رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية لـ"العين الإخبارية": الفول من أطعمة الحيوانات.. وحديث "تناكحوا تناسلوا" فهم خطأ (حوار)
غالبا ما يتم وصف الصوفيين بـ"الزُهاد" أو "الدراويش"، ويعتبرهم البعض قوما انفصلوا عن دنياهم غرقا في محبة خالقهم.
لكن حقيقة الأمر غير ذلك، فأتباع الصوفية لم ينفصلوا عن واقعهم، وشاركوا في العديد من المحطات الكبرى في تاريخ الأمة الإسلامية، بداية من فتح القسطنطينية ومحاربة الصليبيين والتتار، والمشاركة في الثورات والمقاومة الشعبية تجاه المحتلين بأنواعهم، كما يقول رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية وشيخ الطريقة العزمية، الدكتور علاء أبوالعزائم، الذي حاورته "العين الإخبارية" وتحدت عن وجهات نظره في العديد من المشاكل والأزمات المجتمعية والثقافية والاقتصادية التي تمر بها مصر.
وإلى نص الحوار:
بداية.. الوضع الاقتصادي يشغل المصريون حاليا، هل ترى سبيلا للخروج من الوضع الحالي؟
سبب الأزمة الحالية هو تراكم الديون على مصر، ولذلك فإن أي حل للأزمة الاقتصادية ينبغي أن يبدأ بسداد تلك الديون.. بالطبع الدولة المصرية وحدها لن تستطيع سداد هذه الديون مرة واحدة، لكن الشعب المصري إذا وقف بجوار الحكومة سنستطيع ذلك.
لذلك طالبت القيادة السياسية بفتح حساب في البنوك للتبرع لسداد ديون مصر، وطالبت المصريين بالتبرع بجزء من مدخراتهم المالية أو الذهبية للمساهمة في ذلك، وهذا ليس غريبا، فآباء هذا الجيل تبرعوا بشكل مماثل في أعقاب نكسة عام 1967، واستطاعت مصر بناء الجيش بالمجهود الحربي والانتصار.
وبالتزامن مع ذلك، على كل قادر أن يجود بما لديه من مال أو طعام للفقراء في محيطه، حيه أو قريته، لأن هذا حق الفقراء علينا، وليس تفضلا منا، وفي هذا الوقت أصبح الجود والتضامن الاجتماعي واجبا على كل القادرين، وعلينا إعانة الدولة على تنمية مواردها.
كيف يمكن تنمية موارد الدولة المالية من وجهة نظرك؟
نحن نهدر أكبر مورد من موارد المال في الشريعة الإسلامية وهو الزكاة، التي تقدر بعشرات المليارات الآن.
الزكاة كان يجمعها رسول الله (ص) ثم الخلفاء الراشدين وملوك بني أمية وبني العباس والعثمانيين، ومع حل الخلافة أصبحت هناك جهات كثيرة تتلقى الزكاة، وتعدد جهات جمع الزكاة جعلها لا تؤدي دورها التنموي والاجتماعي الذي أرادته الشريعة الإسلامية.
لذلك، فإن تجميع جهة واحدة للزكاة سيجعل الدولة قادرة على حل المشكلات المجتمعية الخاصة بها بصورة منظمة وحاسمة.
ما الجهة التي ترى أنها تستحق جمع أموال الزكاة؟
أرى أنه على الدولة أن تؤسس "بنك الزكاة"، ويكون له فروعا في جميع محافظات ومراكز وأحياء المدن الكبرى بالجمهورية، وهو عبارة عن مؤسسة مالية يودع فيها الأشخاص أموال الزكاة، وتُملِّك أموالا للمستحقين لا ترد بعد دراسة أحوالهم واحتياجاتهم ومشروعاتهم.
هذا المشروع سيوفر فرص عمل للشباب الذين يعملون فيه، والذين سيأخذون الأموال منها لإقامة مشروعات، وفرص عمل للخبرات التي فوق سن المعاش.
كيف ستنفق أموال الزكاة؟
أرى أن مصارف الزكاة الثمانية التي حددها القرآن، سيقوم البنك بتوظيفها وفق تعريفات عصرية، فـ"الفقير" هو من لا يجد عمل أو غير قادر على العمل، و"المسكين" هو كل شاب بلغ سن الزواج وليس له سكن يتزوج فيه، أو من فقد عمله وأصبح يعيش في الشارع.
أما "العاملين عليها"، فهم الموظفون العاملون في البنك وكذلك الإنفاق على بناء فروع للبنك وتوسعه، وأما "المؤلفة قلوبهم"، فأراهم بعض شباب المسلمين الذين لا يعرفون الكثير عن دينهم، والشباب الذي يتجه للموت في البحر الأبيض المتوسط في الهجرة غير الشرعية بدلا من أن يعيش في وطنه، فعلينا أن نعطيهم من أموال الزكاة ونوفر لهم فرص عمل ونسهل زواجهم حتى نغرس في نفوسهم حب الوطن والانتماء إليه.
أما "الرقاب"، فأرى أن استصلاح الأراضي وبناء المصانع يفك تبعيتنا للغرب وهو بذلك يعتق الوطن من التبعية، و"الغارمون" هم الأفراد أو الدولة، باعتبارها مديونة.
وأما بند "في سبيل الله"، فأرى أن ينفق على البحث العلمي بأنواعه المختلفة والتصنيع العسكري، وأخيرًا "ابن السبيل"، فيمكن إنفاق هذا البند في توفير تكاليف السفر للمستحق الذي يريد السفر للعلاج أو الدراسة، وعمل مضيفات في كل بلد لإطعام الغرباء عن البلد مجانا.
تتحدث دوما عن ضرورة تغيير سلوكيات الأفراد باعتبارها بداية لتغيير وضع الوطن.. كيف ذلك؟
هناك مفاهيم خاطئة في المجتمع يجب أن تصحح، فالبعض يرى أن الإنسان يكون نظيفا طالما البيت نظيف، حتى لو كان الشارع مليء بالقاذورات.. علينا أن نغير الثقافة ونخبر الناس أن الحفاظ على الشارع جزء من نظافة المنزل، وبالتالي سيتغير شكل شوارعنا، كما يجب التحذير من مغبة البناء على الأراضي الزراعية، لما له من أثر فادح على تقليص رقعة الأرض التي تنتج لنا الغذاء.
وفي هذا الصدد، أطالب دوما بترشيد استهلاك القمح؛ حتى لا تصبح دولتنا أسيرة لدى أعدائها أو تحت الظروف الدولية، فعلى المصريين أن يأكلوا طعام الإنسان، وأن يطعموا الحيوانات طعامها، فالفول من أطعمة الحيوانات، ولا يمد الإنسان بالطاقة، ويجعله يستهلك الكثير من الخبز، في حين أنه لو أكل نصف رغيف بمربى أو عسل، ستمده بطاقة أفضل من أكله 4 أرغفة مليئة بالفول.
وأقول للمصريين "أطعموا الفول للبهائم، واطعموا أنتم الخبز"، ولا تفعلوا العكس، توفيرا للهدر في القمح، الذي يدفعنا لاستيراده، بل إننا إذا طبقنا هذا المفهوم سيقل استيرادنا للقمح وقد نصدره، وبالتالي نوفر عملة صعبة.
ما آلية تغيير المجتمع؟
البداية دوما تكون بتصدير قدوة للمجتمع، تساهم في تغير الأفراد، وإذا تغير الفرد أصبح قدوة يقتدي به أسرته، ثم جيرانه وأقربائه، وأهل بلدته، وهكذا توسع الدائرة أكثر فأكثر.
لكننا قد نحتاج إلى رادع قانوني للتغير، وفي نفس الوقت سيكون هذا حلا لأزمة البطالة، فعلينا توظيف الشباب الذين لا يجدون عملا في هيئة تتبع الدولة تقوم بجلب قيم رسوم مخالفات الشارع بشكل فوري (من يرمي ورقة، أو يكسر إشارة مرور، أو غير ذلك)، ويكون لهؤلاء الشباب نسبة من هذه المخالفات، هذا سيجعل الشعب يلتزم، ولن تتكبد الدولة أي أموال لدفع رواتب هؤلاء الشباب، وبالتالي قد نقضي على البطالة.
ما رؤيتكم للتعليم؟
علينا دفع أبنائنا للدراسة العلمية بدلا من الدراسة الأدبية، فالدولة تحتاج إلى علماء أكثر من حاجتها إلى محاسبين ومحامين وأدباء.
وأطالب أولياء الأمور بالامتناع عن إعطاء دروس خصوصية لأبنائهم، والتبرع بجزء من قيمة هذه الدروس للمدارس من أجل تحسين رواتب المعلمين، في مقابل التزامهم بالشرح في المدارس.
وأطلب منهم الالتزام باللغة العربية في المعاملات اليومية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا نرى جيلا يقرأ القرآن ولا يفهم معانيه.
كيف ترى الزيادة السكانية وتأثيرها على المجتمع المصري؟
الدولة تدعم مبادرة "كفاية اتنين" لدفع الأسر إلى إنجاب طفلين فقط، وأنا أرى أن الأفضل إنجاب طفل واحد فقط، سواء كان ذكرا أو أنثى؛ لمدة جيل واحد، لخفض عدد السكان للنصف، ثم بعد ذلك ينجب المصريون طفلين لتثبيت العدد، حتى نستطيع ضبط هذه الزيادة التي ستأكل الأخضر واليابس.
تقليل عدد السكان للنصف سيجعل كل الخدمات والسلع رخيصة، لأنه ستكون هناك وفرة في المساكن والسلع والأراضي، وغيرها من الأشياء التي ارتفع ثمنها بسبب زيادة الطلب عليها.
بعض رجال الدين يقولون إن تنظيم النسل يتعارض مع حديث النبي: "تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة؟"، وهذا فهم خاطئ للحديث فالمباهاة بالكيف لا بالكم، هل سيتباهى رسول الله (ص) بـ1.5 مليار مسلم غير مؤثرين يعتمدون على غيرهم في الطعام والسلاح والدواء؟، بالطبع لا.
ولذلك علينا تقليل عدد السكان؛ لكي نستطيع أن نطعمهم ونعلمهم ونجعلهم مؤثرين في العالم، وفاعلين لا مفعولا بهم.. علينا أن نكون كالسيل لا غثاء السيل.. العدد القليل المتعلم المؤثر أفضل بكثير من الأعداد الكثيرة المنقادة لغيرها، وأنا أحب أن أصف هذه الكثرة غير المؤثرة بأنهم "موتى تأخر دفنهم".
وأقول بوضوح: إننا لم نعالج قضية الزيادة السكانية بإرادتنا، ستفرض علينا حلول من الغرب تعارض الشريعة الإسلامية، فسينتشر الشذوذ والمساكنة وغيرها من العلاقات التي تهدف لعدم إنجاب أطفال، فالأفضل أن نقوم بتقليل السكان طوعًا حفظًا على ديننا ودين أبنائنا.
هل تكتفون باقتراح المبادرات أم تقومون بالتنفيذ على أرض الواقع؟
الصوفية وأتباع أهل البيت دوما كانوا صالحين في أنفسهم، لكننا نعمل على جعلهم صالحين مصلحين.. أوجه أبناء الطرق الصوفية دوما إلى ضرورة نشر المفاهيم الصحيحة بين من حولهم، وأن يكونوا قدوة صالحة للمصريين بأخلاقهم وتعاملاتهم، للمساعدة في نهضة مجتمعهم.
وكإجراء عملي لهذا التغيير، نقوم بتدريس السيرة النبوية وسيرة أهل البيت، وهي بالمناسبة أول سيرة مسلسلة لأهل البيت في التاريخ الإسلامي بداية من العهد النبوي حتى الآن، من أجل أن نصدر النبي وأهل بيته وأتباعهم كقدوة للأمة في كل شيء، فيحذون حذوهم.
تغيير الفرد له ضوابط وخطوات واحدة تلو الأخرى، وكذلك تغيير المجتمع له أصول، وأرى أنه يبدأ من أسفل الهرم الاجتماعي حتى يصل إلى قمته، وليس العكس، لذلك البداية تكون بالمواطن البسيط، وأرى أن نبدأ مع الأطفال الصغار حتى نؤسسهم بشكل جيد من البداية.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMi4xOCA= جزيرة ام اند امز