الجهود الفردية لمواجهة تغير المناخ.. كثير من الوعي قليل من المشاركة
تحتل قضايا المناخ والاستدامة أولويات العديد من الحكومات، بينما يتنامى شعور الأفراد باليأس حول التأثير الذي يمكنهم إحداثه.
ويتفاقم هذا اليأس بفعل القلق المناخي أو الشعور بالذنب تجاه البيئة، فضلا عن زيادة غير متوقعة في الشك المناخي الذي نمى باستمرار على مدار السنوات الثلاث الماضية، لا سيما في فرنسا وبلدان عربية.
وهذا لا يعني أن شعوب هذه الدول ينكرون أزمات المناخ، لكنه بالأحرى اعتقاد بأن الفكرة برمتها "ترجع أساسا إلى أنواع الظواهر الطبيعية التي مرت بها الأرض طوال تاريخها وليست بالضرورة نتاج نشاط البشر".
وفي المقابل، أشارت بعض الأبحاث إلى أن لامبالاة الأفراد هذه لا تعدو أن تكون خرافة، وأرجعت الأمر للافتقار إلى المناقشة العامة، خاصة بين الدوائر الاجتماعية غير الرسمية، والذي يحجّم المساهمة الفردية.
"كيف يمكننا إحداث الفرق؟" سؤال طرحته صحيفة "ذا ناشيونال" على أمروتا كشمكالياني، مؤسسة إحدى شركات الاستشارات المستدامة، فأجابت "من المهم بالنسبة لنا جميعا أن ندرك أن قوتنا الاستهلاكية الجماعية أكثر مما نعتقد".
دور الأفراد في مواجهة تغير المناخ
وتساعد "أمروتا" في تثقيف الأشخاص والشركات في دولة الإمارات العربية المتحدة حول ممارسات تقليل النفايات وتعميم الحلول البيئية، وتقول: "نحتاج إلى البدء في قول (لا) للمنتجات الضارة بالمناخ والتنوع البيولوجي وصحة الإنسان، وأن تكون هذه الصيحة الرافضة جماعية".
وبدأت "أمروتا" عملها في دولة الإمارات قبل نحو 16 عاما، وتقول: "اعتاد الناس أن يسألوني عما تعنيه الاستدامة، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن رأيت الانتقال العام للسوق إلى اقتصاد أخضر وأكثر استدامة، بالإضافة إلى زيادة الوعي في المجتمع".
في الوقت نفسه، لاحظت مستشارة الاستدامة أن هذه الزيادة في الوعي لم تترجم إلى أفعال، وتقول: "لدينا أشخاص مدركون جيدًا لهذه القضايا، لكننا نفتقر إلى الأشخاص المساهمين والفاعلين"، وترى أن هذا النقص في المساهمة البيئية يتحول بمرور الوقت إلى قلق أو شعور بالذنب حيال البيئة.
وتقول: "لا يتطلب الأمر أن يعرف الناس الجوانب الفنية للحفاظ على درجة حرارة الأرض من الارتفاع لأكثر من درجتين مئويتين، ولكن المهم هو كيفية ترجمة هذه الموضوعات المعقدة إلى إجراءات بسيطة يمكن لأي شخص فهمها والمساهمة فيها".
هل الحل في "صفر نفايات"؟
هناك العديد من الطرق التي يمكن للأفراد المساهمة من خلالها في التخفيف من تغير المناخ، مثل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، واستخدام وسائل النقل العام، وتقليل استهلاك اللحوم، بينما يظل تقليل النفايات أحد أكثر الطرق المعترف بها فيما يتعلق بالمساهمة الفردية.
تأسس هذا المفهوم على مبدأ "Rs 5" ويعني "refuse رفض، reduce تقليل، reuse إعادة استخدام، recycle إعادة تدوير، rot تعفن"، ويبدأ برفض ما لا تحتاجه، وتقليل ما تفعله، وإعادة استخدام ما تشتريه أو إصلاحه أو تغيير الغرض منه، وإعادة تدوير ما تستطيع، وتحويل المواد العضوية إلى سماد نباتي.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 70% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية تأتي من اقتصاد المواد، ويمثل قطاع النفايات 20% من انبعاثات غاز الميثان في جميع أنحاء العالم، وفقا للتحالف العالمي لبدائل الحرق، وهو غاز من غازات الاحتباس الحراري أقوى 80 مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
تقليل النفايات
ووجدت دراسة أجريت عام 2022 أن التخلص من النفايات يمكن أن يقلل من انبعاثات النفايات العالمية بنسبة 84%، أو 1.4 مليار طن، وهو ما يعادل انبعاثات 300 مليون سيارة سنويا، وهذا هو بيت القصيد فيما يتعلق بدور الأفراد في خفض الانبعاثات ودفع جهود مكافحة التغيرات المناخية.
وتقول ماريسكا نيل، فنانة تعيش بين الإمارات وأستراليا وتعنى بجمع النفايات، إن التخفيضات الصغيرة من شخص واحد يمكنها أن تحدث فرقا، وقبل بضع سنوات قررت "نيل" ارتداء فستان من القمامة لمدة 30 يومًا، في حملة أدت إلى بعض المحادثات الشيقة مع أشخاص في الأماكن العامة.
وكانت "نيل" تنتج كيلوغرامين إلى 3 كيلوغرامات من النفايات يوميا، وهو المعدل العالمي في ذلك الوقت، بينما حاول أحد أصدقائها إنتاج أقل قدر ممكن من النفايات، وتقول: "لقد كان صادما أن أرى الفرق، وبعد شهر واحد كان لدي 65 كيلوغراما، بينما كان لدى صديقي 4 كيلوغرامات فقط".
aXA6IDMuMTM3LjE4MC42MiA= جزيرة ام اند امز