إيران وإسرائيل.. أعداء بـ"الأقوال" وحلفاء بـ"الأفعال"
إيران تعادي إسرائيل بالتصريحات وتتحالف معها إستراتيجيا بسياسة إضعاف دول المنطقة.
على مدى عقود استطاع النظام السوري وأذرعة الإعلامية إقناع أغلب السوريين، بل حتى بعض العرب، بأنه عدو مبين لإسرائيل، مع أن الواقع قد يكشف غير ذلك.
فالنظام السوري، الذي أسرف خلال السنوات الخمس الماضية في استخدام الصواريخ والبراميل المتفجرة، لم يوجه طلقة واحدة طيلة 40 عاما إلى إسرائيل، بل كانت المستوطنات الإسرائيلية على الحدود السورية أفضل مكان آمن للاستجمام بالنسبة للإسرائيليين.
السياسة نفسها يمارسها الحليف الإيراني للنظام السوري، والذي لا تكاد تخلو تصريحات أي من مسؤوليه من صب اللعنات على العدو الصهيوني، لكن في المقابل فإن سياسات النظام الإيراني تصب في صالح هذا العدو.
آخر تلك التصريحات كانت على لسان مستشار وزير الخارجية الإيراني، حسين شيخ الإسلام، والذي قال، الأحد 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في تصريحات نقلتها وكالة "تسنيم" الإيرانية: إن توسيع إنتاج الصواريخ الإيرانية خارج الحدود يهدف إلى مواجهة "تنامي الخطر الإسرائيلي في المنطقة"، حسب وصفه.
وقبل هذا التصريح بثلاثة أيام، فاجأنا اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الإيرانية، بقوله: إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية قامت بصناعة صواريخ في مدينة حلب السورية وأن هذه الصواريخ استخدمت لضرب أهداف ومواقع إسرائيلية".
وحتى كتابة هذه السطور، لم تعلن إسرائيل استهدافها بصواريخ إيرانية، كما لم تشر أي من وكالات الأنباء الدولية من قريب أو بعيد لحدوث ذلك، وهو ما يكشف بوضوح عن "المتاجرة الإيرانية" بالعداء لإسرائيل، والترويج لطهران على أنها الحصن المنيع في مواجهة أطماع العدو الصهيوني التوسعية في المنطقة، بينما الواقع أنها ربما تكون حليفه الإستراتيجي.
والتحالف الإستراتيجي بلغة العلوم السياسية، يعني الالتزام بمجموعة من المبادئ المشتركة والسعي بين الأطراف المتحالفة لحفظ المصالح المشتركة وتطويرها بما يخدم مصالح بلادهم.
وليس شرطا، أن يكون التحالف الإستراتيجي بين الأطراف معلنا، بل في أحيان كثيرة ما يقال في العلن يحدث عكسه خلف الجدران المغلقة، وهو ما يبدو واضحا في الحالة الإيرانية.
ففي الوقت الذي تتاجر فيه إيران "علنا" بعدائها للعدو الصهيوني، نجدها في المقابل تقدم خدمة جليلة له عبر سياستها لإشاعة الفوضى في العالم العربي.
ولم يعد سرا، ذلك الدور المريب الذي تلعبه إيران في اليمن من خلال دعمها للحوثيين بالسلاح، وهو ما أقرت به وكالة أنباء فارس الإيرانية.
وأعلنت وكالة أنباء "فارس"، في 4 نوفمبر الجاري، تزويد إيران مليشيات الحوثي في اليمن بصواريخ إيرانية الصنع.
وقالت الوكالة باللغة الفارسية: "إن أنصار الله في اليمن (الحوثيون) استهدفوا معسكرا سعوديا شرق اليمن بصاروخ (زلزال 2) إيراني الصنع".
ويكفي متابعة وكالات الأنباء الإيرانية لتشعر بمدى البهجة والسعادة التي تظهر في تقاريرهم التي تتحدث عن استهداف مليشيات الحوثيين لمناطق سعودية، بما يبعث برسالة لا تقبل الشك أو التأويل مفادها أن الدعم الإيراني للحوثيين هدفه النيل من السعودية، فهل هذا هو السبيل للانتقام من العدو الصهيوني؟!
الأمر نفسه يظهر بشكل أكثر وضوحا في سوريا، حيث أدى التدخل الإيراني الفج هناك، إلى تعقيد الأزمة.
وتعتبر إيران سوريا هي المحافظة رقم 35 الإيرانية، كما قال رئيس غرفة التخطيط للحرس الثوري الإيراني، مهدي طائب، في 8 مارس 2015.
ووصف مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي القتال الدائر هناك بأنه "حرب الإسلام على الكفر"، وقال في تغريدة نشرها يوم 22 فبراير 2016، عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر: "باب الشهادة الذي أغلق بانتهاء الحرب الإيرانية العراقية فتح مجددا في سوريا، وأن الشباب طلبوا بإصرار السماح لهم بالذهاب إلى جبهات القتال حيث يقاتل الإسلام فيها الكفر، كما كان أيام الحرب الإيرانية العراقية".
ومنذ بداية الأحداث في سوريا، قتل مقاتلو إيران الآلاف، كما سقط منهم المئات، فهل هذا هو أيضا السبيل للانتقام من العدو الصهيوني؟!
وليس ببعيد عن هذا المشهد ما يحدث في العراق، واعترف جمعة الجميلي، القائد في مليشيات الحشد الشعبي، في 20 مايو الماضي، بتلقي قوات الحشد دفعة من منظومة صواريخ القاهر الإيراني.
كما تعلن وسائل الإعلام العراقية من حين لآخر وصول قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إلى العراق لإدارة المعارك هناك، فهل طهران تنتقم من العدو الصهيوني، بتعقيد المشهد في العراق؟!
الإجابة عن هذا السؤال وما قبله من أسئلة، تقودنا إلى نتيجة منطقية، وهي أن إيران تعادي إسرائيل بالتصريحات "والأقوال" وتتحالف معها إستراتيجيا بسياسة إضعاف دول المنطقة.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xNjAg جزيرة ام اند امز