تغير المناخ والمدن واحتجاز الكربون على رأس خطة أرفع هيئة علمية دولية
اعتمدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ برنامج العمل لتقييمها العلمي السابع، الذي تختتمه بإصدار تقرير تجميعي في عام 2029.
اجتمعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC، الأسبوع الماضي، لتحديد برنامج العمل لدورة التقييم السابعة، التي بدأت رسميًا في يوليو/تموز 2023 بانتخاب رئيسها الجديد جيم سكيا.
ناقشت الاجتماعات الجدول الزمني لتسليم التقارير الثلاثة للتقييم السابع، بجانب التقارير الخاصة الإضافية المتوقع صدورها في نهاية دورة التقييم الجديدة.
شهدت اجتماعات الدورة الستين للهيئة، التي عقدت في إسطنبول بتركيا، جدلًا بشأن الجدول الزمني، وانتهت بإرجاء الحكومات اتخاذ قرار نهائي بشأنه حتى الاجتماع التالي المقرر عقده في صيف 2024.
تضم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تأسست عام 1988، نخبة من علماء المناخ والمنظمات البحثية من جميع أنحاء العالم، وتتمثل مهمتها الرئيسية في تقييم العلوم المتعلقة بتغير المناخ، وعمل استطلاعات منتظمة للبحوث المتاحة حول العالم فيما يتعلق بعلوم المناخ.
تصدر الهيئة تقييمها العام كل 6 أو 7 سنوات، ويتضمن كل تقييم 3 تقارير منفصلة عن: أساس العلوم الفيزيائية والتأثيرات، والتكيف وقابلية التأثر، والتخفيف من آثار تغير المناخ.
نشرت الهيئة تقييمها السادس والأخير في الفترة بين أغسطس/ آب 2021، وأبريل/ نيسان 2022، والذي انتهى إلى أن العالم يتجه في مسار مكثف نحو كارثة، إذا سُمح بارتفاع درجات الحرارة العالمية، وأنه يجب اتخاذ إجراء الآن لمنع حدوث ذلك.
- ما هو الوقود الانتقالي المنصوص عليه في قرار COP28 النهائي؟
- تغير المناخ يمحو مدناً عالمية خلال عقود.. أمستردام وبانكوك في المقدمة
أزمة الجدول الزمني
من المفترض أن تصدر الهيئة العلمية الدولية تقييمها السابع بين عامي 2029 و2030، أي بعد 6 أو 7 سنوات من انطلاق دورة التقييم السابعة في منتصف 2023، وهي الفترة المتعارف عليها كعمر لدورة التقييم الواحدة.
لكن قبل المحادثات التي عقدت في إسطنبول، طلبت الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ رسميًا من الهيئة العلمية مواءمة أنشطتها وربط تقييمها السابع مع الجدول الزمني للتقييم العالمي التالي لاتفاق باريس.
اختتم التقييم العالمي الأول لاتفاق باريس في مؤتمر COP28، الذي عقد في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 13 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ينص اتفاق باريس على إجراء تقييم عالمي لتقدم الأطراف نحو تنفيذ بنود المعاهدة الدولية كل 5 سنوات، مما يعني أن التقييم العالمي التالي للاتفاق سينتهي في 2028.
بناء على ذلك، تريد الأمم المتحدة المناخ من الهيئة العلمية إنهاء تقييمها السابع لعلوم المناخ في 2028، بالتزامن مع اختتام التقييم العالمي الثاني لاتفاق باريس.
قال سايمون ستيل، رئيس هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة: "ستكون مساهمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في عملية التقييم العالمي التالية لاتفاق باريس، "لا تقدر بثمن".
لكن التزام الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالموعد النهائي في عام 2028، يعني إما تسريع عملها وإما تقصير دورة التقييم بأكملها من 7 سنوات إلى 5 سنوات.
لاقى هذا المقترح ردود فعل متباينة من الدول الأطراف المشاركة في الاجتماع، ففي حين فضلت الدول الجزرية الصغيرة وأقل البلدان نمواً وبعض الدول الغنية هذا الخيار، أعلنت مجموعة من البلدان بقيادة السعودية والهند والصين، رفضها له.
جادلت مجموعة البلدان الرافضة للاقتراح بأن تسريع برنامج عمل دورة التقييم سيجبر الهيئة على إكمال العملية العلمية "على عجل"، ولن يترك الوقت الكافي للدول النامية لمراجعة المخرجات.
قال السفير محمد نصر، كبير مفاوضي المناخ في مصر، إنه لا يعارض مبدأ إصدار الهيئة الحكومية لتقاريرها بالتزامن مع إجراء التقييم العالمي، لكن فقط إذا "لم نستعجل العلم لتقديم التقارير في جدول زمني قصير".
أضاف: "السؤال هو: هل يمكنك تقديم نفس المستوى من الجودة في عام 2028 أم لا؟ إن لم يحدث، فإن مصداقية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ستكون موضع شك".
نتائج مرضية للجميع
استمرت المفاوضات حتى صباح اليوم الأخير من الاجتماع، دون تنازلات جوهرية من الطرفين من أجل التوصل إلى اتفاق، وفقًا لما ذكره ملخص المناقشات المنشور في نشرة مفاوضات الأرض الصادرة عن المعهد الدولي للتنمية المستدامة.
في نهاية المطاف، توصل المفاوضون إلى حل وسط في اللحظة الأخيرة، واتفقوا على تكليف مكتب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهو مجموعة استشارية، باقتراح جدول زمني مناسب لتقارير التقييم السابع، وإعداد وثيقة تحدد شهر وسنة التسليم على أساس الخطة الاستراتيجية للتقييم، مع مراعاة وجهات النظر المختلفة التي تم التعبير عنها في الدورة الستين وتقديمها للأطراف في الاجتماع المقبل، الذي سيعقد في صيف 2024.
تقرر أيضًا أنه خلال دورة التقييم السابعة، ستقدم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقرير تقييم شامل يتكون من 3 مساهمات من مجموعات العمل.
يشمل محور التقرير الأوّل الأسس المادية للعلوم الفيزيائية والاحترار المناخي، فيما يتطرّق الثاني إلى التأثيرات والتكيّف وقابلية التأثر، أما التقرير الثالث فيتناول الحلول الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ والحدّ من الاحترار.
ينص القرار على إصدار التقرير التجميعي، الذي يشمل ملخصًا لنتائج التقارير الثلاثة بعد الانتهاء منها، بحلول أواخر عام 2029، مما يعني أن هذا التقرير لن يكون جاهزاً لإرشاد التقييم العالمي الثاني لاتفاق باريس، المزمع إجراؤه خلال مؤتمر الأطراف الثالث والثلاثين (COP30) سنة 2028.
كما يؤكد القرار على إصدار تقرير خاص عن تغير المناخ والمدن في أوائل عام 2027، وتقرير منهجية حول قوى المناخ قصيرة العمر بحلول عام 2027 أيضًا.
يوافق القرار على عقد اجتماع خبراء حول تقنيات إزالة ثاني أكسيد الكربون واستخدام احتجاز الكربون وتخزينه، وتقديم تقرير منهجي حول هذه التقنيات بحلول نهاية عام 2027.
كما يوافق على إنتاج تقرير متميز لمراجعة وتحديث المبادئ التوجيهية التقنية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 1994 بشأن التأثيرات والتكيف، بما في ذلك مؤشرات التكيف ومقاييسه ومنهجياته، على أن يتم تحديد نطاقها وتطويرها ومراجعتها والنظر فيها للموافقة عليها وقبولها بالتزامن مع تقرير مجموعة العمل الثانية، ومن ثم نشرها كمنتج منفصل.
قال السفير محمد نصر إنه راضٍ عن نتائج الاجتماع، مؤكدًا أن تقارير التقييم ستكون على نفس المستوى من الشمولية، وستأخذ في الاعتبار جميع الأدبيات وستسمح بالمشاركة الكاملة للدول النامية.
عبر نصر عن خيبة أمله إزاء عدم وجود تقرير خاص حول التكيف، وهو ما طلبته بعض البلدان الأفريقية، حيث وافقت الحكومات فقط على تحديث المبادئ التوجيهية الفنية السابقة.
وأشاد جيم سكيا، رئيس الهيئة، بالجهود الاستثنائية التي بذلتها اللجنة لتحقيق هذه النتيجة، التي ستمكنها من المضي قدمًا في تحديد النطاق وغيره من الأعمال التي ستكون ضرورية لتسليم المخرجات ذات الصلة بالسياسات في الوقت المناسب.
يجدر الذكر بأن اجتماعات الدورة الستين للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التي انعقدت في إسطنبول، تركيا، في الفترة من 16 إلى 19 يناير/ كانون الثاني 2024، حضرها أكثر من 375 شخصا كمندوبين عن 120 حكومة و26 منظمة مراقبة.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMTAxIA== جزيرة ام اند امز