لقد جندت إسرائيل العديد من العملاء العرب في خدمة مشروعها وأهمهم عزمي بشارة (مستشار أمير قطر) فتى الموساد
أعلنت إسرائيل هذا الأسبوع عن اكتشافها عميل تجسس لصالح النظام الإيراني، وهو غونين سيغف وزير الطاقة والطبيب والضابط والنائب السابق في الكنيست الإسرائيلي، وهو من اليمينيين التابعين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، والذي كان يتجسس منذ 2012 وحتى الآن، وقد تم تجنيده من قبل السفارة الإيرانية في نيجيريا، وقام بزيارة إيران مرتين والتقى ضباطا مهمين في جهاز المخابرات والحرس الثوري الإيراني، مما يكشف عن قدرة النظام الإيراني على اختراق النظام الإسرائيلي في العمق وفي شخصية مهمة إلى هذا المستوى؛ ولمدة ستة أعوام متواصلة رغم أنه متقاعد وتحول إلى رجل اعمال ومتهم بالفساد ودخل السجون الإسرائيلية من قبل. والسؤال المطروح في إسرائيل الآن عن المعلومات التى تم تزويدها لإيران، ومدى أهمية تلك المعلومات وتأثيرها على الصراع الدائر في المنطقة، وإمكانية تغيير الخطط والإستراتيجيات الإسرائيلية.
لكل من إسرائيل وإيران مشروع واضح في المنطقة يلتقيان فيه ويتحالفان ضد مصلحة الأمتين العربية والإسلامية، ولوبيات في مراكز القرار كواشنطن ولندن متنافسان لا متعارضان ويلتقيان لا يتخالفان في تحالف وتنافس تاريخي استراتيجي عميق
في الطرف الآخر نتذكر قصة الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، ونحن نسمع مراراً وتكراراً بين الحين والآخر من النظام الإيراني اكتشاف عشرات الإيرانيين بتهمة التجسس لصالح الموساد ودولة إسرائيل، وتقديمهم معلومات سرية وخطيرة وهامة، ثم أعدمهم النظام الإيراني، والعجيب أنهم متخصصون ومسؤولون وخبراء في المفاعلات النووية، وبعضهم رجال دين ورجال أعمال وبعضهم تم تكريمهم من النظام نفسه لتميزهم وكفاءاتهم؛ ثم يتم إعدامهم بشكل مفاجئ من النظام الإيراني نفسه دون محاكمات حقيقية أوعادلة، ومن أهمهم أحمد دبيري مسؤول قسم إسرائيل في استخبارات الحرس الثوري، وتم إعدامه مباشرة عام 2015، كما قام النظام الإيراني بتصفية شحصيات كثيرة بتهمة العمالة لأمريكا وإسرائيل. وهذا يذكرنا بالملف الكبير الذي كشفته التقارير الأمريكية في السفارة الأمريكية أول الثورة، حيث فيه الكثير من الشخصيات الدينية والسياسية التى زارت إسرائيل واُتهمت بالعمالة لها ثم تصفيتها وعلى رأسها وزير الخارجية الإيراني صادق قطب زادة، الذي أُعدم عام 1982 وإن كنا نعتقد معارضتهم لولاية الفقيه سبب إعدامهم وتصفيتهم، وليسوا كونهم جواسيس لإسرائيل كما شرحناه مسبقاً.
لقد جندت إسرائيل العديد من العملاء العرب في خدمة مشروعها، وأهمهم عزمي بشارة (مستشار أمير قطر) فتى الموساد والذي كتب مشروعه (إسرائيل في القرن الجديد) المقدم لدولة إسرائيل لتفتيت العرب وتمزيقهم طائفياً ودينياً وقومياً؛ لاسيما العراق وسوريا ومصر وعند ضعف العرب وتمزيقهم تكون إسرائيل في أحسن أحوالها، كما أعلنت الكثير من الدول العربية اكتشافها عملاء لإسرائيل لاسيما في لبنان وفلسطين، كذلك جندت إيران بعض العرب في خدمة مشروعها البغيض مثل حسن نصر الله في لبنان وعبد الملك الحوثي في اليمن، وهادى العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي و واثق البطاط في العراق.
وقد أعلن قريباً رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن حصوله على أكثر من خمسمائة ألف وثيقة عن طريق الموساد من قلب طهران عن المفاعلات النووية، أنكرت طهران في البداية ذلك ثم اعترف لاحقاً رئيس الجمهورية حسن روحاني بفقده الوثائق المهمة وأموالاً بالعملة الصعبة مما يكشف عن حقيقة تلك الوثائق الهامة حول المفاعلات النووية الإيرانية، وقدرة الموساد على الوصول في العمق الإيراني للحصول على أهم الملفات السرية، وهي أخطر بكثير مما حصلت عليه إيران.
هذه الإعلانات من الطرفين الإسرائيلي والإيراني هي جزء من حرب الجواسيس بينهما، والتي بدورها تمثل جزءاً من صراع النفوذ والهيمنة، ولاسيما في القدرة النووية والأسلحة والقدرات التي يمتلكها كل طرف مقابل الطرف الآخر ونفوذه وتوسعه وأهدافه.
كل من الطرفين الإسرائيلي والإيراني يريد شيطنة الآخر، وإظهار نفسه بالمظلومية والضحية رغم اعتقادنا بالعكس بل والتقارب والتحالف بين النظامين الإسرائيلي والإيراني كما هو معلوم، وقد شرحناه في كتابينا (إيران من الداخل) و (الإمبراطورية الفارسية صعود وسقوط)، لذلك تكون حرب الجواسيس من باب التنافس في الهيمنة والسيطرة لكل منهما على المنطقة وتوسعة نفوذهما فيها.
والحقيقة التي ينبغي معرفتها والتأكيد عليها هو التشابه الكبير جداً بين النظامين الإيراني والصهيوني، فهما يشتركان كثيراً في المبادئ والعقيدة والأهداف، خصوصاً ادعائهما المظلومية لتظهر نفسها أمام العالم كمظلوم بحاجة إلى مساندة العالم، والحقيقة هي العكس فهم الظالمون الذين يرتكبون مختلف المجازر والظلم والجرائم المشهودة أمام العالم كله.
فهدف إسرائيل هو إعادة الهيكل وإقامة مملكة اليهود العالمية، ومن هنا تظهر أهمية القدس دينياً وتاريخياً وما أشبهه بهدف إيران من احتلال مكة والمدينة (كما أغار القرامطة عام 317 هجرية بسرقة الحجر الأسود من مكة المكرمة 22 عاماً) والإشراف على البقيع (وفيه مراقد أربعة أئمة أهل البيت: الحسن المجتبى، علي بن الحسين، محمد الباقر، وجعفر الصادق).
الآن وفي عالم التكنلوجيا والإنترنت والفضائح والإعلام باتت الخصوصيات معدومة، وانكشفت الأسرار بشكل متتابع لتوضيح الصورة كاملة واللعب على المكشوف أمام العالم في مختلف أبعاده.
فلكل من إسرائيل وإيران مشروع واضح في المنطقة يلتقيان فيه ويتحالفان ضد مصلحة الأمتين العربية والإسلامية، ولوبيات في مراكز القرار كواشنطن ولندن متنافسان لا متعارضان ويلتقيان لا يتخالفان في تحالف وتنافس تاريخي استراتيجي عميق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة