"الأصول السامة".. مظهر آخر للانهيار الاقتصادي في إيران
الأصول منخفضة القيمة والتي ليس لها سوقٌ للتداول سواء بالبيع أو الشراء، المعروفة بـ"الأصول السامة"، تسيطر على البنوك في إيران.
تسيطر الأصول منخفضة القيمة والتي ليس لها سوقٌ للتداول سواء بالبيع أو الشراء، والمعروفة بـ"الأصول السامة"، على معظم القطاع البنكي في إيران، والتي تشير بجلاء إلى أحد مظاهر انهيار الاقتصاد افي هذا البلد.
وتشكل "الأصول السامة" ما بين 40-45% من إجمالي الأصول البنكية، وفقًا لما ذكرته صحيفة "دنياي اقتصاد" الإيرانية استنادًا إلى بيانات رسمية، منها نحو 15% أصولًا غير منقولة مثل الأراضي والمباني، بينما تضم باقي الأصول القروض غير العاملة والدين الحكومي.
وأشار تقرير نشره موقع "المونيتور" الأمريكي، إلى أنه في 26 فبراير/شباط الماضي حصلت الحكومة الإيرانية على الضوء الأخضر من أعضاء البرلمان لبيع ممتلكات زائدة مملوكة لوزارتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعمل والرفاه الاجتماعية قيمتها ما مجموعه 10 تريليونات ريال في السنة المالية الإيرانية، التي بدأت في 21 مارس/ الجاري.
ومن المتوقع أن تساعد الأموال الواردة في دعم "بوست بنك إيران" المضطرب و"بنك التنمية التعاوني"، حيث ستمتلك الوزارتان أيضًا الحق في بيع جزء محدد من أصولهما بموجب قانون الخصخصة في السنة الإيرانية الحالية.
ولا يوجد أي بيانات رسمية متاحة عن الأصول الثابتة للبنوك، ولكن يُقدر تقرير نشره موقع "صراط نيوز" الإيراني في ديسمبر/كانون الأول الماضي، القيمة الإجمالية للممتلكات غير المنقولة المملوكة لـ 31 بنكًا إيرانيًا ومؤسسة ائتمانية بـ 448 تريليون ريال، دون تقديم أي تفاصيل عن الممتلكات الفائضة.
وتلتزم البنوك والمؤسسات الائتمانية بموجب قانون "إزالة الحواجز أمام الإنتاج"، ببيع 33% على الأقل من أصولها الفائضة في السنة المالية المنتهية في 20 مارس/آذار الجاري، ولكن يقول الخبراء إنهم فشلوا في القيام بذلك لسببين رئيسيين، وهما الحالة الراكدة لسوق العقارات، ومعارضة البنوك لبيع الممتلكات بأي ثمن.
وقال المديرون التنفيذيون للبنوك إن الممتلكات التي عرضوها تم تسعيرها بأرقام تنافسية بما فيه الكفاية، مبررين فشلهم بضعف الطلب، ومن ثم قررت البنوك في النهاية إيجاد طريقة قانونية لتأجيل عملية البيع.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي كتب المجلس التنسيقي للبنوك المملوكة للحكومة، والمجلس الأعلى لرابطة المصارف الخاصة، ومؤسسات الائتمان، رسالة مشتركة إلى النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جاهانجيري يطلبون فيها بتمديد الموعد النهائي لبيع ممتلكاتهم الفائضة لمدة سنة على الأقل، وفقًا لما ذكرته وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء في 24 ديسمبر/كانون الأول.
وأثار هذا الطلب انتقادات تقول إن البنوك تساوم من أجل الحصول على حق "غير قانوني"، وقال الأكاديمي وخبير العقارات فرهاد بيزائي لوكالة مهر الإيرانية للأنباء في 28 ديسمبر/كانون الأول إن "الطلب يكون مرتفعًا بما فيه الكفاية إذا كانت الأسعار منخفضة بما فيه الكفاية".
في هذا السياق، يتهم البنوك على نحو فعال بإهدار الوقت ليتمكنوا من بيع الممتلكات بأسعار أعلى العام المقبل.
وقال مدير تطوير الأعمال والاستثمار في مجموعة كارفارين للاستثمار شاهراد باديدار، بحسب موقع المونيتور، إنه واثق بأن العديد من زملائه في القطاع المصرفي كان لديهم نية لبيع الممتلكات الفائضة ولكن السوق يشهد فائضًا في المعروض.
وأوضح باديدار أنه يرى زيادة في الطلب في الأسابيع الماضية مع اقتراب السنة الإيرانية من نهايتها، متوقعا أن سوق العقارات يشهد صعودًا، معربًا عن آماله بأن بيع الممتلكات الفائضة سوف يكتسب زخمًا في الأشهر المقبلة.
وأشار باديدار إلى أن عددًا من البنوك وشركات الاستثمار، من بينها مجموعة كارفارين للاستثمار، باعت بالفعل بعض الممتلكات في الأيام والأسابيع الأخيرة ولكن "على أقساط"، موضحا أنه في مثل هذه الحالات، يتم تسجيل أرباح المبيعات والإبلاغ عنها في هذه السنة الإيرانية، ولكن يجب أن تبقى الممتلكات في القوائم المالية حتى العام المقبل عندما يتم دفع الأقساط المتبقية بالكامل ونقل الوثائق ذات الصلة إلى المشترين.
وعلى الرغم من الشكاوى بشأن حالة الركود في سوق العقارات، توضح البيانات الرسمية أن مبيعات المنازل في طهران شهدت ارتفاعًا بنسبة 6.5% في الشهور الـ 11 الأولى من السنة الإيرانية الماضية مقارنة بنفس الفترة العام الأسبق، وفقًا لموقع "نامة نيوز" الإيراني، كما ارتفع متوسط سعر الشقق لكل متر مربع في العاصمة بنسبة 5.4% .
ومع ذلك، لا يزال ارتفاع الأسعار أقل بكثير من قيمة الودائع الذي تقدمها البنوك والتي تصل إلى 15٪، ومن ثم يقول المصرفيون إن الإيرانيين ليسوا مقتنعين بعد ببدء الاستثمار في العقارات سواء المباني السكنية أو التجارية.
وبينما اقترح عدد من الخبراء إجراء مبيعات بلا مزادات وعمليات التأجير المنتهي بالتملك بمثابة حلول لسوق العقارات السكنية والتجارية والصناعية الراكد، يظن آخرون أن التيسير الكمي –كما استخدم في الولايات المتحدة بعد الأزمة المالية في 2008– هو أفضل خيار لحماية كل من البنوك وقطاع التصنيع.
وهنا يتم حث البنك المركزي الإيراني على الشراء المؤقت للممتلكات الفائضة للبنوك حتى انتهاء الركود، والتي غالبا ما ستكون مبانيَ ومصانع وافقت البنوك عليها بمثابة رهن في العقد الماضي، وبالتالي يمكن للبنك المركزي إعادتها لملاكها الأصليين في إطار عملية تدريجية مع انتعاش الاقتصاد فيما بعد.
وفي حوار مع وكالة فارس الإيرانية للأنباء في 26 فبراير/شباط الماضي، قال المدير التنفيذي السابق لبنك صادرات بهاء الدين حسيني هاشمي، إن التيسير الكمي بإمكانه إنقاذ البنوك مع تقديمه كميات كبيرة من رأس المال لهم.
وتبدو وجهة نظره منطقية للوهلة الأولى، إذ سوف يساعد رأس المال الوارد على مزيد من خفض أسعار الفائدة، وزيادة المعاملات المصرفية وتعزيز الإقراض للتصنيع، مما يساعد الاقتصاد على التعافي في نهاية المطاف.
مع ذلك، يظل السؤال هو كيف سيتمكن البنك المركزي الإيراني -الذي يعاني بالفعل من ضغوط لتمويل عجز الموازنة في الحكومة- من طرح برنامج التيسير الكمي البالغ تكلفته مليارات الدولارات.