خلايا مناعية «خائنة» تُبقي فيروس الإيدز متخفيا رغم العلاجات الحديثة
رغم قدرة الأدوية المضادة للفيروسات على خفض مستويات فيروس الإيدز إلى حد لا يمكن اكتشافه،إلا أن مرضى يظلون غير قادرين على تحقيق هذا الهدف.
وقد ألهم هذا اللغز فريقا من الباحثين في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية للبحث عن السبب، ليكشفوا عن مفتاح محتمل وراء هذه الظاهرة، وهو خلايا مناعية ذاتية التفاعل تُعرف باسم "الخلايا التائية CD4+ الذاتية".

الدراسة، التي نُشرت في مجلة "ساينس ترانسليشن ميدسين"، تابعت ثمانية مرضى لم يتمكن العلاج طويل الأمد من خفض الفيروس لديهم إلى مستويات غير قابلة للكشف. وخلص الباحثون إلى أن السبب لا يعود إلى إهمال تناول الدواء أو إلى مقاومة الفيروس للعلاج، بل إلى وجود خلايا مناعية "خائنة" تُعيد تنشيط الفيروس بشكل خفي.
فيروس مستتر لا يخضع للعلاج
وتوضح الباحثة الرئيسية د. فنغتينغ وو أن هذه الحالة تُعرف بـ"الفيروسية غير القابلة للكبح" ، وهي تعني استمرار وجود كميات صغيرة من الفيروس في الدم رغم العلاج الكامل. وقالت: "حتى مع الالتزام بنسبة 100% بالعلاج، يعاني عدد كبير من المصابين بفيروس نقص المناعة، المسببة للإيدز، من بقاء آثار الفيروس في الدم، ولا توجد حتى الآن خيارات علاجية فعالة للتعامل مع هذه الحالة."
واكتشف الباحثون أن الفيروس يستمر في الظهور لأن بعض الخلايا التائية المصابة بالفيروس تطلق مواد وراثية فيروسية (RNA) في الدم، لا يمكن السيطرة عليها عبر زيادة جرعات الدواء، والأكثر غرابة أن هذه الظاهرة قد تظهر بعد سنوات أو حتى عقود من العلاج المستمر.
وأظهرت الدراسة أن بعض المرضى احتاجوا تسع سنوات من العلاج قبل ظهور الفيروسية غير القابلة للكبح، بينما بقي آخرون أكثر من ثلاثة عقود دون أي مؤشرات قبل أن تعود مستويات الفيروس للارتفاع مجددا.
السبب الخفي.. خلايا تصنع "نسخا" من نفسها
وأشارت وو إلى أن بعض خلايا CD4+ المصابة تملك القدرة على الانقسام الذاتي لتكوين نسخ مطابقة من نفسها، وهي عملية تُعرف بالتوسع الاستنساخي ، وهذه النسخ تصبح "خزانا" دائما للفيروس، وتشكّل المصدر الرئيسي لبقاء الفيروس في الدم.
وعند تحليل محتوى هذه الخلايا، وجد الباحثون أنها تتفاعل مع بروتينات ومواد مصدرها خلايا الجسم نفسه، ما يدفعها لإعادة تنشيط الفيروس المختبئ داخلها. وفي التجارب المخبرية، لاحظ الفريق أن الخلايا التائية لدى المرضى بدأت في إنتاج مواد وراثية فيروسية ( RNA )فيروسي عند تعرضها لمستخلصات مأخوذة من خلاياهم الخاصة، وهو دليل قوي على أن الخلايا الذاتية التفاعل هي المصدر الرئيس للفيروس المستمر في الدم.

آفاق جديدة للعلاج
يقول فريق جونز هوبكنز إن هذه النتائج تفتح الباب أمام تطوير علاجات موجهة للأفراد تستهدف هذه الخلايا التائية المتمردة، ما قد يساعد على كبح الفيروس نهائياً.
وخلصت وو وزملاؤها إلى أن: "فهم تفاعل هذه الخلايا المصابة مع المستضدات المزمنة يمكن أن يمهد الطريق لعلاجات جديدة تساعد المرضى الذين يعانون من الفيروسية غير القابلة للكبح".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA== جزيرة ام اند امز