تصعيد محدود أم أزمة مفتوحة؟.. الهند وباكستان على رادار المخاوف

تصاعدٌ جديد في التوترات بين الهند وباكستان يثير مخاوف من الانزلاق نحو مواجهة واسعة، وسط دعوات دولية لضبط النفس. فهل تجد هذه النداءات صدى لدى الطرفين؟
فالهجوم المسلح الذي وقع في الشطر الهندي من كشمير والذي أودى بحياة 26 شخصا، الشهر الماضي، كان أول حادث كبير في المنطقة منذ فبراير/شباط 2019.
ومنذ ذلك الوقت، تتهم نيودلهي إسلام آباد التي تؤكد بدورها أن لا علاقة لها بهذا الهجوم الذي لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه. وتتبادل الجارتان المتنافستان منذ تقسيمهما قبل نحو 80 عاما، تهديدات خطيرة.
وأمس الأربعاء، دارت اشتباكات بالمدفعية والأسلحة الرشاشة بين الجارتين على طول خط الحدود الفاصل بين البلدين في منطقة كشمير التي يتنازعان السيادة عليها، بحسب ما أعلنت نيودلهي، بينما سارعت أطراف دولية إلى عرض التوسط بين الطرفين أو أقله الدعوة إلى ضبط النفس.
وأسفر القصف العنيف عن سقوط 31 قتيلا في الجانب الباكستاني و12 قتيلا في الجانب الهندي، في أخطر مواجهة عسكرية بين القوتين النوويتين منذ عقدين.
ما بين التفاؤل والتصعيد.. هل تنزلق الجارتان؟
فهل يؤدي تصاعد التوتر إلى انزلاق الدولتين إلى دوامة تصعيدية تنتهي باستخدام الأسلحة النووية؟
تقول "فوين بوليسي" في تحليل لها طالعته "العين الإخبارية"، إن هذا الخوف لطالما طارد الاستراتيجيين في الخارج، على الرغم من تفاؤل المسؤولين الهنود والباكستانيين حيال هذه المخاطر.
وأشارت إلى وجود أسباب تدعو إلى التفاؤل بأن أيا من الجانبين لن يصعد الموقف نحو تبادل إطلاق النار النووي.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أنه لا لا الهند ولا باكستان ترغبان في أن تُوصفا بالطرف الأول الذي انتهك المحرمات النووية لما بعد هيروشيما. علاوة على ذلك، سيؤدي استخدام الأسلحة النووية إلى دمار هائل في كلا البلدين.
ولكن!
على الرغم من هذه الحجج التي تبدو منطقية، هناك أيضا ما يدعو إلى الخوف من دوامة صراع.
أولا: تتجنب العقيدة النووية الباكستانية صراحة سياسة عدم البدء بالاستخدام. وإذا واجهت إسلام آباد ما تعتبره تهديدا وجوديا، فإنها تحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية.
ثانيا: تمتلك باكستان أسلحة نووية تكتيكية قصيرة المدى منتشرة مسبقا، ويُفترض أنها تهدف إلى صد أي توغل هندي تقليدي كبير.
في غضون ذلك، ورغم تمسك الهند طويلا بمبدأ عدم المبادرة باستخدام الأسلحة النووية، إلا أنها خفّفت من موقفها بشكل غير رسمي في السنوات الأخيرة.
ولا يزال غموض كبير يحيط بمبدأ الهند العملياتي، على الرغم من أن بعض الباحثين جادلوا بأن الهند تسعى إلى امتلاك قدرات فعلية للضربة الأولى.
تعطيل الزناد أم شبح أوروبا؟
وكانت الولايات المتحدة قد لعبت دورا رئيسيا في احتواء ونزع فتيل الأزمات الهندية الباكستانية السابقة، بما في ذلك تلك التي وقعت بعد تجاوز الدولتين العتبة النووية عام ١٩٩٨.
إلا أن واشنطن تركز هذه المرة على مجموعة من قضايا السياسة الداخلية والخارجية الأخرى، وقد لا تكون مستعدة أو قادرة على تخصيص الوقت والموارد لمنع المزيد من التصعيد.
فمنذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي، لم يكن للولايات المتحدة سفير في نيودلهي، ولم يُعيّن أي مساعد لوزير الخارجية لشؤون جنوب ووسط آسيا.
ونتيجة لذلك، وقع على عاتق وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو - الذي يشغل الآن منصب مستشار الأمن القومي المؤقت - في الغالب محاولة حث الطرفين على ممارسة ضبط النفس المناسب.
ويبقى التساؤل حول ما إذا كانت دعوة روبيو ستلقى استجابة في كلا العاصمتين، أن أن الردود المتبادلة بين الجارتين ستؤدي إلى ما يسميه خبراء الأمن تصعيدا غير مقصود - وهو شبح طارد أوروبا الغربية طويلا في مواجهتها للتهديد السوفياتي، ويلوح الآن في جنوب آسيا. وفق "فورين بوليسي".