حدث في رمضان.. وفاة العلامة ابن ماجه صاحب السنن
في يوم 22 رمضان عام 273 هجريا الموافق 886 ميلاديا توفي العلامة محمد بن مَاجَهْ صاحب كتاب "سنن ابن ماجه" أحد الصحاح الستة.
في يوم 22 رمضان عام 273 هجريا الموافق 886 ميلاديا توفي العلامة محمد بن مَاجَهْ صاحب كتاب "سنن ابن ماجه" أحد الصحاح الستة.
هو الإمام الحافظ الكبير أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزْويني، وُلد بقزوين عام 209 هجريا الموافق 824 ميلاديا.
نشأ ابن ماجه في جو علمي، ولذلك شبَّ وهو محبّ للعلم الشرعي عموما، وعلم الحديث خصوصا؛ فحفظ القرآن الكريم، وتردد على حلقات المحدثين التي امتلأت بها مساجد قزوين، حتى حصَّل قدرا كبيرا من الحديث.
بدأ ابن ماجه رحلة العلم مبكرا، وهاجر عام 230 هجريا في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم، فرحل إلى العديد من البلدان مثل: خراسان، والبصرة والكوفة، وبغداد ودمشق، ومكة والمدينة، ومصر، وغيرها من الأمصار، وتعرف على العديد من مدارس الحديث النبوي الشريف؛ إذ أتاحت له هذه الفرصة أن يلتقي عددا من الشيوخ في كل مكان، وفي كل بلد ارتحل إليه.
وخلال رحلته العلمية في هذه البلدان تعلم على العديد من أهل العلم مثل: علي بن محمد الطنافسي الحافظ، وقد أكثر عنه، وإبراهيم بن المنذر الحزامي وهو تلميذ البخاري، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وجبارة بن المغلس، وهو من قدماء شيوخه، وعبد الله بن معاوية، وهشام بن عمار، ومحمد بن رمح، وداود بن رشيد، وخلق كثير، وقد ذكرهم في سننه وتآليفه.
ثم بعد رحلة شاقة استغرقت أكثر من 15 عاما عاد ابن ماجه إلى قزوين، واستقر بها، واتجه للكتابة التأليف والتصنيف ورواية الحديث وإلقاء الدروس بعد أن ازدادت شهرته، وبات يقصده الطلاب من كل مكان.
ومن أبرز طلابه وتلاميذه: محمد بن عيسى الأبهري، وأبو الطيب أحمد بن رَوْحٍ البغدادي، وأبو عمرٍو أحمد بن محمد بن حكيمٍ المديني، وأبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، وسليمان بن يزيد الفامي، وآخرون.
لم يبقَ من كتبه غير كتابه "سنن ابن ماجه" أحد الصحاح الستة؛ فقد ضاعت مصنفاته مع ما ضاع من ذخائر تراثنا العظيم، فقد كان له تفسير للقرآن وصفه ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) بأنه "تفسير حافل"، وله أيضا كتاب في التاريخ تحدث فيه عن عصر الصحابة حتى عصره، وقال عنه ابن كثير إنه "تاريخ كامل".
واحتل كتابه "سنن ابن ماجه"، منزلة ومكانة كبيرة بين علماء الحديث؛ فهو من أعظم الكتب وأبقاها على الزمان، فقد عُدَّ هذا الكتاب من كتب السنن الستة المعروفة "صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه" وهي المراجع الأصول للسنة النبوية الشريفة وينابيعها.
وقد رتبه ابن ماجه على كتب وأبواب؛ حيث اشتمل على مقدمة و37 كتابا و500 ألف باب، تضم 4341 حديثا، اشترك معه أصحاب الكتب الخمسة في تخريج 3002 حديث، وانفرد بتخريج 1339 حديثا، من بينها 428 حديثا صحيح الإسناد، و119 حديثا حسن الإسناد؛ ولهذا قال ابن حجر عن هذا الكتاب: "إنه انفرد بأحاديث كثيرة صحيحة".
وبعد مسيرة حافلة بعلوم الحديث ما بين تأليف ونشر وتعليم توفي ابن ماجه في يوم 22 رمضان سنة 273هـ، الموافق 886م، وصلى عليه أخوه أبو بكر، وتولى دفنه مع أخيه الآخر أبو عبد الله وابنه عبد الله بن محمد بن يزيد.