منظمة: النظام الإيراني اعتقل 1.7 مليون شخص في 40 عاما
أدلة جديدة تؤكد تورط طهران في إعدام 4 آلاف سجين، والمنظمة تحيل ملف المعتقلين لمفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والجنائية الدولية
كشف تقرير صادر عن مكتب واشنطن لمنظمة مراسلون بلا حدود الدولية، عن قيام السلطات الإيرانية باعتقال وسجن 1.7 مليون إيراني، منذ 1979 (40 عاماً) بينهم ما لا يقل عن 860 صحفيًا.
وأوضح التقرير أن المعتقلين كانوا إما حقوقيين في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة وإما دعاة في مجال حقوق الطلاب والعمال والأقليات الدينية أو حتى نشطاء بمجال الحفاظ على البيئة، فضلا عن المعارضين السياسيين والقادة الدينين المعارضين، والأكاديميين المناهضين للنظام الحاكم، وصناع الأفلام والصحفيين والمدونين وغيرهم.
- تحذيرات حقوقية محلية ودولية من إعدام معتقلي انتفاضة إيران
- بالوثائق.. نظام الملالي أمر بفتح النار على المحتجين
كما كشف التقرير، الذي أصدرته المنظمة الدولية بالتزامن مع الذكرى الـ40 للثورة الإيرانية، استنادا لتقارير مسربة من داخل الجهات القضائية الإيرانية في طهران، أن 61 ألفا و940 سجينًا سياسيًا قد اعتُقلوا خلال فترة الثمانينيات فحسب، نسبة كبيرة منهم ممن تقل أعمارهم عن 20 عاما.
وأفصح التقرير عن نتائج تتعلق بإصدار أوامر من الخميني في 1988 بإعدام 4 آلاف سجين سياسي، وهو ما يعد دليلا جديدا على تورط النظام الإيراني بكامله في تلك المذبحة، التي تعد جريمة كبرى تستوجب المساءلة في المحكمة الجنائية الدولية.
توثيق الجرائم
وقال كريستوف دلوار، الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، إن "وجود الملف القضائي الإيراني بحوزة المنظمة، لا يؤكد فقط كذب النظام الإيراني بادعائه أن سجونه لا تضم سجناء سياسيين أو صحفيين، وإنما يظهر أيضًا الأساليب القمعية التي استخدمها النظام على مدى 40 عامًا في اضطهاد وقمع شعبه بسبب آرائهم الشخصية".
وكشف أن "المنظمة الدولية ستقوم بإحالة المعلومات التي تحت أيديها إلى مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باتشيليت، حتى يمكن محاسبة النظام الإيراني".
وقالت الدكتورة شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، عضو لجنة الإشراف على كيفية استخدام البيانات المسربة من بيانات الجهاز القضائي الإيراني، إن "البيانات التي حصلت عليها المنظمة تشير بوضوح إلى أن النظام الإيراني بأرقامه هو نفسه، اعتقل ما يقرب من 1.7 مليون شخص من جميع فئات المجتمع الإيراني، رجالا ونساء وقاصرين وأعضاء أقليات دينية وعرقية وأشخاصا متهمين بجرائم غير سياسية وسجناء رأي، بما في ذلك خصوم النظام والصحفيون".
وأوضحت عبادي، التي تحمل الجنسية الإيرانية، أنه بعد فحص محتويات الملف اتضح وجود أدلة لم تكن غير متوفرة سابقًا على جرائم حاول النظام القضائي الإيراني إخفاءها أو تمويهها، كما ألقت الضوء على الظروف التي احتُجز فيها بعض الصحفيين والتهم الموجهة إليهم.
سجن للصحفيين
وتابع التقرير الدولي أن منظمة "مراسلون بلا حدود" لديها بيانات 860 صحفيًا تم اعتقالهم في إيران بسبب عملهم، وفي بعض الحالات أعدمهم النظام الإيراني وذلك منذ 1979، وتم عمل ملف لكل شخص، يحدد اسم وتاريخ ومكان الميلاد والجنس والجنسية وتاريخ الدخول في السجون الإيرانية، وتاريخ الاعتقال، والسلطات المسؤولة عن الاعتقال، وتهم المحكمة ومكتب المدعي العام المعنية، وتاريخ الحكم.
ونبه إلى أن هذه البيانات تعد ضرورية لتوثيق انتهاكات النظام الإيراني، تمهيدا لمساءلته بعد ذلك.
وأشارت المنظمة إلى أن "من بين أولئك الذين تظهر أسماؤهم في هذا المعلومات التي تقع تحت أيدي المنظمة الدولية صحفيين معروفيين في طهران مثل فرخ سرخيحي، ورضا علياني، وتاجي رحماني، وأكبر غانجي، وجيلا بني يعقوب، وابن ماري بهامان أهادي أموري، وسعيد ماتينبور، ومحمد صدغ كابودفاند، وهنغامي شاهدي، ونرجس محمدي، وأحمد زيداوي، وأخيرا مثال فارخي سارخيهي، الذي اختطفته المخابرات الإيرانية في ٣ نوفمبر ١٩٩٦ في مطار طهران أثناء توجهه إلى ألمانيا، وأنكر النظام الإيراني كعادته أي صلة باختفائه".
وكشف التقرير عن أن 4 على الأقل من الصحفيين الذين اعتقلوا في إيران تم إعدامهم خلال وقت لاحق.
كما كشفت الملفات عن وفاة المصورة الإيرانية-الكندية زهرة كاظمي، متأثرة بجروح أصيبت بها جراء التعذيب الذي تعرضت له في سجن إيوين في طهران عام 2003، بعد أن التقطت صورا لعائلات كانت تنتظر أمام السجن، ونفت إيران أي صلة بالحادث.
وتابع التقرير، أن أكثر من 6 آلاف شخص اعتقلوا بسبب التظاهر احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في 2009 واتهموا "بممارسة أنشطة ضد الأمن القومي".
التقرير أشار أيضا إلى أن الأجهزة القضائية الإيرانية حاولت إخفاء الحقيقة عبر طمس هوية المعتقلين السياسيين، لذا لا تظهر كلمة "صحفي" في الملفات المسربة، ما يجعل من الأسهل على النظام أن يدعي أنه لا يحتجز أي صحفي، أو على نطاق أوسع، أي سجين رأي.
وأوضح التقرير أن ذلك يؤكد تورط النظام القضائي الإيراني في الجريمة، حيث تتم التغطية على انتهاكات النظام بشكل متعمد من أجل دحض النقد وخداع الهيئات الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" أنها عكفت على توثيق كل حالة على حدة، حيث كان النظام الإيراني يعتقل الصحفيين بتهم زائفة مثل "التعاون مع دولة أجنبية"، أو "النشاط ضد الأمن الداخلي"، أو "الدعاية المناهضة للحكومة" أو "التجسس"، أو "إهانة المقدسات" أو "إهانة المرشد الأعلى" وفي الحالة الأخيرة تم رصد حبس ما لا يقل عن 57 صحفياً في تهم من هذا النوع.
وأوضح تقرير المنظمة الدولية أن معظم هؤلاء الصحفيين حرموا من حقوقهم الأساسية، ووضعوا في عزلة، ومنعوا من تعيين محامٍ أو التحدث إلى أحدهم، بل ومنعوا من التحدث بانتظام مع أسرهم، كما حُرموا من الرعاية الطبية وتعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب.