خبير تربية: 3 مراحل لتربية الأبناء.. والمصارحة واجبة أثناء"المراهقة" (حوار)
تربية الأطفال من أصعب المسؤوليات التي يقوم بها الوالدان، فالبعض يربي بقهر وشدة، بينما البعض الآخر يفلت الزمام للأبناء في تسيب تام.
وما بين الطرفين يخرج الكثير من الأطفال غير الأسوياء أو الذين يعانون من مشكلات نفسية وصعوبات في التواصل. ومع أن طرق التربية تتعدد ما بين قديمة وحديثة، وبعضها يتناقض مع البعض الآخر في بعض النقاط، إلا أنها جميعا تلتقي في ثوابت مشتركة.
"العين الإخبارية" حاورت الدكتور جمال أمين، خبير التنمية البشرية، وصاحب كتاب "وقفة مع الذات لكي تكون شخصية مؤثرة"، لتقديم بعض النصائح التي تساعد في تربية الأطفال بطريقة صحيحة، حتى تكون تربيتهم بمثابة استثمار في الأطفال من الصغر يعود بالنفع على الوالدين والمجتمع في الكبر.
وإلى نص الحوار:
* بداية حدثنا عن مراحل تربية الأطفال؟
علماء التربية يستخدمون خبرًا نبويا جاء فيه: "لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثم أترك له الحبل على غاربه".
هذا الخبر يوضح لنا مراحل التربية، ملاعبة سبع سنوات، ثم تأديب سبع سنوات، ثم مصاحبة سبع سنوات، ثم تركه للاعتماد كليًا على نفسه.
في البداية لابد أن يكون للطفل فسحة من اللعب، فلا يصح أن يتم قهره وهو في سن صغيرة، وحتى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)، فقد فهم خطأ، فالضرب هنا يعني الإبعاد أو الحرمان من بعض الأشياء، وهو سر قول الله عز وجل: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ) أي يبتعدون.
في هذه المرحلة الأولى، التي هي مرحلة تكوين الشخصية والسلوك، يحتاج الطفل إلى حنان واحتواء وتوجيه بسيط.
* ماذا عن المرحلة الثانية، مرحلة التأديب؟
في هذه المرحلة لابد أن يكون الأب والأم قدوة للأولاد، يعلمونهم الطاعات بالاحتواء والحنان، ويكون التعليم بالتقليد، فلا يسب الأب ولا يقوم بتصرفات مشينة ويطلب من أولاده عدم فعلها، فعليه أن توافق أفعاله أقواله.
في هذه المرحلة لا بد أن يعزز الأب من شخصية الطفل، وما فعله في المرحلة الأولى من تربية صحيحة ستسهل عليه التعامل في هذه المرحلة.
* ما المقصود بمرحلة المصاحبة الثالثة؟
المصاحبة تعني المشاركة، أي أن يصطحب الأب ابنه معه لدور العبادة سواء كان مسجدا أو كنيسة، وإلى مجالس العلم، وزيارة الأقارب، ويعرفه على الصالحين من الناس، حتى يتأثر بهم في مجالستهم وسلوكهم.
* ما رأيك في تقاسم الآباء والأمهات لأدوار الشدة واللين؟
ليس هناك مانع من تقسيم الأدوار وتبادلها، فالأب يشد على أولاده والأم ترخي، أو الأم تشد على بناتها والأب يرخي، وكل طرف يُفهم الأطفال أن الطرف الثاني يشد خوفًا على المصلحة، فهو تنوع مطلوب ونظام تكاملي جيد.
* كيف يضبط الأب هذه المراحل في ظل تردد طفله على المدرسة واختلاطه بالناس؟
في مرحلة المدرسة لابد للأب أن يراقب أولاده وأن يقوم بتوعيتهم، ويحذر ممن يصاحب، فالمرء على دين خليله.
ويجب أن ينتبه الأب جيدًا في هذه المرحلة إلى المدارس الدينية التي تتبع جماعات متشددة؛ لأنها تحول شخصية الطفل تحويلاً كاملاً وقد تقلبه على والداه، وتجعله نافرا من المجتمع وتنزع منه الانتماء للوطن.
ويجب على الأب في هذه المرحلة أيضًا أن يتحكم في الصحبة الدينية التي يتعامل ابنه معهم، وأن يحدد المسجد الذي يتردد عليه ابنه، وينتقي المشايخ الذين يتعلم منهم الدين.
ولابد أن يكون الأب في هذه المرحلة لديه ثقافة دينية ومعرفية واسعة، بحيث يوجه أولاده، ويصحح لهم الأفكار المغلوطة إذا طرحت عليهم، لأنها مرحلة الغرس الثقافي، وما يغرس فيها ينعكس في شخصية الطفل بعد ذلك.
* كيف يتعامل الآباء مع التكنولوجيا الحديثة واستحواذها على وقت الأطفال؟
هذه مشكلة نعيش فيها جميعا، وأصبح هناك طلاق صامت في البيوت، فكل شخص يجلس منفردًا على الإنترنت.
لذلك لابد من عودة الترابط الأسري من خلال "الصلح"، والصلح هنا هو صلح النفوس بين الأب والأم والأولاد، وأن يتصالحوا في الآراء والجلوس مع بعضهم البعض، والمناقشة في كل أمورهم الحياتية.
وليس هناك مانع من منح الطفل ساعة أو ساعة ونصف لتصفح الإنترنت، مع ضرورة مراقبة ما يشاهده، لأننا لا نستطيع أن نمنعه مطلقا، ويجب على الأب أن يستخدم التكنولوجيا الحديثة لتعليم ابنه من خلال عرض بعض الفيديوهات أو المقالات المعرفية عليه وترشيح موضوعات بعينها لمتابعتها.
* بعض الأطفال يظهرون مهارات وهوايات من الصغر.. كيف يتعامل الآباء معها؟
بداية أحذر من كبت المواهب، لأن كبتها تدمير للشخصية، فيجب على الآباء تنميتها لا قتلها، خصوصًا في مرحلة الطفولة المتأخرة قبل البلوغ.
إذا ظهرت على الطفل موهبة لابد أن أوجهه لمكانها المناسب لتنميتها، سواء من خلال قصر ثقافة أو مسرح أو غيرهما، بحيث إنني أدير موهبته بدلاً من تركها بعيدة عنس فيستخدمها في أشياء غير صحيحة.
* ماذا عن ممارسة الرياضة؟
ممارسة الرياضة لابد أن تكون من الصغر، ويجب على الأب أن يعلم ابنه نوعًا من الرياضة، ويا حبذا لو كانت متوافقة مع اهتماماته، وبجانب ذلك عليه تعليمه القيادة.
ويجب على الأب ألا يمنع ابنه من ممارسة الرياضة واللعب، وإنما يجب عليه تنظيم الوقت فقط، وتحديد قسط معين من الوقت لها.
* كيف يحصن الأب عقل ابنه من الأفكار المغلوطة؟
يتم التحصين من خلال المراقبة والصحبة الدائمة، وعلى الأب الواعي أن يشارك ابنه في أفكاره وتنقلاته، ويتعرف على أصحابه، ويصاحب أصحاب ابنه، حتى يكون قريبًا منه.
وعلى الأب أن يغرس حب الوطن في طفله، حتى يسهل تعزيزه في المدارس والكليات، ويتم ذلك من خلال التأكيد على أهمية الوطن وفضله على مواطنيه.
وفي فترة البلوغ لابد أن يكون هناك مصارحة وتحذير للمراهق من خطور المرحلة، ومصارحة الأولاد تكون من الأب، ومصارحة البنات تكون من الأم، ويتم فيها مكاشفة الأطفال بطبيعة المرحلة المقبلين عليها، حتى لا يأخذون أفكارًا مشوهة من الخارج.
الكون أصبح قرية صغيرة ولو لم نعلم أبناءنا سيعلمهم الإنترنت، وهنا لابد ألا نستحي في الحق ولا نستكبر في القول، وأن نتحدث مع الأولاد بصراحة.
aXA6IDMuMTIuMzQuMjA5IA== جزيرة ام اند امز