عندما يموت طفل في فنزويلا.
عندما أصبحت جثة كينيربر جاهزة للعرض أخيرا، بدأ والده كارلوس أكينو، وهو عامل بناء يبلغ من العمر 37 عاما، يبكي بشكل لا إرادي "كيف حدث هذا؟" صرخ، هو يعانق النعش ويتحدث بهدوء، كما لو أنه يطمئن ابنه في الموت، وتتمتم شفتاه "أبوك لن يراك مجددا".
طيلة سنوات يضرب الجوع فنزويلا، ويقول الأطباء في المستشفيات العامة في البلاد إنه الآن يقتل أطفال الأمة بمعدل ينذر بالخطر.
وما لبثت فنزويلا تتدهور منذ أن بدأ اقتصادها في الانهيار عام 2014، وأدت أعمال الشغب والاحتجاجات حول عدم توفر الغذاء بأسعار معقولة، والطوابير الطويلة من أجل الإمدادات الأساسية، والجنود الذين ينتشرون خارج المخابز والحشود الغاضبة التي تنهب محلات البقالة، إلى إرباك المدن، من أعماق الأزمة.
غير أن الوفيات الناجمة عن سوء التغذية ظلت سرا محاطا بكتمان شديد من قبل الحكومة الفنزويلية. وفى تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" في 5 أشهر قال الأطباء في 21 مستشفى حكوميا في 17 ولاية في أنحاء البلاد أن غرف الطوارئ تتكدس بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وهي حالة نادرا ما كانوا يواجهونها قبل بدء الأزمة الاقتصادية.
من جانبه، قال الطبيب هونيادس أوربينا مدينة، رئيس الجمعية الفنزويلية لرعاية الأطفال وطب الأطفال: "الأطفال يصلون في حالات سيئة للغاية من سوء التغذية.
وأضاف أن الأطباء كانوا يشهدون حتى هذا النوع من سوء التغذية الشديد الذي كثيرا ما يوجد في مخيمات اللاجئين وهي حالات غير عادية للغاية في فنزويلا الغنية بالنفط قبل أن ينهار اقتصادها.
وبالنسبة للعديد من الأسر ذوات الدخل المنخفض، فإن الأزمة أعادت رسم المشهد الاجتماعي تماما.. فالآباء والأمهات مثل أم كينيربر يقضون أياما كاملة دون طعام، وينكمشون إلى وزن الأطفال هم أنفسهم.
تصطف النساء في عيادات التعقيم لتجنب إنجاب أطفال لا يستطيعون إطعامهم.. ويترك الأولاد الصغار منازلهم وينضمون إلى عصابات الشوارع للبحث عن الطعام وسط النفايات، تحمل أجسادهم ندوبا جراء عراك بالسكاكين مع المنافسين.
وبينما تنقض حشود البالغين، على مكبات النفايات بعد إغلاق المطاعم، يموت الأطفال لأنه من الصعب العثور على حليب الأطفال أو تحمل ثمنه، حتى في غرف الطوارئ بالمستشفيات.
تقول الطبيبة ميلاجروس هيرنانديز في غرفة الطوارئ بمستشفى للأطفال في مدينة باركيسيميتو الشمالية: "أحيانا يموتون بين ذراعيك فقط جراء الجفاف"، مشيرة إلى أن المستشفى بدأ يشهد زيادة في عدد المرضى الذين يعانون من سوء التغذية في نهاية عام 2016.
وأضافت: "لكن في عام 2017، كانت الزيادة في عدد المرضى الذين يعانون من سوء التغذية مروعة، يصل الأطفال بنفس وزن وطول الأطفال حديثي الولادة".