طاغور.. الروائي القديس حي بأعماله
روبندرونات طاغور يعد سبباً مهماً في تغيير الثقافة الهندية، ووصل للعالمية بعد أن أسهم في ارتقاء العادات ضمن مجتمعه.
"الخطأ هو خطأ عندما يكون لديك حرية الاختيار".. هذه واحدة من أقوال روبندرونات طاغور الشهيرة، وهو فيلسوف وشاعر هندي كتب قصيدته الأولى في سن الثامنة، ولحن أكثر من 2000 أغنية، وأول شخص غير أوروبي ينال جائزة نوبل.
يعد روبندرونات طاغور، سبباً مهماً في تغيير الثقافة الهندية، ووصل للعالمية بعد أن أسهم في ارتقاء العادات ضمن مجتمعه، حيث إنه كان يعد واحدا من الشخصيات البارزة في القرن العشرين، وكان طاغور يحظى بالهتافات والتصفيق على كامل مساحة الهند، حيث هُتف له أحيانًا "جيوروديف" أو شاعر الشعراء ومن خلال رواياته وقصصه كاملة التألق وبراعته الشعرية.
كوّن طاغور انطباعًا لا يُمحى في عقول قرّائه، حيث قام بإنتاج عمل ذي هيكلية استثنائية تمكنت من تغيير وجه الأدب الهندي، لم يكن مجرد شاعر هندي، بل وبعد عقود من الزمن على وفاته لا يزال هذا الرجل الأشبه بالقديس حيًّا من خلال أعماله وفي قلوب أهل البنغال الذين لن ينسوا فضله في إغناء تراثهم.
بداياته
من بين 13 طفلا نشأ طاغور من أبٍ كان فيلسوفًا هندوسيًا عظيمًا وواحدًا من مؤسسي الحركة الدينية "براهمو ساماج".
لقب طاغور بـ"رابي"، وكان صغيرًا جدًا عندما توفيت والدته، وبسبب غياب والده معظم الوقت، نشأ طاغور عند أقاربه المحليين، وعندما كان في الحادية عشرة من عمره، رافق والده في رحلة عبر الهند، وخلال هذه الرحلة قرأ أعمال الكثير من الكتّاب المشاهير من ضمنهم كاليداسا وهو شاعر سنسكريتي كلاسيكي مشهور، وعندما عاد نظم شعرًا طويلًا بنمط المايثيلي، وذلك عام 1877.
انتقل بعدها إلى برايتون إيست ساسكس- إنجلترا ليدرس القانون، حيث ارتاد جامعة لندن لبعض الوقت، بعدها بدأ بدراسة أعمال شكسبير.
وعاد إلى البنغال عام 1880 من دون شهادة وكله أمل في المزج بين التقاليد الأوروبية والبنغالية في أعماله الأدبية.
إنجازاته
في أثناء زيارته لممتلكات أجداده في شيلداها عام 1890 أصدر مجموعته الشعرية ماناسي.
انتقل عام 1901 إلى شانتينيكيتان حيث ألف نيفديا التي تم نشرها عام 1901، بالإضافة إلى خيا التي نشرت عام 1906 فاكتسب شهرة كبيرة بين البنغاليين.
تضاعفت شهرته في الدول التي تتكلم بالإنجليزية، بعد نشره "جيتانجيلي: عروض الأغاني Gitanjali: Song Offerings" وبعدها حصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1913، كما نال لقب الفارس من قبل المملكة البريطانية عام 1915، وقد تخلى عنه بعد مجزرة جاليانوالا باغ عام 1919، وأمضى الفترة بين مايو 1916 وأبريل 1917 متنقلًا بين اليابان والولايات المتحدة، حيث كان يعطي المحاضرات حول القومية وعن الشخصية.
وبالرغم من أن طاغور كان مشهورًا كشاعر فإنه كتب العديد من القصص القصيرة والروايات، بالإضافة إلى المقالات والرسم، قدمت قصائده وأشعاره وأغانيه وقصصه ورواياته نظرة عميقة لمجتمعه الذي انتشرت في الأفكار والمبادئ الدينية والاجتماعية كما انتشرت فيه الممارسات السيئة كزواج الأطفال، أدان فكرة وجود مجتمع تهيمن عليه الذكور، وذلك من خلال إظهاره لبعض الجوانب الحساسة والخفية في الأنثى التي كانت خاضعة لعدم اكتراث الذكور.
أشهر أقواله
إذا بكيت لأن الشمس غادرت حياتك فإن الدموع ستمنعك من رؤية النجوم.
لا تقيد الطفل بتعليمك الشخصي، فقد ولد في زمن مختلف.
هو أمر بسيط أن تكون سعيدًا، لكنه من الصعب أن تكون بسيطًا.
إن أي شيء يأتي إلينا سوف يصبح لنا إذا ما خلقنا له مساحة كافية لاستقباله.
زواجه
تزوج طاغور سنة 1883 وهو في الـ22 من العمر بفتاة في الـ10 من العمر، مرينا ليني، شبه أميّة أنجب منها ولدين وثلاث بنات.
أحبته زوجته بشدة فغمرت حياتهما سعادة وسرورا، فخاض معها في أعماق الحب الذي دعا إلى الإيمان القوي به في ديواني "بستاني الحب" .
ثم توفيت زوجته عام 1902 وازداد حزنه بعد خسارته لاثنين من أطفاله؛ هما ابنته رينوكا عام 1903 وابنه ساميندراناث عام1907.
وفاته
أصبح طاغور ضعيفًا جسديًا في السنوات الأخيرة من حياته، توفي في الـ7 من أغسطس عام 1941 وهو في الثمانين من العمر.
أثّر طاغور على جيل كامل من الأدباء والكتاب حول العالم، حيث إن تأثيره يتجاوز حدود البنغال والهند، ترجمت أعماله إلى عدة لغات مثل الإنجليزية والهولندية والألمانية والإسبانية وغيرها.