الرهان على "الهيدروجين".. "الحصان الأسود" للطاقة في سباق المناخ (تحليل)
ينظر البعض للتغير المناخي على أنه يحمل في طياته بعض الفوائد للبشرية، كونه يمثل دافعا للابتكار في مجالات عديدة علي رأسها قطاع الطاقة.
شركة "دي يونج أند كو" الرائدة في مجال حماية الحقوق الملكية الأوروبية، ضربت مثالا بالهيدروجين، وقالت في تقرير لها إن استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة رغم أنه كان معروفا لعقود من الزمن إلا أن الاعتماد الواسع عليه ظل محدودا إلى حد كبير، ولم يتم التوسع في استخدامه إلا بعد ظهور أزمة التغير المناخي.
صناعة الهيدروجين كانت تواجهها أزمة في البنية التحتية، ولكن بمرور الوقت وفي ظل حاجة الإنسان وبحثه عن بدائل للوقود الأحفوري، بدأت عمليات البحث في كيفية استخدام الهيدروجين كمصدر مهم للطاقة.
ورغم عدم الاهتمام بالهيدروجين لسنوات، أصبحت طاقة الهيدروجين الخضراء بمثابة حصان أسود في الوقت الحالي، وقد حظيت باهتمام متجدد بين صانعي السياسات وخبراء الطاقة العالميين كمحرك محتمل للانبعاثات الصفرية الصافية.
يرجع ذلك في جزء كبير منه إلى التقدم الكبير في تمكين التقنيات جنبا إلى جنب مع الإعانات الحكومية والسياسات الصناعية التي تدعم البحث والتطوير، على سبيل المثال، تم تخصيص أكثر من 5 مليارات يورو من قبل المفوضية الأوروبية لدعم مشاريع الهيدروجين الأخضر، ونحو 9.5 مليار دولار في قانون خفض التضخم الأمريكي، وفقا لبيانات المنتدى الاقتصادي العالمي.
بالعودة إلى تقرير شركة "دي يونج أند كو"، سنجد أنه من المقرر أن تبدأ الشبكة الوطنية في المملكة المتحدة اختبار استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة فى العام الجاري، مع توقع أن يكون التنفيذ الفعلي بشكل أوسع في المستقبل.
ويمثل الاعتماد علي الهيدروجين فرصة كبري لتوفير مصدر طاقة خال من الكربون بالكامل وتأتي غالبية براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين عالميا من دول الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة.
وساهم الاتحاد الأوروبي واليابان بأكثر من نصف براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين في الفترة من عام 2011 إلي عام 2020 حيث استحوذ الاتحاد الأوروبي على 28% بينما ساهمت اليابان في 24% من تلك البراءات.
وشهدت الولايات المتحدة انخفاضا كبيرا في براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين منذ عام 2015، على الرغم من كونها رائدة على مستوى العالم حتى عام 2010، بينما ارتفعت براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين في كل من كوريا الجنوبية والصين في عام 2019، إلا أنها تراجعت فيما بعد.
ويقسم التقرير براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين إلى 3 فئات رئيسية وشملت المرحلة الأولى إنتاج الهيدروجين أما المرحلة الثانية تتعلق بتخزينه وتوزيعه وأخيرا تطبيقات الاستخدام النهائي.
إنتاج الهيدروجين
يمكن للهيدروجين أن يلعب دورا بارزا في إزالة الكربون من الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وكذلك وسائط النقل الثقيلة أو لمسافات طويلة.
كما أنها تنطوي على إمكانات كبيرة للمساهمة في هدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال استبدال إنتاج الهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري واستهلاك الوقود الأحفوري في الصناعة وقطاع النقل.
كما أن إنتاج الهيدروجين المتجدد من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيدعم أيضا تكامل أنظمة الطاقة
يوضح التقرير أن براءات الاختراع المتعلقة بإنتاج الهيدروجين بين عامي 2001 و2020 تركزت بشكل أساسي على مصدرين للهيدروجين هما الوقود الأحفوري والتحليل الكهربائي للماء في حين أن الوقود الأحفوري هو الوسيلة الأكثر شيوعًا لإنتاج الهيدروجين المستخدم اليوم.
ويؤكد التقرير أن معدل براءات الاختراع المتعلقة بإنتاج الهيدروجين عبر تكنولوجيا التحليل الكهربائي للماء ارتفع بسرعة لأنه قد تم نشر أكثر من 5000 براءة اختراع بحثية على تلك التقنية بين عامي 2001 و2020، بشكل أساسي من باحثين من اليابان وأوروبا.
ويمكن للتحليل الكهربائي أن ينتج مصدر حقيقي للطاقة صفرية الانبعاثات من الهيدروجين إذا كان يأتي بالكهرباء من مصادر طاقة متجددة أو نووية.
وتشير الزيادة الأخيرة في نشاط تسجيل براءات الاختراع حول التحليل الكهربائي للماء إلى تحول مستقبلي في نسبة إنتاج الهيدروجين نحو التحليل الكهربائي، وكذلك الضغوط الكبيرة التي تواجهها الحكومات في جميع أنحاء العالم للبحث عن أشكال جديدة من إنتاج الطاقة خاصة بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في العام الماضي.
التخزين والتوزيع
وكشف التقرير أن كافة براءات الاختراع المتعلقة بتخزين الهيدروجين تشير إلي أن الكثافة المنخفضة نسبيًا للهيدروجين تمثل العديد من التحديات للتخزين.
وجاء جزء كبير من براءات الاختراع في هذا المجال من شركات كيميائية أوروبية كبري مثل "اير ليكويد " و"لندي" وتساهم تلك الشركات في 38% من براءات الاختراع حول تخزين الهيدروجين كغاز نقي، وكذلك 50% من براءات الاختراع المتعلقة بتخزينه في شكل سوائل بين عامي 2011 و2020.
كما ساهمت أيضا شركات السيارات اليابانية مثل تويوتا وهوندا بقدر كبير في براءات أختراع تكنولوجيا تخزينه في شكل غازي.
وكبديل لتخزين الهيدروجين في شكل غاز نقي أو سائل، يشير التقرير أيضا إلى زيادة في براءات الاختراع المتعلقة بإنتاج الوقود الاصطناعي من الهيدروجين مما يساهم في تخزين فعال وكذلك نقله بشكل أكثر كفاءة ويبدو أن هذه التكنولوجيا غير ناضجة نسبيًا حتي الان.
تطبيقات الاستخدام
ويوضح التقرير أن هناك مجموعة واسعة من تطبيقات الاستخدام النهائي التي تعتمد علي استخدام الهيدروجين كبديل للوقود الأحفوري.
وهناك نسبة هائلة من براءات الاختراع المتعلقة بالهيدروجين ضمن تطبيقات الاستخدام النهائي منذ عام 2001 خاصة في صناعة السيارات حيث تم تقديم أكثر من 350 في مجال الطيران وفي قطاع صناعات السيارات خاصة عام 2020 وحده من الشركات اليابانية، مثل هوندا وتويوتا .
وتعد اليابان رائدة في براءات الاختراع الخاصة بالهيدروجين الخاصة بصناعة السيارات بينما تتقدم الولايات المتحدة في التطبيقات الخاصة بالنقل الجوي أما أوربا في رائد التطبيقات الخاصة بمجال الشحن.
وبخلاف النقل، تشمل الاستخدامات الناشئة الأخرى للهيدروجين توليد الكهرباء وإنتاج الحديد والصلب والاستخدام في المباني خاصة في التدفئة ورغم ذلك لا يشير التقرير إلى أي اتجاهات واضحة نحو الابتكار في هذه المجالات ويبدو أن هناك انخفاضًا عامًا في تسجيل براءات الاختراع في كل من هذه الاستخدامات الناشئة.
توقعات المستقبل
في ظل اتجاهات تسجيل براءات الاختراع المحددة في هذا التقرير، فهناك فرصة لتوقع مستقبل تكنولوجيا الهيدروجين لأنه مع استمرار تغير المناخ في دفع عجلة التطور التكنولوجي، يشير نشاط تسجيل براءات الاختراع الأخير إلى مزيد من التطور نحو إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات من خلال التحليل الكهربائي للماء على نطاق واسع
ويمكن بعد ذلك اعتماد أساليب نقل الهيدروجين الغازي والسائل لدعم قطاع النقل الذي يعتمد على الهيدروجين سريع النمو.
فئات لون الهيدروجين
الهيدروجين نفسه غاز غير مرئي وعديم اللون، ومع ذلك، غالبا ما يشير المنتجون والمسوقون والوكالات الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرون إلى الهيدروجين في فئات الألوان (مثل الهيدروجين الوردي مقابل الهيدروجين البني).
ثلاثة من أكثر فئات الألوان شيوعا للهيدروجين هي الأخضر والوردي والأزرق.
يشير مصطلح "الأخضر" إلى الهيدروجين الذي تم إنشاؤه من خلال التحليل الكهربائي بالكهرباء من مصادر متجددة. يشير "الوردي" إلى الهيدروجين المشتق من الكهرباء التي تنتجها الطاقة النووية، بينما يشير "الأزرق" إلى الهيدروجين الناتج عن الطاقة من الوقود الأحفوري الذي يحتوي على عمليات احتجاز الكربون في مكانه.
من المهم ملاحظة أنه بينما يتم تشكيل بعض الإجماع حول تعريف فئات الألوان هذه، لا يوجد تعريف قانوني أو تنظيمي صارم وراء هذا النظام، حاليا، يلعب نظام الألوان دورًا تسويقيا غير رسمي.
aXA6IDMuMTUuMzEuMjcg جزيرة ام اند امز