محكمة دولية تعاقب "جزار البلقان" وتطوي صفحة تاريخية
المحكمة الدولية الخاصة بالنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة ستغلق أبوابها نهائيا في 31 ديسمبر بعدما مثل أمامها 161 متهما.
بعد أكثر من 20 عاما على الحرب التي مزقت يوغوسلافيا السابقة، تصدر محكمة الجزاء الدولية الخاصة للنظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة الأربعاء حكمها على راتكو ملاديتش المعروف بـ"جزار البلقان"، في خطوة تطوي صفحة من التاريخ.
ويعتبر القائد العسكري الصربي السابق البالغ 74 عاما، المتهم الأخير البارز أمام هذه المحكمة التي أنشئت عام 1993 لمحاكمة الأشخاص الذين يُشتبه بارتكابهم جرائم حرب خلال حرب البلقان.
ويعتبر المدعي سيرج براميرتس "أنه أحد أول الملفات التي بررت إنشاءها".
بعدما حاكمت خلال السنتين الأخيرتين راتكو ملاديتش وحكمت على رفيقه السياسي رادوفان كرادجيتش بالسجن 40 عاما، تغلق المحكمة الدولية أبوابها نهائيا في 31 ديسمبر/ كانون الأول بعدما مثل أمامها 161 متهما.
وبذلك تُطوى صفحة من التاريخ بالنسبة ليوغوسلافيا السابقة التي شهدت على محاكمة أهمّ مرتكبي الجرائم فيها ومثلها للقضاء الدولي.
ويُعتبر الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش، الذي عُثر عليه جثة في زنزانته عام 2006 خلال محاكمته، أول رئيس دولة يمثل أمام محكمة دولية.
والجنرال ملاديتش الأخير الذي تتم محاكمته في غرفة الدرجة الأولى، متهم بقيادة حملة "تطهير عرقي" في جزء من البوسنة لإقامة دولة صربية عظمى نقية عرقيا.
وقد وجهت إليه تهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وقعت خلال حرب البوسنة (1992-1995) وأسفرت عن سقوط أكثر من 100 ألف قتيل ونزوح 2,2 مليون شخص.
وطالب الادعاء بإنزال عقوبة السجن المؤبد بحق ملاديتش.
ويقول الدفاع إن القائد العسكري السابق لم يعترف يوما بذنب اقترفه حتى ولو عبر عن "أسفه لمقتل كل بريء في جميع المعسكرات، وفي كل الإثنيات في يوغوسلافيا السابقة".
وبعد أيام من مقتل نحو 8 آلاف رجل وشاب في سريبرينيتسا في شمال البوسنة، وجهت إليه في 25 يوليو/ تموز 1995 تهمة ارتكاب مجزرة.
وأدانت المحكمة الدولية ستة متهمين من بينهم رادوفان كرادجيتش لمأساة سريبرينيتسا التي تعتبر أسوأ مجزرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ويلاحق ملاديتش أيضا لدوره في حصار ساراييفو الذي دام 44 شهرا وقتل خلاله 10 آلاف شخص معظمهم مدنيون، ولاحتجاز مئتي جندي ومراقب تابعين للأمم المتحدة العام 1995.
واعتقل ملاديتش في 2011 بعد توار استمر أكثر من عشر سنوات، في منزل أحد أفراد عائلته في صربيا ونقل إلى لاهاي ليمثل للمرة الأولى أمام المحكمة بعد أيام.
وبدا ملاديتش نحيل الجسم وعجوزا، وقالت أرملة أحد ضحايا سريبرينيتسا إن ملاديتش نظر إليها واضعا إصبعه تحت حلقه مشيرا إلى حكم إعدام بحقه.
ورفض الإدلاء بشهادته أمام ما اعتبره "محكمة شيطانية"، بعد طلب مثوله عام 2014 أمام القضاة خلال محاكمة رادوفان كرادجيتش.
والعام الماضي عند اختتام محاكمته، بدا المدعى عليه عابسا وكان يقرأ صحيفة.
وبالنسبة للمدعي براميرتس فإن ملاديتش لا يزال نفسه "منذ اليوم الأول حتى اليوم الأخير"، لكن ومع مرور السنوات، تدهورت صحته وحاله النفسية.
واستغل المحامون مشاكله الصحية مرات عدة خلال المحاكمة وهذا الشهر أيضا لإرجاء إصدار الحكم.
وقالت نائبة رئيسة جمعية أمهات سريبرينيتسا وزيبا كادا هوتيك، الإثنين، لدى مغادرتها ساراييفو إلى لاهاي لحضور جلسة إصدار الحكم على ملاديتش، "أخيرا أتت لحظة محاكمة المجرم والجزار راتكو ملاديتش".
وطالبت بإنزال "أشد عقوبة" بحق "مرتكب الجرائم"، مضيفة أن أقاربها كلهم قتلوا "فيما كانوا لا يزالون على قيد الحياة قبل وصول ملاديتش" إلى سريبرينيتسا في يوليو/ تموز 1995، و"لا نزال نبحث عن بعضهم في المقابر الجماعية لندفنهم".