اليوم العالمي للقضاء على الفقر 2021.. جائحة كورونا تعمق الجراح
في ساحة "تروكاديرو" بباريس، وفي 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1987، اجتمع ما يزيد على 100 ألف شخص تكريماً لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع.
الحاضرون أعلنوا أن الفقر يعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، مؤكدين الحاجة إلى التضافر بغية ضمان احترام تلك الحقوق.
ومنذئذ، يتجمع كل عام، في هذا اليوم، أفراد من شتى المشارب والمعتقدات والأصول الاجتماعية لتجديد التزامهم إزاء الفقراء والإعراب عن تضامنهم مع الفقراء حول العالم.
ويحتفل العالم، الأحد، باليوم العالمي للقضاء على الفقر، ويحمل احتفال هذا العام شعار "البناء قدما إلى الأمام: إنهاء الفقر المتواصل، واحترام الناس وكوكبنا".
وتسخر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو "خبراتها في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة الواردة في خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، وفي مقدمتها الهدف الأول المعني بـ"القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان".
توقعات البنك الدولي
قبل عام من الآن، توقع «أكسيل فان تروتسنبيرج»، المدير المنتدب لشؤون العمليات بالبنك الدولي، ومع مواجهة أزمة جائحة كورونا واستمرار التحديات المتمثلة في الصراعات وتغير المناخ، أن يشهد العالم أول زيادة في الفقر المدقع منذ أكثر من عقدين من الزمن، قائلا: إن هذا التراجع يعطي لهذا اليوم أهمية كبيرة، فهو يوم للتركيز على مضاعفة جهودنا واستعادة ما فقدناه من مناطق، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يزداد تركز الفقر.
وقدر تقرير البنك الدولي عن الفقر والرخاء المشترك الذي صدر 2020، أن ما بين 88 و115 مليون شخص وقعوا في براثن الفقر المدقع، مع ارتفاع العدد إلى 150 مليون شخص بنهاية عام 2021.
ربما ما كتبه، تروتسنبيرج، يؤكد أن الأطفال لن يذهبوا إلى المدرسة في كثير من بلدان العالم. وفي جميع أنحاء العالم، ستكون هناك معدلات أعلى للوفيات وزيادة الجوع وتراجع المياه النظيفة المتاحة.
لقد أدت الجائحة إلى وفاة أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم، ولم نر بعد نهاية واضحة لها. وأفقر الناس - في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء - هم الأكثر معاناة. وكثير ممن نجوا من الانكماش الاقتصادي في وقت سابق يُدفعون الآن إلى براثن الفقر.
كورونا والقضايا الحرجة
تزيد أزمة كورونا، وفق التقرير، من تفاقم العديد من القضايا الحرجة التي تتحدى الحد من الفقر، ولكن أولا وقبل كل شيء الصراعات العنيفة وتغير المناخ.
ويعيش أكثر من 40% من فقراء العالم الآن في البلدان المتضررة من الصراع، وهو عدد من المتوقع أن يزداد في العقد المقبل. ولتغير المناخ تأثير هائل: فقد يدفع ما بين 68 و132 مليون شخص إلى براثن الفقر بحلول عام 2030.
ولهذا السبب تركز المؤسسة الدولية للتنمية، صندوق البنك الدولي لمساعدة أشد البلدان فقرا، على تغير المناخ والهشاشة، فضلاً عن التركيز على فرص العمل والمساواة بين الجنسين والحوكمة.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، قدمت مجموعة البنك الدولي 83 مليار دولار من الاستثمارات المتعلقة بالمناخ، مما جعل البنك، أكبر مصدر متعدد الأطراف لتمويل الأنشطة المناخية. ويتعاون بقوة مع البلدان في جميع أنحاء العالم بشأن التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.
إحصائيات الأمم المتحدة
وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، لا يزال هناك أكثر من 800 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.25 دولار أمريكي في اليوم، فضلا عن أن 10% يعيشون في فقر مدقع وكثير منهم يفتقرون إلى الغذاء الكافي ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحي.
وذكرت المنظمة الأممية أن من بين 1.3 مليار شخص ممن تم تصنيفهم كفقراء هناك 663 مليونا من الأطفال دون سن 18 عاما، منهم نحو 428 مليونا هم أطفال دون سن الـ10 ويعيش 85% منهم في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
ولا يزال القضاء على الفقر بجميع أشكاله أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية، ورغم أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 1990 و2015، من 1.9 بليون نسمة إلى 836 مليون نسمة، فإن الكثيرين لا يزالون يكافحون من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
"كوفيد-19" والفقراء الجدد
التقرير الدولي يُظهر أن فقدان الوظائف والحرمان المرتبطين بالوباء في جميع أنحاء العالم يلحق الضرر بشدة بالفقراء والضعفاء بالفعل، بينما يغير أيضًا صورة الفقر العالمي جزئيًا عن طريق خلق ملايين "فقراء جدد".
علاوة على ذلك يكسر الأرضية من خلال التحليل المشترك لثلاثة عوامل يقود تقاربها الأزمة الحالية وسيوسع تأثيرها في المستقبل: جائحة "كوفيد-19" والنزاع المسلح وتغير المناخ.
ورغم أن الجائحة ستؤثر على معدل الفقر العالمي بشكل عام، فإن النساء سيتأثرن بشكل غير متناسب خاصة الفئة التي في سن الإنجاب.
بيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي توقعت أن يكون هناك 118 امرأة مقابل كل 100 رجل تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً في فقر مدقع بنهاية 2021، كما توقعت أن تتسع الفجوة إلى 121 امرأة في مقابل كل 100 رجل بحلول عام 2030.
أيضا رأت أن الجائحة قد تدفع نحو 96 مليون شخص تحت خط الفقر بنهاية 2021، نصفهم من النساء والفتيات، ما يوسع فجوة الفقر بين الجنسين والذي سيؤدي إلى زيادة العدد الإجمالي لمن يعيشون في فقر مدقع إلى 435 مليونا، مع توقعات تشير إلى أن هذا العدد لن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2030.
هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي توقعا زيادة معدل الفقر بين النساء بنسبة 9.1%، رغم أن الرقم كان من المتوقع أن ينخفض قبل الجائحة بنسبة 2.7% بين عامي 2019 – 2021.
لحظة تاريخية
هذه الأزمة العالمية هي لحظة تاريخية حاسمة. ولتحقيق تقدم في مواجهة التحديات الإنمائية، يحتاج العالم إلى الالتزام بالتعاون والتنسيق، داخل البلدان وفيما بينها على حد سواء. فيجب أن نعمل معا وأن نعمل بشكل أفضل. ولا يمكن لأي بلد أو منظمة أن تقوم بذلك بمفردها. ويجب أن نتحرك بجرأة وحسم وعلى نطاق واسع.