كيف يؤثر "الجنيه القوي" على استثمارات الأجانب الساخنة في مصر؟
طرح الخبراء تصورات مختلفة حول مخاطر سعر الصرف التي يمكن أن يواجهها المستثمرون الأجانب بسوق المال وطروحات السندات وأذون الخزانة المصرية
تباينت آراء مديري استثمار ومصرفيين حول تداعيات ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي على الاتجاهات المستقبلية للمستثمرين الأجانب بأسواق المال والنقد المصرية، والتي تشمل الأسهم والسندات الخاصة والحكومية وأذون الخزانة الحكومية.
وهناك معادلة أساسية تحكم الاستثمارات غير المباشرة للأجانب تستند إلى فروق العملة؛ حيث إنه في حالة ارتفاع سعر صرف العملة المحلية تنخفض قيمة تحويلات الأرباح للخارج عند بيع الأدوات المالية وترجمتها بالدولار.
- الدولار يواصل رحلة التراجع أمام الجنيه المصري
- الأخضر يفقد قرشين.. تراجع جديد للدولار أمام الجنيه المصري
وقد صعد الجنيه منذ بداية عام 2019 بمعدل 5% مقابل الدولار، في ظل صعوده من مستوى 17.86 إلى 16.97 جنيه للشراء، بفضل ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 44.2 مليار دولار، ومع نمو تحويلات المصريين في الخارج وانتعاش عائدات الصادرات والسياحة بواقع 12% و50% لكل منهما على التوالي، خلال العام الماضي.
وقال عادل عبدالفتاح، رئيس الشركة المصرية العربية ثمار للوساطة في الأوراق المالية، لـ"العين الإخبارية"، إن ارتفاع سعر صرف الجنيه انعكس سلباً بالفعل على الاتجاهات الاستثمارية للأجانب بالبورصة المصرية، خلال الفترة الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه البيعي للأجانب بسوق المال.
واستشهد عبدالفتاح بتسجيل المستثمرين الأجانب صافي مبيعات منذ بداية العام حتى نهاية الأسبوع الماضي بقيمة 1.2 مليار جنيه (تعادل 70.7 مليون دولار)، ما يعكس مخاوفهم من تكبد خسائر ناتجة عن فروق العملة.
ولكن رئيس شركة ثمار لفت إلى أن انخفاض سعر الدولار ليس السبب الوحيد وراء الاتجاه البيعي للمستثمرين الأجانب، بل إن انخفاض قيم التداول بشدة إلى ما يتراوح بين 500 إلى 600 مليون جنيه بما يوازي 29.5 إلى 35.4 مليون دولار في المتوسط بالجلسة الواحدة، يثير القلق بشأن صعوبة توافر فرص مناسبة للبيع والتخارج من السوق في أي وقت بالمرونة المطلوبة في أسواق المال.
وعلى جانب آخر، يرى أيمن أبوهند، الشريك المؤسس بشركة advisable wealth engines لإدارة الثروات بأسواق المال العالمية، أن ارتفاع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار لم يؤثر بصورة ملحوظة على القرارات الاستثمارية للأجانب بالبورصة، ومن المستبعد أن يكون هذا هو العامل الأساسي في توجهاتهم الاستثمارية بسوق المال، خلال الفترة المقبلة.
- خبراء: مكاسب الجنيه تجذب الأجانب للاستثمار في السندات المحلية
- الجنيه المصري يصعد لأعلى مستوى أمام الدولار في أكثر من عامين
وأضاف في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن عدم وجود محفزات حقيقية بالسوق وتباطؤ برنامج طروحات الشركات الحكومية أو تفعيل أدوات مالية جديدة مثل آلية الاقتراض بغرض البيع أو تفعيل بورصة السلع، تعد الأسباب الرئيسية وراء السلوك المتحفظ للأجانب إزاء سوق المال المحلية.
إلا أن أبوهند أشار إلى أن انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه له تأثير مختلف على صعيد التوجه الاستثماري المستقبلي للأجانب في سندات وأذون الخزانة المطروحة بالسوق المصرية في الفترة المقبلة؛ حيث إن ضبابية مستقبل سعر الصرف حتى نهاية العام تثير مخاوف الأجانب من مواصلة الإقبال على الاستثمار في طروحات الدين المحلية.
واختلف مع الرأي السابق، الخبير المصرفي محمود مصطفى، إذ رشح استمرار إقبال الأجانب الجيد على الاكتتاب في طروحات الدين بالسوق المصرية، نظراً لأن معدل انخفاض الدولار مقابل الجنيه يمضي بوتيرة بطيئة وليس بقفزات سعرية مقلقة، فضلاً عن أن التوقعات التي تؤيد استكمال انخفاض الدولار حتى نهاية العام تستبعد أن ينخفض الدولار دون مستوى 16.5 جنيه، وهو مستوى ليس بعيداً عن سعر الصرف الحالي.
واستقطبت مصر منذ بداية عام 2018 حتى نهاية الأسبوع الثالث من أبريل/نيسان الماضي 6.1 مليار دولار استثمارات أجنبية في طروحات سندات وأذون الخزانة المحلية، لتسجل 16.8 مليار دولار مقابل 10.7 مليار دولار في نهاية العام الماضي، بحسب بيانات وزارة المالية المصرية.
وتوقع مصطفى في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن يستمر زخم المشتريات الأجنبية، نظراً لارتفاع العائد على أذون وسندات الخزانة المصرية، بالإضافة إلى انخفاض مستوى المخاطر الاقتصادية وارتفاع تدفقات النقد الأجنبي بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته مصر منذ عامين قبل الآن.
ويتراوح معدل العائد على أذون الخزانة المصرية بين 17 إلى 18%، إذ سجل آخر الطروحات، الأحد، بقيمة 17 مليار جنيه بما يعادل قرابة مليار دولار، وبمتوسط عائد 17.57% على أذون أجل 91 يوماً، ومتوسط عائد 17.57% على أذون أجل 91 يوماً.
وبحسب مذكرة بحثية لبنك الاستثمار بلتون، فإن مخاطر تخارج استثمارات الأجانب من سندات الخزانة المصرية آخذ في التراجع، نظراً لأن السوق ما زال يوفر فرصة جاذبة للاستثمار، علاوة على تراجع معدلات التضخم وارتفاع التصنيف الائتماني.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTkuNjcg جزيرة ام اند امز